ليبيا: عبد الجليل يحذر من مخاطر حرب أهلية.. وواشنطن قلقة وتعرض المساعدة

مصادر عسكرية لـ : ضباط بالجيش الوطني يعترضون على تعيين المنقوش رئيسا للأركان

TT

بعد الاشتباكات الدامية التي وقعت أول من أمس وخلفت 10 ضحايا ما بين قتلى وجرحى في معارك بين فصيلين مسلحين من الثوار، أعربت الولايات المتحدة عن قلقها إزاء الأحداث الأخيرة في ليبيا، وجددت عرضها لمساعدة البلاد على دمج هذه الميليشيات في القوات المسلحة. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند للصحافيين: «بعض المواجهات تواصلت. هذا الأمر يثير القلق لدينا»، وأضافت نولاند: «منذ فترة طويلة، ندعم خطط السلطات المركزية في طرابلس لإرساء قوة مركزية»، وتابعت: «ومنذ البداية، قلنا إنه إذا ما كانت هناك مطالب محددة تأتي من الحكومة الليبية للولايات المتحدة والحلف الأطلسي وما إلى هنالك بشأن طريقة المضي قدما بهذه العملية، فإننا على استعداد لدعمهم»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، وأشارت إلى «أننا نزودهم ببعض النصائح»، مؤكدة فقط أن الولايات المتحدة لا تملك في الوقت الراهن أي مستشار عسكري في البلاد.

ويراهن المجلس الوطني الانتقالي على دمج الميليشيات في القوات المسلحة لنزع الأسلحة المنتشرة في البلاد. وتتولى الميليشيات حاليا قسما كبيرا من مهام حفظ الأمن في البلاد. وتزامنت هذه التطورات مع إعلان المجلس الانتقالي إلغاء قانون تجريم تكوين وتشكيل الأحزاب الذي فرضه نظام القذافي على مدى نحو أربعة عقود في ليبيا.

ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن مصطفي لندي عضو اللجنة القانونية بالمجلس قوله إن المجلس أصدر أمس قانونا يقضى بإلغاء القانون رقم «17» لسنة 1972 بشأن تجريم الحزبية.

وفي سياق آخر علمت «الشرق الأوسط» أن ضباطا من الجيش الليبي اعترضوا على قرار مفاجئ اتخذه مساء أول من أمس مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي بتعيين يوسف المنقوش في منصب رئيس هيئة أركان الجيش الوطني.

وكان من المقرر أن يعقد مساء أمس بعض الضباط في الجيش مؤتمرا صحافيا في فندق «كورنثيا» بالعاصمة طرابلس للإعلان عن رفضهم القرار، على اعتبار أنه يأتي خلافا لتعهدات عبد الجليل بترك مسألة تعيين من يشغل هذا المنصب الشاغر منذ نحو شهرين إلى القادة العسكريين من الثوار والجيش الوطني. وقال ضباط من الجيش الليبي لـ«الشرق الأوسط» إنهم فوجئوا بتعيين المنقوش بقرار من رئيس المجلس الانتقالي على الرغم من وجود قرار من المجلس بإلغاء تعيين أي شخص يقوم رئيس المجلس بتعيينه. وكان ملتقى الضباط قد رشح ستة ضباط وكلهم برتبة عقيد لمنصب رئيس أركان الجيش الليبي وترك حرية الاختيار لعبد الجليل لتعيين أحدهم، لكن المستشار عبد الجليل تجاهل هذه القائمة كما تقول مصادر عسكرية في الجيش الوطني وقام بتعيين المنقوش بعد ترقيته إلى رتبة لواء في المنصب الشاغر بعد الاستقالة الغامضة لسلفه اللواء محمود سليمان العبيدي.

وانضم المنقوش إلى الثوار منذ بداية الثورة المناهضة لحكم القذافي في السابع عشر من شهر فبراير (شباط) الماضي.

وتقاعد المنقوش من جيش القذافي قبل عشر سنوات، قبل أن يعود مجددا إلى جبهة القتال في منطقة شرق ليبيا بعد اندلاع الثورة حيث كان أحد القادة الميدانيين البارزين إلى أن اعتقلته كتائب القذافي خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي خلال المعارك التي خاضتها ضد قوات الثوار.

