الأمن استهدف درعا رغم وجود المراقبين.. وأنباء عن أسر «الجيش السوري الحر» لعشرات الجنود

ناشطون لـ«الشرق الأوسط»: إطلاق الرصاص على مقربة من فندق الوفد العربي

صورة تظهر أحد المراقبين مستمعا إلى عدد من السكان المحليين بحسب موقع للمعارضة السورية أمس
TT

قالت مصادر من المعارضة السورية أمس إن منشقين عن الجيش السوري أسروا عشرات من أفراد قوات الأمن بعد أن سيطروا على نقطتي تفتيش عسكريتين بمحافظة إدلب الشمالية، موضحة أن المنشقين اشتبكوا أيضا مع قوات الأمن عند نقطة تفتيش ثالثة، مما أسفر عن مقتل وإصابة عدد غير معروف من الجنود الموالين للرئيس بشار الأسد.

وجاءت أنباء الهجمات على نقاط التفتيش العسكرية بعد ثلاثة أيام من تصريح جيش سوريا الحر المناهض للحكومة بأنه أمر مقاتليه بوقف العمليات الهجومية في انتظار اجتماع مع مندوبي الجامعة العربية. وقال رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض، إن «عملية اليوم (أمس) وقعت في جبل الزاوية في إدلب».. ولم يتضح على الفور عدد من قتلوا أو أسروا على أيدي الجنود المنشقين.

وفي غضون ذلك، ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن عاملة في مدرسة في مدينة حماه قتلت على أيدي مسلحين خطفوها قبل ثلاثة أيام، بعد أن رفض زوجها الذي يعمل في المدرسة نفسها طلبهم أن يترك وظيفته. وقالت الوكالة أيضا إن صحافيا يعمل في الإذاعة الرسمية توفي أمس متأثرا بجروح أصيب بها عندما أطلق مسلحون النار عليه قبل عدة أيام في الدرعية في ريف دمشق.

وميدانيا، استطاع أهالي مدينة داريا بالقرب من دمشق، أمس، استقبال بعثة المراقبين العرب بمظاهرة حاشدة، رددوا خلالها شعارات مناهضة للنظام السوري مطالبين إياه بالرحيل، أكد ناشطون ميدانيون بمدينة درعا أن قوات الأمن السورية أطلقت النار الكثيف على المتظاهرين وقامت بدعسهم، واعتقلت المصابين من المستشفيات الميدانية التي يقيمها الأهالي لإسعاف جرحاهم. وأضاف الناشطون أن «قوات الأمن تشن حملات دهم وتخريب للمنازل، وذلك على مقربة من فندق الـ(وايت روز) الذي يقيم فيه أعضاء لجنة المراقبين».. ليسفر اليوم الدامي عن حصد أرواح 20 قتيلا جديدا برصاص القوات السورية، بحسب موقع الهيئة العامة للثورة السورية.

وظهر أهالي البلدة في داريا، الذين لا يتجاوز عددهم 20 ألف نسمة، في شريط مصور أثناء إخبار المراقبين عن الانتهاكات المروعة التي تتعرض لها بلدتهم من قبل الأمن السوري، حيث ظهر عشرات السكان يحتشدون حول اثنين من المراقبين العرب ويقدمون لهم شهادات حول الأوضاع السيئة التي يفرضها عليهم النظام السوري.

وأشار أحد الناشطين الموجودين في المدينة إلى أن المظاهرة خطط لها لملاقاة المراقبين، وإخبارهم بما شهدته المدينة (التي تبعد عن دمشق نحو 8 كلم) من هجوم شرس من قبل عناصر الأمن السوري سقط خلاله قتلى وجرحى، مساء أول من أمس (الأحد).

ويقول الناشط المعارض في هذا الصدد: «كان من المقرر أن تأتي اللجنة يوم الأحد، هذا الأمر دفع الناس إلى النزول إلى الشوارع والتجمهر في الساحات العامة والهتاف ضد نظام الأسد». ويتابع الناشط: «الأمن المنتشر بكثافة في شوارع المدينة، استفزه مشهد الجموع التي هرعت للتظاهر، ففتح النار على المتظاهرين بطريقة عشوائية، الأمر الذي أدى إلى سقوط قتيلين وأكثر من ثلاثين جريحا، إضافة إلى تنفيذ حملة اعتقالات واسعة طالت العشرات».

من جهة أخرى، أكد ناشطون ميدانيون من مدينة درعا السورية في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن «قوات الأمن السورية أطلقت النار الكثيف على المتظاهرين في حي السبيل، وقامت بدعسهم عبر سيارات (الزيل) التابعة لها، واعتقلت المصابين من المستشفيات الميدانية التي يقيمها الأهالي لإسعاف جرحاهم».. وأوضحوا أن «قوات الأمن تشن حملات دهم وتخريب للمنازل، وكل ذلك على بعد 300 متر من فندق الـ(وايت روز) الذي يقيم فيه أعضاء لجنة المراقبين العرب».

ويتزامن التصعيد الأمني في درعا مع وجود لجنة المراقبين العرب، وروى أحد الناشطين لـ«الشرق الأوسط» ما يجري ميدانيا، فقال: «قوات الأمن اعتقلت أكثر من 40 شابا من الحي واقتادتهم إلى جهة مجهولة وقتلت بعضهم، وقد شاهد أشخاص كانوا في الحي ما قامت به فرقة عسكرية مدججة بالسلاح بدعس بعض المتظاهرين وأصابتهم بجروح ومنعت أهلهم من إسعافهم فبقي بعضهم ينزف».

