سكرتير حزب إيراني معارض: الثورة القادمة في إيران ستكون للنساء

قال لـ «الشرق الأوسط» إن المصالح هي التي تدفع القوى الكبرى لإسقاط الدكتاتوريات

ايرانيات يتظاهرن ضد الولايات المتحدة في طهران (رويترز)
TT

تبعد قرية زركويز عن مركز مدينة السليمانية بنحو 25 كيلومترا، وتربض فوق هضبة مرتفعة يمكن من خلالها رؤية العمارات الشاهقة بالمدينة، وهي قرية تشبه إلى حد كبير القرى التي كانت الأحزاب الكردية تتخذها مقرات لها في سنوات نضالها ضد النظام العراقي. ورغم أن الظروف اختلفت بالنسبة لهم، ووصل كرد العراق إلى حكم البلاد تاركين تلك القرى ليحتلوا في بغداد أرفع مناصب الدولة، ولكن ظروف الأحزاب الكردية الإيرانية ظلت على حالها.

وسكرتير عصبة الشغيلة الكردية الإيرانية المعارضة التي تأسست عام 1969 يقول إنهم «يحتلون مقرهم الحالي بقرية زركويز منذ ثمانينات القرن الماضي، وما زالوا يسكنون فيها أجيالا بعد أجيال، حتى إن مديرة فضائية الحزب، التي تبث برامجها اليومية من تلك القرية، بالكاد تتذكر طفولتها في مدينتها الإيرانية، حيث تركتها قبل 29 عاما، وهي الآن أم لعدد من الأبناء والبنات الذين لم يروا مدينة إيرانية واحدة في حياتهم.

سألت «الشرق الأوسط» إبراهيم عليزادة، سكرتير العصبة، عن موقع المعارضة الإيرانية من كل هذه التطورات التي تشهدها المنطقة، خصوصا بعد تزايد وتيرة الضغط الدولي على النظام الإيراني، فقال: «منذ تأسيسنا كنا أنشط الأحزاب الكردية المعارضة للنظام الشاهنشاهي، وبعده النظام الإسلامي الحالي، وواصلنا نضالنا الوطني والقومي إلى جانب الأحزاب الإيرانية الأخرى. وفي السنوات الأخيرة تحول نضالنا إلى الأسلوب المدني.. ففي السنة الماضية عندما أعدم النظام الإيراني عددا من النشطاء السياسيين الكرد، نجحنا في تنظيم أول إضراب عام شمل جميع المناطق الكردية. وتنظيماتنا السرية فاعلة حاليا في الداخل، على الرغم من الضغوط الكبيرة التي يتعرض لها معارضو النظام والتي تصل في بعض الأحيان إلى حد إعدامهم في حال مصادرة ولو ورقة صغيرة تدل على هويتهم.».

وحول موقع الأحزاب الكردية على خارطة المعارضة الإيرانية، وإمكانية إطلاق ربيع إيراني على غرار الربيع العربي، قال علي زادة: «بعد المؤتمر الحزبي الأخير طرحنا مشروعا لتوحيد صفوف اليسار الإيراني، وقد عقدنا سلسلة من الاجتماعات واللقاءات مع أحزاب اليسار بهدف توحيد جهودنا، وتأسيس مركز يمثل القوى الراديكالية واليسارية. وعن طريق هذا المركز نحاول التقارب مع بقية قوى المعارضة الإيرانية سواء من الليبراليين أو الجمهوريين أو غيرهم، ولا أدعي بأننا حققنا نجاحا كبيرا في هذا المجال، ولكن ما يفرحنا هو أننا لقينا ترحيبا من معظم القوى السياسية في الداخل، والأهم من ذلك كان هناك ترحيب شعبي كبير بهذه الخطوة».