والمنقوش شقيق لرئيس وزراء ليبيا الأسبق محمد المنقوش، الذي تولى أيضا رئاسة جهاز مياه النهر الصناعي، وكان نائبا لرئيس جمعية الهلال الأحمر الليبية.

ومع أن تعيينه لاقى ترحيبا شعبيا للوهلة الأولى، إلا أن اعتراض البعض على تعيينه خاصة في صفوف العسكريين لأخطاء يقولون إنها إدارية وعسكرية شابت عملية اختياره، ينذر بمواجهات عسكرية لاحقة داخل هيئة أركان الجيش.

من جهته، حذر مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي من أن هناك خطورة من انزلاق البلاد إلى حرب أهلية ما لم تتم السيطرة على الميليشيات المتناحرة التي ملأت الفراغ الذي خلفه سقوط القذافي. وبنبرة تعكس استياءه وتململه من تكرار خروج الثوار عن تعهداتهم وعدم احترام القانون والتناحر فيما بينهم، قال عبد الجليل أمام تجمع بمدينة بنغازي معقل الثوار والمقر السابق للمجلس الانتقالي إن «هناك خيارين، كليهما مر؛ إما التعامل مع تلك الاشتباكات بحزم ووضع الليبيين في مواجهة مسلحة وهو أمر غير مقبول، أو الانقسام فتقوم حرب أهلية».

وأضاف عبد الجليل في لهجة تحذيرية واضحة أنه «في حالة عدم توفر الأمن، لن يسود القانون ولن تحدث تنمية ولن تجرى انتخابات.. الناس سيأخذون حقوقهم بأيديهم».

وأبلغ عبد الله ناكر رئيس مجلس ثوار طرابلس «الشرق الأوسط» عبر الهاتف من العاصمة طرابلس أن الوضع بات هادئا في المدينة بعد هذه الاشتباكات، معتبرا أن المتورطين فيها مجرد مجموعة خارجة عن القانون ولا تمثل الثوار الحقيقيين.

والتأمت مساء أول من أمس جلسة مصالحة بين قيادات المجلس العسكري بمصراتة وشارع الزاوية لاحتواء هذه الاشتباكات، فيما قال عبد الحكيم بلحاج رئيس المجلس العسكري لطرابلس إنه تم تأمين منطقة الاشتباكات، التي لفت إلى أنها وقعت بسبب خلافات حول تطبيق القانون. وأعلن بلحاج مصرع أربعة أشخاص وإصابة ستة آخرين، موضحا أنه تم اعتقال بعض الأشخاص المتورطين في هذه الاشتباكات تمهيدا لتقديمهم إلى المحاكمة. وشرعت الحكومة الانتقالية في تسجيل الثوار المقاتلين للتعرف على خلفياتهم العلمية والمهنية.. حيث صنفت الثوار إلى ثلاث فئات تضم الراغبين في الانضمام إلى وزارتي الدفاع لحماية الحدود والمنشآت الحيوية وحقول النفط ووزارة الداخلية لحفظ الأمن وضمان الاستقرار بمرتبات أساسيه تصل إلى 600 دينار شهريا.

وقالت الحكومة عبر موقعها الإلكتروني الرسمي إنه يتعين على جميع الراغبين في الاستفادة من هذا المشروع استكمال بيانات الاستبيان الخاص بجمع المعلومات المتوفر لدى المجالس المحلية حتى منتصف الشهر الحالي. إلى ذلك، أوفد أمس المجلس الوطني الانتقالي مبعوثين رسميين إلى النيجر وجنوب أفريقيا في محاولة جديدة على ما يبدو لإقناع حكومتي البلدين بالتعاون مع مطالب المجلس لتسليم الساعدي نجل القذافي واستعادة بعض الأرصدة والأموال الليبية المهربة.

واجتمع عاشور بن خيال وزير الخارجية في الحكومة الليبية الانتقالية مع محمد يوسف رئيس النيجر، حيث سلمه رسالة خطية من المستشار مصطفى عبد الجليل تتعلق بالعلاقات الليبية النيجرية وسبل تطويرها، خاصة في ما يتعلق بالوضع الأمني في البلدين ومنطقة الصحراء الكبرى بصفة عامة.

وقالت وكالة الأنباء الليبية إن رئيس النيجر وافق على القيام لاحقا بزيارة إلى ليبيا، مشيرة إلى أنه عبر عن سروره بأول زيارة لوزير خارجية ليبيا في عهد الثورة التي أطاحت بالقذافي.