اتفاق مبدئي أوروبي لحظر شراء النفط الإيراني.. وطهران: لدينا بدائل

استمرار المحادثات الأوروبية لتحديد موعد التطبيق.. وجوبيه: الحظر قد يتخذ نهاية الشهر > مسؤول أميركي: ندرس الخطوة مع الأوروبيين

TT

أفادت مصادر دبلوماسية غربية، أمس، بأن دول الاتحاد الأوروبي توصلت إلى اتفاق مبدئي لفرض حظر على شراء النفط الخام الإيراني، في حال عدم التزام الحكومة الإيرانية بالتعاون مع المجتمع الدولي حول برنامجها النووي. وفيما يجري البحث حاليا بين تلك الجهات لتحديد موعد لتطبيق الحظر، قالت إيران إن لديها طرقا بديلة لبيع نفطها إذا حظر الاتحاد الأوروبي استيراد الخام الإيراني وإنها تعتزم تصدير نحو 2.3 مليون برميل يوميا. وارتفعت العقود الآجلة لمزيج برنت أكثر من دولار أمس، واسترد الخام الأميركي خسائره المبكرة وتحول للارتفاع بعد سريان أنباء عن اتفاق حكومات الاتحاد الأوروبي مبدئيا على حظر استيراد النفط الإيراني.

وقال دبلوماسيون لـ«رويترز» إن مبعوثي الاتحاد الأوروبي أجروا محادثات بشأن هذه القضية في أواخر ديسمبر (كانون الأول) وتخلى الأعضاء وخاصة اليونان عن أي اعتراضات على هذا الاقتراح. وقال دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي طلب عدم نشر اسمه «تم إحراز تقدم كبير بهذا الشأن.. مبدأ حظر النفط تمت الموافقة عليه ولم يعد موضع نقاش الآن».

وأضاف هذا الدبلوماسي الأوروبي لوكالة الصحافة الفرنسية «هناك اتفاق مبدئي للمضي قدما» باتجاه فرض حظر على شراء النفط الإيراني، موضحا أنه «لا يزال من الضروري القيام بالكثير من العمل» لإنجاز هذا الملف قبل اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل في الثلاثين من يناير (كانون الثاني) الحالي.

وأعلن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه، أمس، أن دول الاتحاد الأوروبي قد تتخذ قرارا بحظر شراء النفط الخام الإيراني خلال اجتماع لوزراء الخارجية في الثلاثين من الشهر الحالي. وقال جوبيه في مؤتمر صحافي عقده مع نظيره البرتغالي باولو بورتاس في لشبونة «آمل في هذه المناسبة أن نتمكن من إقرار إجراء الحظر هذا على صادرات النفط الإيرانية. إننا نعمل على هذا الموضوع والأمور تسير في الاتجاه الصحيح».

وقالت مصادر المؤسسات الاتحادية ببروكسل إن اتصالات تجري حاليا بين عدد من العواصم الأوروبية في محاولة لتنسيق المواقف بشأن عقوبات جديدة ضد إيران ومنها ما يتعلق بقطاع النفط. وذكرت أن اجتماعات ستعقد على مستوى السفراء الدائمين للدول الأعضاء لدى الاتحاد الأوروبي في بروكسل في غضون أيام لبحث هذا الملف في محاولة لإيجاد موقف أوروبي موحد قبل اجتماعات وزراء الخارجية المقررة في نهاية الشهر الحالي. ولكن المصادر عادت لتؤكد أن الأمر ليس بالأمر الهين فإذا حدث توافق على توسيع العقوبات لتشمل القطاع النفطي ستظهر مشكلة أخرى تتمثل في تحديد موعد لدخول العقوبات حيز التنفيذ، وهل سيكون على الفور أم سيفضل البعض الانتظار إلى موعد آخر.

وعبرت عواصم أوروبية ومنها باريس عن موقفها المتفائل وأن لديها أملا كبيرا في التوصل إلى نتيجة في نهاية الشهر الحالي. بينما تفضل عواصم أخرى ومنها لندن الانتظار حتى موعد نهاية الشهر والحصول على الوقت الكافي للتفكير قبل اتخاذ القرار. وينظر البعض إلى اجتماع نهاية الشهر الحالي على أنه سيشكل فرصة لتحقيق التوافق بين الدول الأعضاء سواء من حيث الموافقة على تشديد العقوبات أو تحديد موعد دخولها حيز التنفيذ. ويشيد بعض المراقبين الأوروبيين بخطوات اتخذتها لندن في مجال العقوبات، ويرون أن بريطانيا متقدمة بشوط كبير على نظرائها الأوروبيين حيث قررت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قطع العلاقات مع البنوك الإيرانية ومن بينها البنك المركزي. ولكن استنادا إلى مصدر دبلوماسي أوروبي فإن برلين ترفض الاستهداف المباشر للبنك المركزي الإيراني.

