ميقاتي ينفي وجود دليل على نشاط «القاعدة» في لبنان والسفير السوري يدعو الحكومة اللبنانية لمنع تهريب السلاح

المجلس الأعلى للدفاع يشدد على منع تهريب السلاح وضبط الوضع الأمني بالقرى الحدودية

نجيب ميقاتي
TT

قال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي إنه ليس هناك دليل على أن مقاتلين من تنظيم القاعدة ينشطون في لبنان، ردا على تصريح من وزير الدفاع قال فيه إن «القاعدة» أرسلت مقاتلين إلى الحدود بين لبنان وسوريا. ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام، وهي الوكالة الرسمية في لبنان، عن ميقاتي قوله للصحافيين: «ليس هناك أدلة ثابتة حول وجود تنظيم القاعدة في عرسال». وأضاف: «دخل الجيش على بلدة عرسال بناء على معلومة عن وجود شخص في البلدة.. ربما مرتبط بتنظيم إرهابي دولي.. ولكن لم تَرِد معلومات عن وجود جماعات منظمة أو تنظيم معين.. وليس هناك أدلة ثابتة حول وجود تنظيم القاعدة في عرسال».

وكان وزير الدفاع اللبناني فايز الغصن قد قال الأسبوع الماضي إن مسلحين من «القاعدة» يعملون على الحدود ينتحلون صفة نشطاء معارضة سوريين. وانتقد وزير الداخلية هذا التصريح في وقت لاحق ونفى أن يكون لـ«القاعدة» وجود في لبنان. وفي أحدث تصريحاته وصف ميقاتي التصريحات المتضاربة بأنها مجرد اختلاف في وجهات النظر. ومضى يقول: «ليست المرة الأولى التي توجد فيها آراء مختلفة داخل الحكومة... لقد وجّه السؤال إلى معالي وزير الداخلية عن موضوع (القاعدة) فأجاب أن ليس لديه معلومات.. بينما وزير الدفاع قال إن لديه بعض المعلومات من دون وجود أدلة كاملة».

وجاء ذلك في وقت دعا فيه السفير السوري لدى لبنان علي عبد الكريم علي الحكومة اللبنانية إلى اتخاذ «إجراءات حازمة» ضد تهريب الأسلحة والمسلحين على الحدود بين لبنان وسوريا، مؤكدا أن هذه العمليات «مكملة للإرهاب». وفي مقابلة نشرها موقع الانتقاد الإلكتروني التابع لحزب الله، دعا السفير السلطات اللبنانية إلى «اتخاذ إجراءات حازمة لوقف تهريب السلاح والمسلحين من لبنان إلى سوريا»، مطالبا إياها بـ«عدم الضعف أمام الضغوط الدولية في هذا المجال».

وقال إن «ما كشفه وزير الدفاع اللبناني فايز غصن عن تسلل عناصر (القاعدة) من لبنان إلى سوريا عبر بلدة عرسال (شرق) يستدعي تحسسا عاليا للمسؤولية لمنع مظاهر التطرف والعبث بالأمن اللبناني والسوري والحدود اللبنانية السورية»، مؤكدا أن «المصلحة هنا مقسومة بين البلدين». وتابع: «سواء أخذ الأمر بعد تهريب السلاح أو المسلحين، فالفعل الجرمي والإرهابي يكمل بعضهما بعضا. لذلك يجب أن يكون الحسم واضحا ولا يحتمل الملامسة الخجولة». وطالب بـ«قرارات حاسمة في ضبط تهريب السلاح والمسلحين، لأن التهاون له بُعد سلبي على لبنان قبل سوريا».