وأشار الناشط، الذي يراسل مؤسسة إعلامية عربية، إلى أن «قوات الأمن أطلقت النار عشوائيا على المتظاهرين رغم نزولهم السلمي للمشاركة في مظاهرة يطالبون فيها بإسقاط النظام، حيث أمطرتهم بالرصاص الحي وسقط 3 قتلى من جراء ذلك».

وجود المراقبين لم يمنع النظام من «مهاجمة المتظاهرين وإطلاق النار عليهم» وفق مازن، أحد الناشطين، الذي قال إن «حملة اعتقالات شرسة تشمل أغلب أحياء المدينة قامت بها القوات الأمنية بهدف إرهاب الأهالي ومنعهم من لقاء وفد اللجنة العربية». وأضاف: «ارتفع عدد المصابين نتيجة إطلاق النار الكثيف والمباشر على المتظاهرين، حيث أصيب شخصان بجروح بالغة، بالإضافة إلى إصابة طفل وكذلك إصابة امرأة في الشارع الأوسط»، وأكد أن قوات الأمن أطلقت النار على مظاهرة خرجت في حي «الحارة»، وسقط إثر ذلك عدد من الجرحى بين المتظاهرين.

وقال الناشط لـ«الشرق الأوسط»: «من الملاحظ، بعد وصول بعثة المراقبين العربية إلى سوريا، أن النظام قد التقط أنفاسه وبدأ في تنظيم قواته الأمنية بحيث يقوم بقمع أي احتجاج أو مظاهرة في منطقة من مناطق سوريا بوحشية أكبر من ذي قبل».. وأضاف أن «قوات الأمن والجيش تشن حملة مداهمات واعتقالات في بيوت آل إدريس في جاسم القريبة من درعا».

وأوضح الناشط أن «الأجهزة الأمنية قامت بتقطيع المدينة، ومنعت المتظاهرين من الاعتصام في الساحة الرئيسية لدرعا، إلا أن السكان جابهوا الأمن وأصروا على إسماع لجنة المراقبين مطالبهم». وأشار الناشط إلى «اقتحام الجيش والأمن كلا من خربة غزالة وغباغب والغرايا تحت إطلاق نار كثيف على المدنيين، وشهدت هذه المناطق حملة مداهمات وتمشيط للأحياء بالمدرعات الثقيلة التي تطلق النار بشكل عشوائي».

وفي بلدة داعل بمحافظة درعا طالب المتظاهرون بـ«تحمل الجامعة العربية مسؤولياتها تجاه ما توثقه في إطار عملها الرقابي»، واستنكروا «تصريحات رئيس لجنة المراقبة الذي وصف الأمور بأنها مطمئنة»، وعبروا عن شكرهم للبرلمان العربي.

وقد بث أحد الناشطين من درعا شريطا على موقع «يوتيوب» يظهر مقابلة بين معتقل سوري خرج من سجن «صيدنايا» مع مراقب عربي، ويظهر الشريط تفاصيل يرويها المعتقل للمراقب وهو يسجل كل ما يقوله حول التعذيب الذي تلقاه في فروع الأمن.

إلى ذلك، خصص الناشطون السوريون من خلال صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد» عبر «فيس بوك»، يوم أمس يوما للوفاء للناشط السوري المعتقل أنس الشغري ولمعتقلي الثورة كافة، الذين تخطى عددهم بحسب الناشطين السوريين الـ20 ألفا. وكانت الأمم المتحدة قدرت الشهر الماضي العدد بـ14 ألف معتقل، فيما تؤكد قوى المعارضة والمجلس الوطني أنه يتخطى ذلك.

ويسعى الناشطون السوريون حاليا لتذكير الرأي العام المحلي والدولي بأسماء المعتقلين، من خلال إطلاق أسمائهم كتسميات على كل يوم «اثنين» من كل أسبوع، خاصة بعد حديث أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي بالأمس عن أن «السلطات السورية أفرجت عن 3484 معتقلا»، مطالبا إياها بـ«الإفراج عن باقي المعتقلين».

وفي وقت دعا فيه العربي قوى المعارضة لتقديم أسماء ما تبقى من المعتقلين ليتم الاستفسار عنهم، أكد عمر إدلبي، عضو المجلس الوطني السوري، أن «المجلس قدم للجامعة العربية ولوفد المراقبين العرب قوائم بأسماء المعتقلين الموزعين على المحافظات كافة»، معتبرا أن «مهمة المراقبين في الكشف عن هؤلاء ستبوء بالفشل، نظرا لسياسة المراوغة التي يعتمدها النظام في هذا الإطار، من خلال سعيه لنقل المعتقلين إلى ثكنات عسكرية يمنع على المراقبين زيارتها»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا نأخذ بالرقم الذي تحدث عنه العربي لكوننا على ثقة أنه لا يتخطى الألف، بينما باقي الأسماء تعود إلى أشخاص لم يعتقلوا أصلا».

وعن تخصيص يوم أمس للناشط أنس الشغري، قال إدلبي: «قررنا أن نخصص كل يوم اثنين يوما للوفاء لأحد المعتقلين البارزين، ويعد أنس الشغري أحد أبرز هؤلاء ومحركا أساسيا للثورة في بانياس»، مشيرا إلى «معلومات وصلت إلى لجان التنسيق تفيد بأن نظام الأسد ينتوي إعدامه».

وكان الشغري الذي يدرس الاقتصاد في جامعة تشرين الحكومية، اعتقل في مايو (أيار) الماضي بتهمة «التخطيط لإقامة إمارة إسلامية»، وفقا لتلفزيون «الدنيا» السوري، وهي الاتهامات التي نفاها الناشطون.