كوريا الشمالية: مراسم التشييع تعزز انتقال القيادة إلى الابن

محللون: بيونغ يانغ تحتاج إلى عام أو اثنين لامتلاك صاروخ نووي

سيارة ليموزين تحمل صورة ضخمة لكيم جونغ - إيل تتقدم موكب جنازته في بيونغ يانغ أمس (رويترز)
TT

تابع العالم أمس باهتمام مراسم الجنازة الكبيرة التي أقامتها كوريا الشمالية لزعيمها الراحل كيم جونغ - إيل في العاصمة بيونغ يانغ، في محاولة لاستنباط مؤشرات على ما يمكن توقعه من الدولة المنعزلة التي قد تكون قريبة من امتلاك أسلحة نووية. ونقل التلفزيون الرسمي موكب الجنازة وقد تقدمتها عربة فخمة تحمل صورة كيم، 69 عاما، الذي توفي في 17 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بينما اصطفت على الجانبين طوابير من الجنود بالزي العسكري، وقد نكسوا رؤوسهم احتراما للفقيد في الساحة الرئيسية في العاصمة.

وحملت عربة النعش، فيما سار أمامه الابن الأصغر كيم جونغ - أون، وهو يبكي، وبدا إلى جواره زوج عمته جانغ سونغ ثايك وكبار المسؤولين في الفترة الانتقالية ورئيس أركان الجيش ري يونغ هو.

وقالت سيو جو ريم المجندة وهي تبكي للتلفزيون الكوري الشمالي: «منظر الثلوج البيضاء المتساقطة جعلني أتذكر جهود (الجنرال) كيم وهذا جعلني أبكي». ومن بين الروايات الخيالية التي ترددت حول كيم أنه يستطيع السيطرة على أحوال الطقس، وتحدثت وسائل إعلام محلية عن أجواء باردة على غير العادة صاحبت وفاته.

وبث التلفزيون لقطات فيديو لمواطنين ينتحبون وترتجف أجسامهم من الحزن وهم يصيحون «أبي أبي»، لكن الصور لم تكن متسقة مع الخلفية الصوتية. ولم يعرف ما إذا كانت تلك المشاهد نقلت على الهواء مباشرة أم أنها مسجلة، بينما كانت سيارات مرسيدس ولينكولن وعربات عسكرية تتدفق أمام الحشود. وانتهت مراسم الجنازة بعد نحو 3 ساعات بإطلاق 21 طلقة مدفعية في الهواء تحية، فيما تابعت القيادة العليا الموكب من على منصة.

وسيصبح كيم جونغ - أون ثالث شخصية من الأسرة يحكم الدولة الشيوعية المنعزلة منذ أن أسسها جده كيم إيل - سونغ، بينما تدخل البلاد عام 2012 الذي كان يفترض أن يشهد تحولها إلى أمة «قوية مزدهرة». وقال لاري نيكش الذي تابع الشأن الكوري الشمالي خلال عمله لحساب خدمة أبحاث الكونغرس الأميركي على مدى 43 عاما: إنه يعتقد أن بيونغ يانغ تحتاج إلى ما بين عام واثنين فقط حتى يصبح لديها صاروخ نووي متى تنتج يورانيوم مخصبا لدرجة تكفي لإنتاج وقود لرأس نووي.

ويعتقد محللون غربيون أن من شأن امتلاك كوريا الشمالية صواريخ مزودة برؤوس نووية زعزعة الاستقرار في منطقة شرق آسيا وظهور سياسة جديدة وتحديات عسكرية أمام الولايات المتحدة وحلفائها. وتحاول المخابرات الأميركية منذ وقت طويل تحديد متى ستتمكن بيونغ يانغ من امتلاك هذه القدرة. ويضع الجدول الزمني الذي وضعه نيكس إذا كان صحيحا عاملا جديدا يجب أن يأخذه في الاعتبار خبراء الاستراتيجية. وكان وزير الدفاع الأميركي السابق روبرت غيتس قد قال في يناير (كانون الثاني) الماضي إن كوريا الشمالية أمامها 5 سنوات لتتمكن من تصنيع صاروخ ذاتي الدفع عابر للقارات يمثل إلى جانب البرنامج النووي لكوريا الشمالية «تهديدا مباشرا» للولايات المتحدة.

ويتوقع محللون أن تعمل مراسم التشييع على تعزيز وضع كيم جونغ - أون، كخليفة لوالده، لكن بعضهم تحدث أيضا عن صعود وضع سيونغ ثايك. وقال يو هو يول، الخبير في شؤون كوريا الشمالية بجامعة كوريا في الجنوب: «الصور في الجنازة تبرز صعود وضع جانغ سونغ ثايك منذ أن ظهرت لأول مرة أنباء وفاة كيم جونغ - إيل». وأضاف: «من الواضح أن كيم جونغ - أون هو رأس الزعامة الجديدة لكن فيما يتعلق بالنفوذ والتسلسل القيادي ضمن جانغ فيما يبدو مكانا مميزا».

وقد تكون الدولة الكورية الشمالية التي تدعمها الصين قوية، إذ لديها جيش قوامه 1.2 مليون فرد لكنها ليست دولة مزدهرة. وأظهرت بيانات الأمم المتحدة أن متوسط العمر في البلاد البالغ عدد سكانها 25 مليون نسمة قل بثلاث سنوات ونصف عن متوسط العمر حين توفي «الزعيم الأبدي» كيم إيل - سونغ. وقالت المنظمة الدولية في برنامج لكوريا الشمالية في الفترة من عام 2011 إلى 2015 إن التحدي الرئيسي الذي يواجه البلاد هو «إعادة الاقتصاد إلى المستوى الذي تحقق قبل عام 1990» وحل مشكلة نقص الطعام التي يعاني منها ثلث المواطنين.

وتشير مؤشرات انتقال السلطة منذ وفاة كيم جونغ - إيل إلى أن سياسة «الجيش أولا» ستستمر، ما يعني أن الجيش سيحصل على حصة الأسد من الموارد الشحيحة، وهو ما سيؤدي إلى مزيد من المعاناة لغالبية السكان في البلاد التي واجهت مجاعة في التسعينات.