تأجيل محاكمة مبارك إلى مطلع العام الجديد

محاموه حاولوا إلصاق التهم بـ«الطرف الثالث»

ملصقات تحمل صور شهداء الثورة المصرية أمام اكاديمية الشرطة المصرية، حيث مثل أمس الرئيس المصري السابق حسني مبارك بتهم تتعلق بإصدار أوامر بقتل المتظاهرين السلميين خلال ثورة 25 يناير (أ.ب)
TT

مجددا وبعد نحو شهرين من التوقف، عاد أمس الرئيس المصري السابق حسني مبارك على محفة طبية ليمثل داخل قفص الاتهام أمام محكمة جنايات القاهرة بتهم تتعلق بارتكاب وقائع فساد مالي وإصدار أوامر بقتل المتظاهرين السلميين خلال ثورة 25 يناير، وذلك برفقة نجليه جمال وعلاء ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي و6 من قيادات الداخلية المتهمين في وقائع قتل المتظاهرين.

وعلى غير ما جرى التعارف عليه في القضاء المصري بتنحي القاضي الذي يتقدم الدفاع بطلب لرده عن نظر القضية بسبب استشعاره الحرج، واصل القاضي أحمد رفعت رئاسته للمحكمة لاستكمال إجراءاتها وسرعة الفصل فيها، وقرر تأجيل نظر القضية لجلسة الاثنين المقبل لتحقيق عدد من طلبات هيئة الدفاع.

وفي جلسة غلب عليها الهدوء من جانب المحامين، وقف جمال مبارك طوال الجلسة متكئا على القفص، فيما جلس علاء مبارك في آخر صفوف المتهمين الخلفية بجوار والده الذي كان ممددا في نهاية القفص على سريره الطبي بينما جلس العادلي مرتديا البدلة الزرقاء في مقدمة المتهمين.

وشهدت المحاكمة أحداثا مثيرة أبرزها تنازل معظم هيئة الدفاع عن المتهمين عن سماع أقوال بقية شهود الإثبات الواردة أسماؤهم في قائمة أدلة الثبوت التي أعدتها النيابة العامة، مؤكدين استعدادهم للمرافعات الختامية في القضية.

وقال مصدر أمني بأكاديمية الشرطة لـ«الشرق الأوسط» إن الحالة الصحية للرئيس السابق بدت جيدة، مضيفا أن ذلك ظهر واضحا داخل الغرفة المخصصة لاستقباله بجوار قاعة المحاكمة، مشيرا إلى أنه جلس بداخل الغرفة وبدت صحته جيدة للغاية قبل نقله إلى قاعة المحاكمة.

ومنذ الصباح الباكر، قامت الأجهزة الأمنية بعمل «كردونات» أمنية حول أسر الشهداء والمصابين الذين احتشدوا أمام مقر الأكاديمية، وكذلك أنصار ومؤيدي الرئيس السابق والذين كان معظمهم من النساء والفتيات، وهو ما لم يحل دون وقوع احتكاكات بين الجانبين، وقال والد الشهيد مصطفى شاكر عبد الفتاح: «جئنا لنشاهد تمثيلية وليس محاكمة، فمنذ شهر فبراير (شباط) الماضي ونحن ننتظر حكما في القضية ولم نر أي قرار من رئيس المحكمة».

وقررت المحكمة تكليف النيابة العامة بمخاطبة اتحاد الإذاعة والتلفزيون لندب خبراء فنيين متخصصين لفحص مجموعة من شرائط الفيديو التي تتضمنها الأحراز لمعرفة ما إذا كان قد تم محو محتوياتها عمدا من عدمه، وإمكانية استرجاع البيانات التي تتضمنها تلك الشرائط التي تتضمن لقطات مصورة لأحداث الثورة. كما كلفت المحكمة النيابة العامة بتقديم الكشوف النهائية للمتوفين والمصابين منذ يوم 25 يناير (كانون الثاني) الماضي وكافة التحقيقات في هذا الشأن.

