اليمن: مجلس النواب يمنح حكومة الوفاق الثقة.. و«الثورة» تجتاح مؤسسات الدولة

نائب الرئيس يرأس اجتماعا للجنة الأمنية بحضور سفراء الخليج والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن

صورة لأعضاء في اللجنة الأمنية اليمنية التي شكلت عقب التوقيع على المبادرة الخليجية أثناء تجوالهم في أحد شوارع صنعاء بعد إزالة المتاريس منه أمس (رويترز)
TT

منح مجلس النواب اليمني (البرلمان) أمس، حكومة الوفاق الوطني، الثقة بعد عدة أيام من مناقشة برنامج الحكومة الذي لاقى انتقادات تحت قبة البرلمان، في وقت تجددت فيه الاشتباكات في حي صوفان بالعاصمة صنعاء بعد أن قامت اللجنة العسكرية الخاصة بإزالة المظاهر المسلحة بعملها في إزالة تلك المظاهر من هذه المنطقة التي تعد من أهم بؤر التوتر في العاصمة صنعاء.

ونالت حكومة المعارض اليمني محمد سالم باسندوة، أمس، ثقة مجلس النواب (البرلمان)، وقال باسندوة عقب التصويت على الثقة: «صحيح أن البرنامج لا يكاد يختلف كثيرا عن برامج الحكومات السابقة من حيث التبويب، لكن ما من شك بأنكم تعلمون بأنه برنامج حكومة وفاق وطني وليس برنامج حكومة حزب واحد ناهيك عن كونها حكومة مرحلة انتقالية مكلفة للقيام بمهام محددة لفترة عامين وثلاثة أشهر وهي مهام جسيمة وصعبة لدرجة يمكن معها القول بأنها حكومة إنقاذ وطني، إذ إن نجاحها أو فشلها سوف يعتمد عليه حاضر اليمن ومستقبله».

وحسب الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن، فإنه كان من المفترض أن تحظى حكومة الوفاق الوطني بثقة البرلمان خلال 5 أيام من تقديمها لبرنامجها العام إلى البرلمان، غير أن الآلية أعطت الحكومة شرعية حتى وإن لم تحظ بثقة البرلمان.

على صعيد آخر، تواصل اللجنة العسكرية الخاصة بإزالة المظاهر المسلحة من العاصمة صنعاء عملها، وبدأت، أمس، في إزالة تلك المظاهر من منطقة الحصبة بصنعاء وهي المنطقة التي تعد معقلا لزعيم قبيلة حاشد، الشيخ صادق الأحمر وأشقائه، حيث أزالت الجرافات مواقع عسكرية كانت تفصل بين القوات المتحاربة في العاصمة صنعاء في محاولة من الجانبين لإظهار رغبتهما في وقف القتال المستمر منذ نحو عام للإطاحة بالرئيس. وأزالت الجرافات متاريس من أكياس الرمل أقيمت لتحصين مواقع المقاتلين في شارع رئيسي في منطقة الحصبة التي يقع بها مجمع الزعيم القبلي صادق الأحمر والتي كانت مسرحا للقتال بين قواته وقوات الرئيس علي عبد الله صالح. غير أن شهود عيان قالوا لـ«الشرق الأوسط» إن مواجهات عنيفة دارت عقب بدء عمل اللجنة في حي صوفان وإن شخصا واحدا قتل وجرح عدد آخرون، وذلك بعد أن اشتبكت القوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح وأنصار الشيخ حمير الأحمر، نائب رئيس مجلس النواب الذي يقع منزله في تلك المنطقة. وسمع دوي انفجارات عنيفة تهز المنطقة، في وقت كانت فيه تباشير الانفراج بدأت تسري في نفوس المواطنين من سكان العاصمة صنعاء، كما أنه في منطقة الحصبة الرئيسية التي تقع فيها مبان حكومية رئيسية، كمبنى وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» ووزارتي التجارة والإدارة المحلية وعدة مصالح حكومية والمبنى الرئيس لحزب المؤتمر الشعبي العام، ما زالت الأوضاع على ما هي عليه، فهي منطقة أشباح ومدمرة إثر مواجهات الأشهر الماضية. ويحتل موضوع إزالة المظاهر العسكرية أهمية خاصة لدى الأطراف الدولية، حيث ترأس نائب الرئيس، الفريق عبد ربه منصور هادي، أمس، اجتماعا للجنة التي يرأسها هو بحضور سفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وسفراء دول مجلس التعاون الخليجي، وتحدث في الاجتماع عن مصاعب تواجه عمل اللجنة العسكرية «من قبل المتشددين من جهة والذين مع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة هنا وليسوا مع المبادرة هناك في الساحات». وفي موضوع آخر، تواصلت الاحتجاجات الجديدة في اليمن، حيث تشهد المؤسسات الحكومية، مدنية وعسكرية، انتفاضة لموظفيها ومنتسبيها ضد رؤسائهم، فقد أطلق جنود من الحرس الجمهوري، أمس، النار على موظفي وعمال المؤسسة الاقتصادية، كبرى مؤسسات القطاع العام في اليمن، وذلك بعد أن اعتصم الموظفون والعمال للمطالبة بإقالة مدير عام المؤسسة، حافظ معياد، وهو ينتمي لمنطقة الرئيس صالح ومقرب منه، إضافة إلى استمرار اعتصام ضباط وجنود وصحافيي دائرة التوجيه المعنوي في وزارة الدفاع لإقالة مدير الدائرة، وانتقلت عدوى الانتفاضة والاحتجاجات إلى جهاز الأمن السياسي (المخابرات)، حيث اعتصم منتسبو الجهاز للمطالبة بإقالة مدير شؤون الضباط والأفراد في الجهاز بسبب تعسفات مالية وإدارية.

وتشهد معظم المؤسسات الحكومية موجة احتجاجات ضد المسؤولين المباشرين، وقد اتهمت مصادر في حزب المؤتمر الشعبي العام المشارك في الحكم أحزاب اللقاء المشترك، الغريم التقليدي للحزب الحاكم سابقا، بالتورط في الاحتجاجات التي تشتعل في مؤسسات الدولة اليمنية.

من جانبها اعتبرت حورية مشهور، وزيرة حقوق الإنسان، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» ما يجري من احتجاجات داخل مؤسسات الدولة ضد المسؤولين «الفاسدين» كما يوصفون، بأنه «امتداد للثورة الشبابية» وأن الموظفين في تلك المؤسسات ومنذ فترات طويلة وهم يشتكون من فساد رؤسائهم، «غير أنهم يقومون بتغيير الأوضاع بأنفسهم».