عشرات الآلاف يزحفون إلى الساحات.. ومقتل 32 مدنيا رغم انتشار المراقبين

استخدام القنابل المسمارية في دوما.. وأحد المراقبين للمتظاهرين: نحن هنا في مهمة إنسانية وليس للإطاحة بالأسد

TT

زحف مئات الآلاف من السوريين إلى الساحات، أمس، في مظاهرات عمت البلاد في جمعة «الزحف إلى الساحات»، في مدن كان المراقبون العرب موجودين فيها. ولم تحد زيارة المراقبين العرب إلى المناطق الساخنة في سوريا من حدة القمع والقتل في البلاد، وقتل 32 شخصا على الأقل برصاص الأمن والجيش، بحسب لجان التنسيق المحلية. وتلبية لدعوات المناهضين للنظام «للزحف إلى ساحات الحرية»، شهدت مدن وبلدات سوريا ومناطق عديدة مظاهرات حاشدة، خرجت بعد صلاة الظهر وبزخم مرتفع عن الأسابيع الماضية، لا سيما في أحياء مدينة حمص وريفها، ومدينة حماه وريفها، وإدلب وريفها، ودرعا وريفها، ودمشق وريفها، وفي مقدمتها مدينة دوما والحسكة والقامشلي ودير الزور والبوكمال، حيث كانت المظاهرات الأكبر في المناطق التي يُعتزم زيارتها كمدينة إدلب، وبنش، وأريحا، وسراقب، ومعرة النعمان، وخان شيخون، وكفرومة، وكفرنبل، وعدة بلدات وقرى ريف إدلب، وفي مدينة حماه وبلداتها. وتمت مواجهتها من قبل قوات الأمن والجيش بالقمع، وجرى إطلاق نار حي في كثير من المناطق.

وقالت اللجان إن 9 مدنيين قتلوا في حماه، بينما قتل 6 في درعا البلد، و4 قتلى سقطوا في تلكلخ، و5 قتلى في حمص، و6 قتلى في إدلب، إضافة إلى قتيل واحد في كل من داريا والمعضمية بريف دمشق.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن مراقبين عربا توجهوا إلى إدلب (شمال غربي) وحماه (شمال) وحمص (وسط) ودرعا (جنوب). وقال المرصد إن قوات الأمن أطلقت النار على متظاهرين في دمشق، واعتقلت معارضين، بينما كانوا يغادرون المساجد. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن مظاهرات حاشدة ضمت أكثر من 250 ألف متظاهر خرجت في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، بدعوة من ناشطين معارضين للنظام السوري. وقال إن «مظاهرات حاشدة ضمت أكثر من 250 ألف متظاهر خرجت بعد صلاة الجمعة في 74 تجمعا كان أضخمها في مدينة إدلب وبنش وأريحا وسراقب ومعرة النعمان وخان شيخون وكفرومة وكفرنبل وعدة بلدات وقرى ريف إدلب»، التي يفترض أن يزورها مراقبو الجامعة العربية.

وفي دوما بريف دمشق، أعلن المرصد السوري أن 24 مواطنا على الأقل أصيب بجراح إثر استخدام قوات الأمن السورية القنابل المسمارية لتفريق عشرات آلاف المتظاهرين في المدينة. وكان المرصد قد ذكر قبل ذلك أن «ما بين 60 و70 ألف متظاهر يتوجهون إلى مبنى بلدية مدينة دوما في أضخم مظاهرة تشهدها المدينة منذ انطلاق الثورة السورية».

وقال أحد أعضاء لجنة المراقبة العربية لحشود غاضبة تجمعوا في دوما، بحسب وكالة «رويترز»، إن هدف اللجنة ليس إزاحة الرئيس السوري، بشار الأسد، عن منصبه ولكنهم «في مهمة إنسانية». وأظهرت لقطات فيديو عرضت مباشرة على قناة «الجزيرة»، أمس، عضو اللجنة وهو يتحدث للحشود عبر مكبر للصوت في مسجد الجامع الكبير في دوما، الذي غص بالمحتجين ضد حكم الرئيس الأسد. وقال عضو اللجنة، الذي لم يفصح عن اسمه: «نحن هدفنا المراقبة.. الهدف مهمة إنسانية لنقل المعاناة والمشاكل الموجودة لحل المشكلة... ليس هدفنا أن نزيل رئيسا أبدا أبدا، هدفنا أن ترجع سوريا أمنا وأمانا وسلاما».

