قتلى وجرحى في حماه وحمص وكمين مسلح في درعا يسقط 4 من الأمن

ناشطون لـ«الشرق الأوسط»: الجيش السوري يخفي عناصره وآلياته عند دخول المراقبين

صورة من أحد مواقع المعارضة السورية لدبابة يقال إنها موجودة في محيط منطقة بابا عمرو بحمص
TT

أفادت الهيئة العامة للثورة السورية أن 6 أشخاص سقطوا بالأمس برصاص قوات الأمن السورية، بينهم اثنان توفيا تحت التعذيب، وسقط 3 قتلى برصاص الأمن في حماه التي تشهد احتجاجات واسعة وعمليات أمنية قبل توجه وفد المراقبين إليها.. كما قتل شخصان في حمص، كلاهما تحت التعذيب، أحدهما في حي بابا عمرو الذي يتعرض إلى إطلاق نار عن طريق رشاشات ثقيلة والآخر في الرستن.

وقال ناشط من بابا عمرو لـ«الشرق الأوسط» إن «الطفل أحمد الراعي، ابن الخمس سنوات، سقط ضحية قنص قوات الأمن السورية على المنطقة، كما قتل المواطن نضال البني من السلطانية، الذي استخدمه الجيش السوري كدرع بشرية للدخول إلى المنطقة».

وأوضح الناشط أن «الجيش السوري وقبل دخول المراقبين إلى المنطقة أخفى أسلحته وعناصره في المدارس وفي المدينة الجامعية ومسجد البطار، كما في المناطق الزراعية المتاخمة»، موضحا أنه «لم يسمح للمراقبين بزيارة كل الأحياء وخاصة الأحياء التي تشهد أكبر نسب من الدمار والخراب».

وفي حماه، قال الناشط السوري أبو غازي لـ«الشرق الأوسط» إن «الناشطين يقومون بجهدهم للتجمهر في ساحة العاصي تزامنا مع وصول بعثة المراقبين اليوم إلى المنطقة»، كاشفا عن «سقوط عدد من الضحايا أثناء محاولتهم خرق الحاجز الأمني الذي تفرضه قوات الأمن على الساحة»، وأضاف: «في بادئ الأمر جوبه الناشطون بالقنابل المسيلة للدموع، ولكنهم بعد أن تصدوا لقوات الأمن بالحجارة تم إطلاق الرصاص عشوائيا فسقط شهيد من حي البارودية».

وأوضح أبو غازي أن «الناشطين متحمسون لوصول المراقبين ويسعون جاهدين لتخفيف الضغط عن أهالي حمص وحماه، من خلال كسر الحصار عن ساحة العاصي لاحتلال الساحة والتجمهر فيها».

في هذا الوقت، ذكرت لجان التنسيق المحلية أن دوي إطلاق نار سمع بشكل متقطع في المنطقة الشرقية من مدينة الحراك في درعا، كما شوهدت في الزبداني في ريف دمشق أكثر من خمسين سيارة محملة بالجنود، توقفت في قرية معدر.

وفي حماه أطلقت قوات الأمن النار بشكل كثيف إلى جانب تعزيزات أمنية في قرية الرحبة، وفي إدلب انقطع التيار الكهربائي بعد سماع دوي انفجار ضخم قرب أحد المعسكرات. أما حمص فشهدت إطلاقا كثيفا للنار من قبل قوات الأمن، وفي بانياس أقدمت قوات الأمن على تحطيم واجهات المحال التجارية والسيارات، أما دير الزور فقد شهدت قصفا عنيفا طاول منطقة الجورة في ظل إضراب شامل يعم المدينة.

وفي إدلب هز محيط مدينة سراقب انفجاران تلاهما إطلاق نار كثيف، بينما تشهد عدد من مدن المحافظة انتشارا كثيفا لقوات الأمن التي قامت بإحراق عدد من المنازل بعضها لناشطين.

من جهة أخرى أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل 4 عناصر من الأمن وإصابة 12 آخرين في كمين مسلح نفذته مجموعة منشقة في محافظة درعا.

وأعلن المعتقلون في سجن حمص المركزي إضرابا مفتوحا عن الطعام وعن تقديم طلبات إخلاء السبيل، حتى وصول لجنة المراقبين إلى السجن المركزي، ومن أبرز المعتقلين في السجن الناشط السياسي نجاتي طيارة والصحافيان محمد منلي وسهيل شوفان والمحامي نصر المصري.

من جهة أخرى، استدعى تصريح رئيس بعثة المراقبين العرب محمد مصطفى الدابي الذي أعلن فيه أن المراقبين لم يروا شيئا مخيفا في حمص والوضع مطمئن، ردود فعل مستنكرة ولا سيما على لسان المعارضة السورية والمجلس الوطني، مع ما رافقه من معلومات تضمنها تقرير منظمة «هيومان رايتس ووتش» التي اتهمت السلطات السورية بـ«نقل مئات المعتقلين إلى أماكن غير عسكرية بغية إخفائهم عن أعضاء بعثة المراقبين».

وقد قال الدابي في حديثه لـ«رويترز»: «كان الوضع في بعض المناطق (تعبان) لكن أعضاء الوفد لم يروا شيئا مخيفا في مدينة حمص»، لافتا إلى أن فريقه يحتاج إلى مزيد من الوقت لتفقد حمص قبل إصدار حكم نهائي، وتابع: «الوضع كان هادئا ولم تكن هناك اشتباكات أثناء وجود البعثة».