ومكنت المحكمة هيئة الدفاع من الاستعلام من وزارة الداخلية بشأن حجم الأسلحة والذخائر المضبوطة منذ عام 1997 وحتى عام 2010 للوقوف على إمكانية استخدامها من جانب أطراف عدة في أحداث المصادمات التي جرت في أعقاب الثورة، وكذلك نوعية تلك الأسلحة، ومتاجر السلاح التي سرقت بعد اندلاع الثورة، والمحال التجارية التي تقوم ببيع الملابس العسكرية التي سرقت، وعدد وأنواع الحملات الأمنية التي شنتها مديرية أمن القاهرة لضبط الأجانب الذين يقومون بأعمال مشبوهة. كما تضمن قرار المحكمة الاستعلام من وزارة الداخلية عن عدد السيارات الشرطية التي سرقت منذ بداية الثورة.

وشهدت المحاكمة طلبات متباينة وغريبة من جانب المحامين المدعين بالحق المدني، حيث طالب أحد المحامين باستدعاء الفريق سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة ونائب رئيس المجلس العسكري لسماع شهادته ومناقشته إنفاذا لقرار المحكمة السابق قبل توقف الجلسات، كما تقدم محام آخر بطلب لتعليق جلسات المحاكمة في ضوء وجود طعن مقدم منه وآخرين لوقف تنفيذ وإلغاء قرار تنحي مبارك عن السلطة، مشيرا إلى أن قضيته لا تزال متداولة أمام المحكمة الإدارية العليا، فيما قام آخر بالتقدم إلى منصة المحكمة، مشيرا إلى أنه يحوز وثائق من المخابرات الأميركية تشير إلى أن ثورة يناير إنما هي عمل مخطط له من عام 2005 وأن الهدف منها تقسيم مصر إلى 3 دويلات؛ لكن طلبه أثار ضحك الحاضرين وتدخل بقية المحامين لدى رئيس المحكمة لمنعه من مواصلة الحديث، وعقب نقيب المحامين سامح عاشور قائلا أمام المحكمة: «إن هذا المحامي لا يمثل المحامين المدعين بالحق المدني على الإطلاق».

وعلى الطرف الآخر، أبدى دفاع مبارك استعداده للمرافعة، مشيرا إلى أنه ليست لديه أية طلبات سوى الاطلاع على ما ورد بمذكرة هيئة الرقابة الإدارية بشأن عملية بيع وشراء من آل مبارك لفيلات بمنتجع شرم الشيخ، وكذلك الأمر لبقية دفاع المتهمين في القضية الذين استغنوا عن سماع بقية أقوال الشهود.

وتماشيا مع أحدث مفردات الواقع السياسي المصري (الطرف الثالث)، لجأ فريق الدفاع عن المتهمين في المحاكمة إلى محاولة إثبات وجود «طرف ثالث» أو مخطط خارجي في أحداث ثورة 25 يناير، حيث طلب المحامي عن اللواء إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة الأسبق، استدعاء اللواء مراد موافي مدير المخابرات العامة لمناقشته حول معلوماته بشأن ثورة 25 يناير وما إذا كانت التقارير التي أعدتها المخابرات تفيد بوجود عناصر أجنبية تورطت في عمليات القتل بحق الثوار، كما طلب سماع أقوال رئيس هيئة الأمن القومي السابق، وأيضا أقوال مدير المخابرات العسكرية، واللواء حمدي بدين مدير إدارة الشرطة العسكرية، وقائد إدارة مكافحة الإرهاب بجهاز مباحث أمن الدولة المنحل، وعدد من قيادات وزارة الداخلية المسؤولين عن الأمن وحراسة المنشآت الحيوية بالدولة، كما طالب دفاع الشاعر بضم التحريات الأمنية التي أعدتها وزارة الداخلية بشأن أحداث المصادمات التي جرت مؤخرا في شارع محمد محمود وماسبيرو وقصر العيني، والتي أسفرت عن وقوع أعداد من القتلى والجرحى، موضحا أن من شأنها أن تكشف حقيقة تورط عناصر أجنبية ومخربين في ارتكاب أعمال العنف والمصادمات الدامية التي جرت منذ اندلاع الثورة وإلصاقها بقوات الأمن والشرطة.

من جانبه، عقب المستشار مصطفى سليمان المحامي العام الأول لنيابة استئناف القاهرة مؤكدا أن النيابة لم تقصر في التحقيقات بشأن أعداد القتلى والجرحى، مشيرا إلى أن إجمالي المتوفين الذين جرت بشأنهم عملية التحقيق بلغ 199 قتيلا، إلى جانب 1325 مصابا.