الحزب الحاكم بتركيا يعترف بقتل 36 كرديا مهربا وليس عسكريا

أعرب عن أسفه ووعد بالتحقيق

TT

اعترف الحزب الحاكم وليس الحكومة في تركيا بمقتل وجرح 52 كرديا مدنيا كان الجيش التركي قد أعلن أنهم إرهابيون تابعون لحزب العمال الكردستاني المعارض. ولم تدل الحكومة التركية بأي تعليق على الحادث.

وقال حسين تشليك نائب رئيس حزب العدالة والتنمية، إن «المعلومات الأولية تشير إلى أن هؤلاء الأشخاص كانوا مهربين وليسوا إرهابيين». وأضاف «باسم حزبي، أود أن أعرب عن أسفنا الشديد وحزننا». وتابع القول «لو كان هناك خطأ فاطمئنوا لن يتم دفن القضية»، مبديا اعتقاده وفق المعطيات الأولية للتحقيق بأن الأمر يتصل بـ«حادث خلال عملية» عسكرية.

وأوضح تشليك نقلا عن السلطات المحلية أن الضحايا ومعظمهم شبان كانوا يقومون بتهريب كميات من التبغ بين العراق وتركيا على متن دواب، داعيا الرأي العام إلى انتظار نتائج التحقيق الإداري والقضائي الذي يجري بشأن الحادث.

ويأتي اعتراف الحزب الحاكم ليؤكد ما قالته مصادر في الحزب لـ«الشرق الأوسط» إن الطائرات الحربية التركية استهدفت مجموعة من الشباب في منطقة قريبة من الحدود التركية - العراقية المشتركة وأسفرت عن مقتل 36 وجرحت 16 آخرين. وأضافت المصادر أن الضحايا جميعهم من المدنيين يمتهنون التجارة بين الدولتين. وأدان حزب العمال الكردستاني عملية القتل ووصفها بالمجزرة.

وحسب مصادر الحزب فإن أعضاء المجموعة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 - 20 سنة كانوا منهمكين كعادتهم في نقل البضائع على ظهور البغال في المنطقة الحدودية المشتركة بين تركيا والعراق، عندما وقعوا في حدود الساعة الحادية عشرة من الليلة قبل الماضية، في كمين نصبته قوات تركية قرب قريتي روبوسكي وبيجه التابعتين لمنطقة قبلان بمدينة شرناخ الحدودية، واستعانت هذه القوة التركية على الفور بطائرات حربية، حيث شنت غارة على المجموعة.

في المقابل، أعلن الجيش أن عمليته استهدفت انفصاليين أكرادا كانوا يحاولون التسلل إلى تركيا.

وهذا الحادث هو الأخطر الذي يقضي فيه مدنيون في إطار النزاع الكردي في تركيا خلال الأعوام الأخيرة.

وندد صلاح الدين دميرتاس زعيم حزب الحرية والديمقراطية، أكبر الأحزاب الموالية للأكراد في تركيا، بما اعتبره «مجزرة»، مؤكدا أن جميع الضحايا مدنيون.

ونظم حزب الحرية والديمقراطية مظاهرة شارك فيها أكثر من ألفي شخص في ساحة تقسيم المركزية في إسطنبول احتجاجا على غارة الجيش. ولم يمر هذا التجمع من دون مواجهات مع قوات الأمن.

وفي وقت توجه فيه عدد من الأعضاء الأكراد في البرلمان التركي إلى المنطقة لمعاينة الوضع، أعلن السكان المحليون حدادا عاما لمدة ثلاثة أيام، في ما لزمت وسائل الإعلام التركية الصمت المطبق.

وتعتبر الغارة التركية الأعنف خلال السنوات الماضية. ووصفها الناطق باسم المكتب الإعلامي لحزب العمال الكردستاني «بمجزرة رهيبة» استهدفت الشعب الكردي في تركيا، مشيرا إلى «أنها كانت انتقامية ردا على مظاهرات شهدتها منطقة شرناخ الحدودية ضد سياسات حزب العدالة والتنمية الذي يترأسه رجب طيب أردوغان رئيس الحكومة التركية.

وقال كاروان آزادي الناطق باسم المكتب الإعلامي في اتصال أجرته معه «الشرق الأوسط» في مقره بجبل قنديل «إن هذه المجموعة من الشباب اعتادت استخدام الطرق البرية المارة من قريتهم إلى الحدود العراقية ومنذ سنوات طويلة للتكسب عبر نقل البضائع على ظهور البغال، وتقع تلك الطرق بمحاذاة مراكز عسكرية منتشرة في منطقة شرناخ الكردية التي يسيطر عليها الجيش التركي، وكان أفراد الجيش في الثكنات العسكرية هناك يعرفون هؤلاء الكسبة المارين هناك بشكل يومي، ومع ذلك نصبوا لهم كمينا، وعندما وقعت المجموعة بالكمين أطلقوا النار عليها وطلبوا إسنادا جويا فأرسلت القيادة العسكرية الطائرات التي قامت بدورها بقصف صاروخي لتلك المجموعة فأوقعت هذا العدد الكبير من الضحايا». وأضاف: «إن هذه العملية الغادرة وغير المسبوقة التي نفذتها الطائرات التركية تعتبر مجزرة رهيبة ضد الشعب الكردي، وتأتي انتقاما من سكان منطقة شرناخ الذين قاموا في الفترة الأخيرة بتنظيم مسيرات ومظاهرات احتجاجية ضد سياسات الإنكار التركي لوجود الشعب الكردي في البلاد، وهي السياسة التي ما زال حزب العدالة والتنمية برئاسة أردوغان ينتهجها تجاه القضية الكردية في تركيا».

وبسؤاله عما إذا كان لعناصر العمال الكردستاني أي وجود لهم في تلك المنطقة التي استهدفتها الطائرات التركية، قال آزادي «كما ذكرت آنفا فإن الطرق التي يستخدمها الشباب الكسبة تقع في المناطق القريبة جدا من مراكز عسكرية كبيرة للقوات التركية، وإن عناصر الجيش سواء كانوا داخل تلك المراكز والمعسكرات، أو الذين يرابطون في نقاط المراقبة بالمنطقة يعرفون جيدا مسار هؤلاء الشباب لأنهم يترددون يوميا على تلك المنطقة، ويعرفون تماما أنهم عناصر مدنية تمتهن التكسب عبر نقل البضائع إلى الجانب العراقي، ونحن في قيادة الحزب لا نقترب من تلك المنطقة».

حرصا على حياة مواطنينا هناك وضمان عدم إعطاء مبررات للسلطات التركية لضربهم أو ملاحقتهم، ولذلك فإن مقاتلينا لا يقتربون من تلك المراكز العسكرية مراعاة لوضع سكان المنطقة الذين يعتمدون في تأمين مصدر معيشتهم على التكسب عبر الحدود، وعليه فإنه ليس هناك أي مبرر لقتل هذا العدد الكبير من المواطنين وتحت زعم أنهم مقاتلون تابعون حزبنا، وأؤكد أن الهدف من هذه المجزرة هو ضرب الشعب الكردي، وعليه فنحن في قيادة الحزب في الوقت الذي نستنكر وندين بشدة هذه العملية، نناشد المجتمع الدولي لإدانة هذه الجريمة الكبيرة للجيش التركي الذي يأتمر بأوامر من الحكومة التي يديرها حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان الذي حاول ويحاول منذ سنوات طويلة خداع الرأي العام العالمي والمحلي بالترويج لسياسة الانفتاح على الشعب الكردي وقضيته القومية في تركيا».