وأضاف: «أما ما يتعلق بالشق الآخر وهو الربيع الإيراني، فمن المعلوم أن النظام الإيراني هو نظام قمعي مستبد لا يتوانى عن استخدام أقسى أشكال العنف المفرط ضد معارضيه. وقد رأينا كيف تعامل هذا النظام الدموي مع المظاهرات التي اندلعت قبل سنتين داخل إيران، وأدت وسائل القمع المستخدمة في مواجهة الشعب إلى تراجع الانتفاضة الشعبية. وشكلت تلك الأحداث تجربة مفيدة لنا، توصلنا من خلالها إلى قناعة بأن السبيل الأمثل لتعبئة الجماهير هو اللجوء إلى خيار الإضراب العام وصولا إلى حد العصيان المدني. بهذه الطريقة يمكن أن نجعل المواطن الإيراني يثق بقدراته، دون أن نضطره إلى دفع تضحيات كبيرة. ونحن نعتقد بأنه في حال نجحنا في تثبيت هذا الخيار داخل الأوساط الشعبية، عندها سنتمكن من أن نكسر العمود الفقري للنظام».

وعن سبل تحقيق ذلك قال: «هناك عدة مجالات يمكن من خلالها تحقيق ذلك، على سبيل المثال الإضراب الذي حصل للعاملين في قطاع النفط. فقبل عدة أشهر خضنا تجربة تنظيم إضراب لعمال النفط في ماه شهر، وهو أول إضراب عمالي، حيث سارع النظام الإيراني إلى تحقيق مطالبهم. وفي جانب آخر نعمل حاليا على تعبئة النساء وتحضيرهن لتحرك مستقبلي، فالثورة القادمة ستكون باعتقادي ثورة نسائية، نتوقع أن تكون المشاركة فيها بالملايين. وحاليا نستخدم وسائل الإعلام، وخصوصا فضائياتنا، لتعبئة الجماهير بهذا الاتجاه وحثهم على الاستعداد لتحرك مستقبلي».

وحول أهمية توحيد جبهة المعارضة الإيرانية، المتشرذمة حاليا، بموازاة التعبئة الشعبية، أوضح عليزادة: «هناك محاولة لتشكيل جبهة كردستانية موحدة، على غرار الجبهة الكردستانية التي قادت انتفاضة الشعب الكردي في كردستان العراق. ولكن للأسف هذه المحاولة فشلت بسبب تطورات الأحداث في السنوات الأخيرة، حيث تعاني الأحزاب الكردستانية الإيرانية من مشكلة أساسية، وهي تباين استراتجياتها السياسية. وهناك مسألة أخرى، وهي أننا كحزب معارض نرفض أي شكل من أشكال التدخلات الخارجية، سواء من الولايات المتحدة أو غيرها، ونعتبرها ضررا كبيرا على الشعب سواء من خلال فرض الحصار أو التدخل العسكري المباشر، أو حتى التدخل في رسم مواقف وسياسات قوى المعارضة الإيرانية. ونرى بأن تلك التدخلات الخارجية وبخاصة من أميركا ستساعد على إبقاء النظام الإسلامي وليس إسقاطه، فالنظام سيحاول أن يصف المعارضين بالخونة، وهذا ما سنخسره في مواجهتنا معه. ولكن مع ذلك هناك من يعتمد على الدعم الأميركي ويدعو له، ويسعى ليكون ذلك الدعم جزءا من مشروعه لتغيير أو إسقاط النظام.. ومن دون توحيد استراتيجية المعارضة بهذا الشأن لا يمكننا تحقيق ما ينتظره الشعب منا، لذلك نحاول من خلال تحركاتنا الحالية أن نعقد على الأقل وكخطوة أولية اجتماعا أو مؤتمرا لقوى المعارضة لكي نصل إلى النتيجة المرجوة، وهي تحقيق جبهة معارضة واحدة، أو على أقل تقدير نتفق حول مشتركات موحدة».

ولفت الى ان «الدعم الدولي سيكون فاعلا ومطلوبا عندما تكون أنت قويا، وإلا فإنك ستقع تحت ضغط مصالح القوى الكبرى التي تدعمك. أميركا أو أي قوة كبرى في العالم لها مصالحها، وهي تتحرك - وتأتي بآلاف الجنود للمنطقة وتعرضهم للقتل - وفقا لتلك المصالح، وليس لمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان. وأعتقد أن مصالحنا ومصالحهم ستتلاقى فقط عندما يكون هناك ميزان قوة متكافئ بيننا، لأن تلك القوى لا تستطيع عندها أن تفرض علينا شروطها مقابل تقديم ذلك الدعم. كما أننا نرفض تماما النموذج العراقي بالاحتلال، لأن نتيجته أصبحت واضحة الآن بعد الانسحاب وما خلفه من تداعيات سياسية خطيرة على البلاد».