بيوت مصر.. «تحرير» و«عباسية»

بعد أن تسللت إليها انقسامات السياسة

TT

تسللت انقسامات المشهد السياسي الراهن إلى حياة المصريين بقوة، فكثير من البيوت أصبحت بمثابة صورة مصغرة لما يحدث في ميدان «التحرير»، حيث يعتصم الثوار المناوئون لحكم العسكر، وعلى الجانب الآخر رفعت بيوت شعارات ميدان «العباسية» المؤيد للمجلس العسكري (الحاكم)، والطامة الكبرى حين يجتمع أفراد من الفريقين تحت سقف واحد.

هذا ما حدث بالأمس لحافلة ركاب في ميدان التحرير، وجد ركابها فرصة أن يقرأوا اللافتات المعلقة به والتي يناهض معظمها حكم العسكر، ورؤية ما يشهده الميدان من تجمعات في شكل حلقات نقاشية حول الوضع الراهن، وما يتبعها من نشوب العديد من المشادات بين المعتصمين والمارة. وهي المشاهد التي كسرت حاجز الصمت داخل الحافلة، لتدخل في حالة من الجدل السياسي.

«فاضل إيه بعد سحل المتظاهرين والاعتداء على المتظاهرات؟»، هكذا بدأ شاب عشريني حديثه المعبر عن تأييده للافتات، وبسرعة جاءه الرد من خلفه من رجل أربعيني بغضب: «لماذا تريدون إسقاط الجيش؟، جاء الجنزوري وشكل حكومة وهو رجل من أشرف الرجال، ورجل اقتصادي من طراز فريد.. لولا العسكر، لساح الدم في الطرقات والشرفات، وعمت الفوضى؟».

لم يكن ما دار بالشاحنة حدثا فرديا؛ فالجدل السياسي والانقسام في الآراء يغلب على الشارع المصري، وتزيد حدته، وهو ما يمكن ملاحظته بسهولة في وسائل المواصلات بمختلف أنواعها، سواء كانت عامة أو خاصة، والتجمعات في المقاهي والأندية، وكذلك في فضاء الإنترنت.

يتزامن ذلك مع استمرار اعتصام العشرات بميدان التحرير، اعتصاما كاملا أو رمزيا في الخيام، منذ توقف أعمال العنف مطلع الأسبوع الماضي بعد اشتعالها بين قوات الأمن والمعتصمين أمام مجلس الوزراء وسقوط ضحايا ومصابين.

سالم محمد، الشاب العشريني يتحسر على جلسة المقهى الشعبي برفقة يدخنون الشيشة، لافتا إلى أن حبل الدردشة لم يعد عاطفيا. وعلى حد قوله «السياسة أفسدت كل شيء، أصبحت جلستنا كلها سياسة واختلافات حول ما يدور في البلاد من أحداث، ولا نعرف من على صواب ومن على خطأ.. فهذا يؤيد المجلس العسكري واستمراره، وآخر يسب المعتصمين بميدان التحرير، وثالث يمجد الثوار».

أما عزة، وتعمل مترجمة، فتبين أنها تعاني الملل من أحاديث الانقسام في التوجهات السياسية بشكل يومي، لدرجة أوصلتها إلى الشجار مع سائق تاكسي كانت تستقله، لأنه أصر على التحدث معها حول رأيه في أوضاع مصر، وانتقاده من يخالفه في الرأي.

ولا يختلف حال الشارع عن الفضاء الإلكتروني، فعلى مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر» تجد الحال نفسه من هذا الصخب.