من جهته شدد المجلس الأعلى للدفاع في لبنان على «منع تهريب السلاح من وإلى لبنان، وضبط الوضع الأمني في القرى الحدودية ومنع الخروقات، وضرورة اتخاذ الإجراءات الأمنية والقضائية عند كل خلل». وحض على التشدد في «مكافحة الإرهاب ومنع أي إخلال أو عبث بالسلم الأهلي». وبحث المجلس في اجتماعه الذي انعقد في القصر الجمهوري برئاسة الرئيس ميشال سليمان، الوضع الأمني في البلاد واطلع من قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية على المهام التي تنفذها والإجراءات التي تقوم بها، في حين جدد سليمان استنكاره لمقتل مواطنين لبنانيين في منطقة وادي خالد، داعيا إلى «استمرار الأجهزة الأمنية والقضائية والدبلوماسية بإجراء التحقيقات واتخاذ الخطوات اللازمة».

وكان المجلس الأعلى للدفاع انعقد صباح أمس برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان وحضور ميقاتي. وفي بيان صدر في نهاية الاجتماع أكد المجلس على «منع تهريب السلاح من وإلى لبنان، وضبط الوضع الأمني في القرى الحدودية ومنع الخروقات، وضرورة اتخاذ الإجراءات الأمنية والقضائية عند كل خلل». واطلع على الوضع الأمني في الجنوب، وحضّ على «الاستمرار بالتعاون مع قوات الـ(يونيفيل) وتشديد الإجراءات لحماية تنقلاتهم». وإذ أبدى ارتياحه واطمئنانه للوضع الأمني المستتب، توقف «عند ما حصل مؤخرا من أحداث في المناطق الحدودية أدت إلى مقتل مواطنين لبنانيين في منطقة وادي خالد»، وطلب من الأجهزة المعنية «التشديد في مكافحة الإرهاب وتعزيز السلم الأهلي ومنع أي إخلال أو عبث فيه، والاستمرار بالتنسيق بين الأجهزة العسكرية والأمنية لتبادل المعلومات التي تساعد على كشف محاولات الإخلال بالأمن».

في هذا الوقت أكد وزير الداخلية مروان شربل لـ«الشرق الأوسط» أن «اجتماع مجلس الأمن المركزي روتيني على مشارف نهاية العام، وتناول الإنجازات الأمنية التي حققتها الأجهزة الأمنية والعسكرية هذه السنة». وعمّا إذا كان المجتمعون اطلعوا على معلومات وزير الدفاع بشأن ما أعلنه عن وجود عناصر من «القاعدة» في لبنان يتسللون إلى سوريا عبر بلدة عرسال البقاعية، رفض وزير الداخلية الخوض في مضمون النقاشات التزاما بسرية المداولات. وردا على سؤال عمّا إذا كانت القرارات التي اتخذها تريح اللبنانيين في المناطق الحدودية، وخصوصا في عرسال ووادي خالد، أجاب: «لقد طرحت كل المواضيع وكانت النتائج ممتازة، واتخذت قرارات مهمّة للغاية ستريح اللبنانيين في الداخل والخارج وعلى الحدود».

من جهته أوضح رئيس بلدية عرسال علي الحجيري أن «الدولة كلّها غير مقتنعة بوجود (قاعدة) في لبنان إلا وزير الدفاع». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لقد قمت اليوم (أمس) بزيارة قائد الجيش (العماد جان قهوجي) الذي أبلغني أن لا معلومات لدى الجيش عن وجود لـ(القاعدة) في لبنان على الإطلاق». وردا على سؤال عن مصدر معلومات وزير الدفاع إذا لم يكن لدى الجيش اللبناني ومخابراته أي شيء من هذا القبيل، أشار الحجيري إلى أن «معلومات وزير الدفاع مستقاة من النظام السوري، وتصريحه مرتبط بالتفجيرين اللذين وقعا في دمشق الأسبوع الماضي». وعمّا إذا كان يتخوّف من أن يكون ذلك مبررا لهجوم سوري على عرسال كما حصل في وادي خالد، قال: «إذا هاجمونا فإن الناس سيدافعون عن أنفسهم إذا لم يكن هناك من يحميهم، وعلى الدولة أن تتحمّل مسؤوليتها».