وبحسب المعلومات التي توفرت فإن بعثة المراقبين ستواصل عملها اليوم في كل من مدن درعا وإدلب وحماه.

وفي حديثه لـ«الإخبارية السورية» أكد الدابي أن البعثة رأت مسلحين في حي بابا عمرو، وقال: «نحن رفضنا مرافقة الإعلام لنا». وعن فقدان الشارع السوري الثقة بالبعثة، قال: «سنعمل على إعادة الثقة للشارع السوري وعلى نقل الحقيقة كاملة».

من جهتها، رأت منظمة «هيومان رايتس» في بيانها، أن «سوريا أظهرت أنها لن تتوانى عن القيام بأي شيء لتقويض مهمة المراقبة المستقلة لحملة القمع التي تنفذها». كما دعت المنظمة الجامعة العربية إلى الإصرار على الدخول بشكل كامل إلى كل المواقع السورية المستخدمة للاعتقال بما يتماشى مع اتفاقها مع الحكومة السورية. واعتبرت أن «حيل سوريا تحتم على الجامعة العربية رسم خطوط واضحة في ما يتعلق بالوصول إلى المعتقلين، وإعلاء الصوت عند تخطي هذه الخطوط».

ونقلت المنظمة عن ضابط أمني سوري في حمص قوله: إنه «بعد توقيع الحكومة السورية على بروتوكول الجامعة العربية تلقى أوامر من مدير السجن الذي يخدم فيه بالمساعدة على نقل معتقلين». وقدر أنه «بين 21 و22 ديسمبر (كانون الأول) الحالي نقل نحو 400 إلى 600 معتقل إلى أماكن اعتقال أخرى».

وذكر الضابط أنه قيل له إن «المعتقلين سينقلون إلى مصنع صواريخ عسكري بمنطقة زيدل خارج حمص»، مشيرا إلى أن «الحكومة السورية أصدرت إلى مسؤولين عسكريين بطاقات هوية تفيد بانتمائهم إلى قوات الشرطة». واعتبرت المنظمة أن «هذا الأمر ينتهك مبادرة جامعة الدول العربية التي تدعو الحكومة السورية إلى سحب قواتها المسلحة من المدن والمناطق السكنية».

كما تحدثت المنظمة إلى معتقل أكد أنه « تم نقل معتقلين آخرين من حمص ليل 10 ديسمبر»، مشيرا إلى أن «نحو 150 معتقلا نقلوا فجرا».. مؤكدا أن «هؤلاء المعتقلين ليسوا مجرمين، بل أشخاص عملوا مع صحافيين أو فارين أو مشاركين في مظاهرات».

وفي تعليقها على مهمة بعثة المراقبين وعملهم في سوريا لغاية اليوم، رأت عضو المجلس الوطني بسمة القضماني «أن البعثة تسعى إلى بناء الثقة مع النظام من باب الحرص على التعاون معه، وهذا ما قد يسهل مهمتها على الأرض، لكن لا نعرف إذا كان هذا الأمر مجديا أم لا». وقالت القضماني لـ«الشرق الأوسط»: «لذا نطلب منهم أن يحرصوا على الإعلان عن كل ما يرونه بشكل موضوعي، وعن القيود التي تفرض عليهم، لا سيما أن البروتوكول الذي لم يطبق من بنوده العشرة إلا بند دخول المراقبين، تحدث عن أن حرية تنقل المراقبين تكون بتنسيق مع الحكومة السورية، الأمر الذي وضع على عملهم قيودا ندينها ولكننا رغم ذلك نعمل على تزويدهم بالمعلومات والتقارير التي لدينا».

واعتبرت قضماني أن تصريح الدابي حول الوضع في حمص حيث رأى المراقبون مسلحين بأنه مطمئن وليس مخيفا، «غير متوازن وغير مقبول»، وسألت «كيف يمكن مشاهدة المسلحين من دون رؤية الآليات العسكرية وانتشار المظاهر المسلحة؟»، وأضافت: «قد يكون هذا الوصف بناء على مقارنة وضع حمص الذي كانت عليه يوم دخل إليها المراقبون بعدما تم سحب الآليات العسكرية وإخفاؤها عن أعين المراقبين، مع ما كان عليه قبل 48 ساعة، لكن بالتأكيد أن الوضع في حمص لا يزال مقلقا جدا».

في المقابل، نقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن ناشطين قولهم إن «بعض السوريين في حمص يرفضون لقاء مراقبين عرب بحضور ضباط من الجيش السوري». فيما ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن فريق مراقبي «جامعة الدول العربية» دخل أمس حي بابا عمرو في حمص. وقال رئيس «المرصد» رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية إن «بعض المراقبين دخلوا بابا عمرو»، موضحا أن أهالي الحي رفضوا في البداية السماح للمراقبين بدخول الحي لأن مقدما في الجيش السوري يرافقهم. وقال «المرصد» إن «اللجنة توجهت بعد ذلك إلى حي باب السباع حيث ينظم النظام فيه مسيرة مؤيدة جانب حاجز الفارابي».