إلى ذلك، قال مسؤول كبير في قطاع النفط الإيراني لـ«رويترز» إن إيران لديها طرق بديلة لبيع نفطها إذا حظر الاتحاد الأوروبي استيراد الخام الإيراني وإنها تعتزم تصدير نحو 2.3 مليون برميل يوميا هذا العام. وقال محسن قمصري مدير الشؤون الدولية في شركة النفط الوطنية الإيرانية، إن طهران درست بالفعل طرقا مختلفة للتعامل مع الأمر. وقال «يمكننا استبدال بعض هؤلاء المشترين بسهولة شديدة». وأضاف أن جزءا من الكميات التي ستتعرض للحظر - وليس كلها - قد يتجه إلى الصين ودول أخرى في آسيا وأفريقيا. ومن المستبعد أن تخزن إيران النفط الخام في ناقلات لأن هذا حل في الأجل القصير فقط.

وقال قمصري إنه يتوقع أن تبقى الشحنات كما هي هذا العام دون تغير. وأضاف «هناك طلب مرتفع للغاية من عملائنا لذلك توجد نفس الكمية أكثر من 2.3 مليون برميل يوميا في عقودنا». وقال إن نحو 30 في المائة أو 700 ألف برميل يوميا من إمدادات النفط الإيراني تتجه غرب السويس. وتصدر إيران أكثر من نصف هذه الكمية إلى أوروبا ونحو 200 ألف برميل يوميا إلى تركيا والكمية المتبقية إلى أفريقيا. وتقدر وكالة الطاقة الدولية صادرات إيران إلى الاتحاد الأوروبي بنحو 450 ألف برميل يوميا.

من جهته، قال مسؤول رفيع المستوى بالبيت الأبيض «إن الإدارة الأميركية تدرس مع حلفائها في الاتحاد الأوروبي فرض مزيد من العقوبات على النفط الإيراني، ونعتقد أننا نستطيع القيام بذلك دون الإضرار بالاقتصاد العالمي، وهدفنا هو دراسة توقيتات ومراحل تنفيذ التشريع الجديد حتى يكون له الأثر المقصود».

وأكد المسؤول الأميركي أن إدارة الرئيس أوباما تملك المرونة الكاملة لتنفيذ التشريع الجديد للعقوبات الأميركية للحد من قدرة إيران على بيع النفط، وقال «يمنح القانون الرئيس أوباما سلطة إصدار إعفاءات مؤقتة لمنع الصدمات في أسواق الطاقة». وأضاف «يتم توجيه ما يقرب من نصف التعاملات النفطية الإيرانية من خلال البنك المركزي، وستصبح التدابير الأميركية نافذة المفعول خلال 60 يوما، ومنها العقوبات على الواردات غير النفطية، وعلى مبيعات المنتجات النفطية من خلال المصارف الخاصة، وستظهر نتائج هذه التدابير في فترة لا تقل عن 6 أشهر».

إلى ذلك، قالت وزارة الخزانة الأميركية، أمس، إن وزير الخزانة تيموثي غايتنر سيسافر إلى الصين واليابان الأسبوع المقبل للقاء مسؤولين حكوميين كبار في البلدين لبحث حالة الاقتصاد العالمي والعقوبات الأميركية على إيران. وسوف يلتقي غايتنر مع نائب رئيس الوزراء الصيني وانغ تشي شان ورئيس الوزراء ون جيا باو يومي العاشر والحادي عشر من يناير على الترتيب. وسيسافر غايتنر إلى اليابان يوم 12 يناير للاجتماع مع رئيس الوزراء يوشيهيكو نودا ووزير المالية جون أزومي.

وأقر الرئيس الأميركي باراك أوباما يوم السبت قانونا يفرض عقوبات جديدة على المؤسسات المالية التي تتعامل مع البنك المركزي الإيراني في أحدث خطوة تستهدف شل إمدادات النفط الإيرانية وإجبار طهران على كبح برنامجها النووي. وعارضت الصين وهي أكبر مشترٍ للنفط الإيراني وروسيا فرض مزيد من العقوبات على طهران، وقال محللون إنه من غير المرجح أن يتأثر موقف الدولتين بالقانون الأميركي الجديد.

وأعلنت الصين مجددا، أمس، معارضتها لمسعى تقوده الولايات المتحدة لفرض عقوبات أحادية الجانب على إيران بسبب برنامجها النووي، وقالت إن الأزمة يجب أن تحل من خلال الوسائل الدبلوماسية، بينما ردت طهران بتوجيه تهديدات لواشنطن.

وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية هونغ لي في إفادة صحافية «تعتقد الصين دوما أن العقوبات ليست الطريق الصحيح لتهدئة التوترات أو حل قضية البرنامج النووي الإيراني». وأضاف «الطريق الصحيح هو الحوار والمفاوضات. تعارض الصين تقديم القانون المحلي على القانون الدولي لفرض عقوبات من جانب واحد على دولة أخرى».

وتدافع الصين منذ وقت طويل عن علاقاتها النفطية والتجارية التي تربطها بإيران وانتقدت العقوبات الغربية التي قد تؤثر في هذه العلاقات. وقال هونغ «علاقات الصين وإيران في مجالي التجارة والطاقة طبيعية وشفافة ولا تتعارض مع قرارات مجلس الأمن الدولي. يجب ألا تتأثر التعاملات المعنية بالعقوبات».