حمص.. عاصمة الثورة السورية

سقط فيها ثلث ضحايا الثورة رغم تحدر زوجة الأسد منها

TT

أهلها لا ينامون ليلا ولا يعرفون الراحة نهارا، هي المحافظة التي لا تهدأ ولا يكلّ أبناؤها عن الخروج إلى المظاهرات، فأصبحت إيقونة الثورة السورية، ومنذ اندلاع الثورة السورية في 15 مارس (آذار) الماضي كان الحماصنة من أوائل من خرجوا للمطالبة بإسقاط نظام بشار الأسد ونظامه.

وكان لأهالي مدينة حمص دور كبير في تحرك الثوار في جميع أرجاء سوريا، حيث تعد حمص بمثابة الشرارة التي نقلت المناخ الثوري إلى السوريين في جميع أرجاء سوريا للثورة على نظام بشار الأسد الحاكم منذ 10 أعوام، شهدت بحسب ناشطين انتهاكات للحريات.

المثير أن زوجة الرئيس السوري بشار الأسد تنتمي إلى أسرة سنّية تنحدر من مدينة حمص، لكن ذلك لم يحُل دون القمع الشديد الذي يمارسه الجيش السوري بحق مواطني المدينة.

جغرافيّا، تقع محافظة حمص في وسط سوريا، وهي كبرى المحافظات السورية مساحة، حيث تبلغ 42226 كلم مربعا، وتنقسم إلى 6 مدن رئيسية هي: حمص وتلكلخ والرستن والقصير وتدمر والمخرم. يبلغ عدد سكان المحافظة 2.087.000 نسمة، وهي في المرتبة الثالثة من حيث عدد السكان بعد محافظتي دمشق وحلب، وأغلبية السكان في حمص هم من المسلمين السنيين ويليهم العلويون ثم المسيحيون، فحمص تحتفظ بثاني أكبر عدد من المسيحيين بعد حلب، ولعلّ وادي النصارى الذي يقع قرب حدود لبنان غرب المدينة هو الثقل الأبرز لمسيحيي محافظة حمص. أما من الناحية العرقية فالعرب السوريون هم الأغلبية الساحقة مع وجود أقليات أرمنية وتركمانية.

ومنذ أوائل أيام الثورة السورية شارك مئات الآلاف من سكان مدينة حمص في المظاهرات، كما أعلن المشاركون عن اعتصام في 18 أبريل (نيسان) في ساحة الساعة، التي تمّ تغيير اسمها لاحقا إلى «ساحة الحرية»، إلا أن قوات الأمن السورية فضّت الاعتصام بالقوة في اليوم التالي، ولم يمنع ذلك أهل حمص من الاستمرار في التظاهر، وقد ادعت الحكومة السورية أنّ «عصابات إرهابية مسلحة» تروّع المواطنين في حمص، ولهذا قام الجيش السوري مدعما بالأمن المركزي والشبيحة باقتحام المدينة ومحاصرة أحيائها، مما أدى إلى سقوط الكثير من القتلى، حيث وصل عدد القتلى فيها إلى ما يقارب ثلث عدد قتلى الانتفاضة السورية بأكمله.

ويقول ناشطون إن حمص لا تزال تعيش الحصار القاسي الذي يفرضه عليها الجيش السوري، وإن الوضع المأساوي لا يزال على حاله، وإن الأمن السوري مستمر في استهداف المتظاهرين بالرصاص الحي.

وفي مدينة الرستن التي تقع على بعد 20 كلم من حمص قام السكان بتحطيم تمثال حافظ الأسد في أبريل الماضي، وانضمت المدينة إلى حركة الاحتجاج بشكل قوي، حيث أصبحت الآن مركزا للعناصر المنشقة عن الجيش السوري، كما أن كتيبة خالد بن الوليد، المؤلفة من عناصر الجيش الذين رفضوا إطلاق النار على المتظاهرين، أعلنوا انشقاقهم عن الجيش الأسدي، وتتمركز الآن قواتها في أحياء المدينة الضيقة للدفاع عن أهلها.

ولعل أبرز الأسماء التي لمعت في قيادة التظاهر في حمص، هادي الجندي الذي قتل في يوليو (تموز) الماضي، كما أن عددا من أبرز المعارضين السوريين هم من حمص، ومنهم برهان غليون وسهير الأتاسي، مما دفع البعض لتسمية حمص «عاصمة الثورة السورية».

وبينما تصل بعثة المراقبين العرب إلى سوريا لتقصي الحقائق، تشهد حمص تصعيدا خطيرا في العنف من جانب قوات نظام الرئيس بشار الأسد، ففي يوم واحد فقط سقط أكثر من 61 قتيلا و140 جريحا في حي بابا عمرو، الذي يعتبر قلب الاضطرابات في حمص.

واستقبلت حمص المراقبين بمظاهرة حاشدة ضمت نحو 70 ألف متظاهر، مرددين هتافات مطالبة بحماية دولية.

* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»