والمراقب كان ضمن عدد قليل من المراقبين الذين وصولوا إلى مسجد مزدحم بالمحتجين. ويقول نشطاء إنهم يجدون صعوبة في التواصل مع المراقبين لأنهم يتجولون برفقة أعضاء موالين للحكومة. وفي مستهل حديثه طلب عضو اللجنة من الجميع عدم تصويره أو تسجيل حديثه، إلا أن قناة «الجزيرة» كانت تبثه مباشرة قبل أن ينقطع التيار الكهربائي عن الجامع الكبير في دوما وينقطع البث. وبينما كان أحد المتحدثين في المسجد يحاول إسكات الجمهور صاح رجل قائلا: «ابني شهيد قتلوه»، وهتفت الحشود: «بالروح بالدم نفديك يا شهيد». وقال المراقب: «سمعت من عدد كبير منكم، لكن الذي سمعته أن هناك دما يجري. وهذا شيء أكيد، وإن مهمتنا كمراقبين ليس أن نتكلم، ولكن أجبرني الحدث أن أتكلم».

وقال ناشطون في دوما إن الأهالي تمكنوا من لقاء وفد المراقبين رغم الصعوبات الكثيرة التي واجهت هذه الزيارة التي كانت متوقعة بالتزامن مع صلاة الظهر، حيث تصدت قوات الأمن والجيش السورية للمتظاهرين الذين خرجوا بعد صلاة الظهر بإلقاء القنابل المسيلة للدموع والقنابل الصوتية لتفريقهم. ومن جانبهم رشق المتظاهرون قوات الأمن بالحجارة في اشتباكات أسفرت عن إصابة أكثر من 40 شخصا بجروح، وذلك في وقت كانت حافلات تقل مؤيدين للنظام للاعتصام عند مبنى البلدية للقاء المراقبين العرب الذين وصلوا إلى دوما بعد عدة ساعات مع حلول موعد صلاة المغرب.

وبعد زيارة مستشفى حمدان توجهوا إلى الجامع الكبير، حيث تجمع الآلاف من أهالي دوما، وتكلم الشيخ خالد طيفور باسم أهالي دوما. وقال أحد الحاضرين في اللقاء إن الشيخ طيف بداية قال للمراقبين إنه لن يعتذر لهم لصعوبة الوصول إلى دوما «لأن أهل دوما فجعوا بشهداء وجرحى كثر»، وأخبرهم بأن «المظاهرة التي خرجت في دوما في بداية الأحداث وتوجهت إلى البلدية كانت سلمية، وأن رئيس الجمهورية شهد بسلمية هذه المظاهرة». وقال إن الأسبوع التالي لتلك المظاهرة «هجم الأمن على الجامع وأطلقوا النار وضربوا المتظاهرين واعتقلوا الشباب وسقط 8 شهداء من دوما و3 من خارجها، وإن الإعلام السوري اتهم العصابات، وقد طالب أهالي دوما بتشكيل لجنة للتحقيق، وقد تم ذلك على أن الاتفاق كان أن تخرج الأجهزة الأمنية بالكامل من دوما ليتم التشييع والإفراج عن المعتقلين». وأضاف طيفور أن المعتقلين الذين خرجوا كانوا قد تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب». وأسهب الشيخ طيفور في شرح ما جرى في دوما، بعدها هتفت الجموع مطالبة بإعدام الرئيس، بينما تحدث المراقبون مع الأهالي وشكوا التعب والإرهاق، وقال أحدهم إنهم سمعوا «كلاما يدمي القلب». إلا أن المراقبين اشترطوا عدم التصوير بأجهزة الجوال، وبينما علا هتاف المتظاهرين بالتكبير انقطع التيار الكهربائي.

من جهته، أكد رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن دبابات الجيش السوري سحبت من خان شيخون وسراقب تمهيدا لزيارة المراقبين العرب المكلفين متابعة الوضع على الأرض. وفي إدلب «أصيب أكثر من 25 متظاهرا بجروح إثر إطلاق الرصاص الحي وقنابل مسيلة للدموع لمنع عشرات الآلاف من المتظاهرين من الدخول إلى ساحة هنانو والاعتصام فيها»، وفق المصدر نفسه. وأضاف المرصد أن مظاهرات حاشدة جرت أيضا في حمص، حيث أطلقت قوات الأمن النار. وفي هذه المدينة «عثر على جثامين 5 مواطنين اعتقلتهم قوات الأمن بعد منتصف ليل الخميس/ الجمعة من حي دير بعلبة، كما استشهد مواطن في حي باب الدريب متأثرا بجروح أصيب بها خلال إطلاق رصاص صباح اليوم».

وفي حلب التي ظلت حتى الآن في منأى عن الحركة الاحتجاجية، قال المرصد إن «مظاهرة انطلقت من مسجد عروة في حي هنانو وتم قمعها بوحشية من قبل موالين للنظام، كما قمعت مظاهرة أخرى خرجت في حي صلاح الدين من قبل موالين».