خميس دام في العراق.. وجثث القتلى تتناثر في بغداد وكربلاء وذي قار

عضو لجنة الأمن البرلمانية لـ «الشرق الأوسط»: قادة الكتل السياسية يتحملون مسؤولية ما يحدث

عناصر الدفاع المدني ومواطنون عراقيون يحاولون إنقاذ الضحايا إثر انفجار سيارتين مفخختين في مدينة الكاظمية بجانب الرصافة من بغداد أمس (رويترز)
TT

أدت سلسلة هجمات شهدها العراق، أمس، بينها هجوم انتحاري استهدف زوارا شيعة في جنوب البلاد وانفجارات هزت بغداد، إلى مقتل ما لا يقل عن 61 شخصا وإصابة 138 آخرين بجروح، في موجة عنف تتزامن مع الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد.

وسقط ثلثا قتلى الخميس تقريبا في هجوم نفذه انتحاري واستهدف زوارا شيعة كانوا متوجهين سيرا على الأقدام إلى مدينة كربلاء، لإحياء ذكرى أربعينية الأمام الحسين.

وقال الطبيب هادي بدر الرياحي، مدير عام صحة محافظة ذي قار لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «مستشفيات المحافظة استقبلت جثث 38 شخصا و62 جريحا من ضحايا الانفجار».

من جانبه، قال اللواء صباح الفتلاوي إن «انتحاريا يرتدي حزاما ناسفا فجر نفسه وسط تجمع من الزوار في منطقة البطحاء، غرب مدينة الناصرية (370 كلم جنوب بغداد)، مما أسفر عن مقتل 36 شخصا على الأقل، بينهم ضابط برتبة ملازم كان مسؤولا عن التفتيش، وإصابة 72 آخرين بجروح».

وأضاف اللواء الفتلاوي أن «الانتحاري استهدف موكبا يقدم الطعام والخدمات للزوار أثناء نيلهم قسطا من الراحة، قبل إكمال المسير، في ناحية البطحاء».

وبدأ آلاف الشيعة من المحافظات الشيعية البعيدة التوجه سيرا على الأقدام إلى كربلاء للمشاركة في إحياء أربعينية الأمام الحسين التي تبلغ ذروتها بعد تسعة أيام. وفي بغداد، سقط نحو ثمانين شخصا بين قتيل وجريح في سلسلة انفجارات هزت العاصمة، أمس، بينها انفجار سيارتين مفخختين.

وقال مصدر في وزارة الداخلية إن «23 شخصا على الأقل قتلوا، وأصيب نحو 66 آخرين بجروح في سلسلة انفجارات بينها انفجار سيارتين مفخختين في منطقة الكاظمية (شمال) ودراجة مفخخة وعبوتين ناسفتين في مدينة الصدر (شرق)».

وأضاف أن «سيارتين مركونتين في ساحتي الزهراء والعروبة في منطقة الكاظمية انفجرتا نحو التاسعة صباحا، مما أدى إلى مقتل نحو 14 شخصا وجرح 31 آخرين». وأكد مصدر في وزارة الدفاع حصيلة انفجار السيارتين في منطقة الكاظمية ذات الغالبية الشيعية شمال بغداد.

القادة والسياسيون العراقيون اكتفوا كالعادة بإصدار البيانات التي استنكرت ما جرى، متوعدين الجهات المنفذة بإلقاء القبض عليهم وإحالتهم إلى القضاء لكي ينالوا جزاءهم العادل، بينما حمل بعضهم الآخر الأجهزة التي يشرفون عليها مسؤولية التفجيرات بسبب الخروقات والاختراقات التي تعانيها. المشهد نفسه يتكرر بين فترى وأخرى؛ الآن بين خميس وخميس، في ظل ما بات يعتبره المراقبون والمختصون فشلا سياسيا كاملا نتيجة لعدم قدرة الأطراف السياسية على الارتفاع إلى مستوى التحديات التي خلفها الانسحاب الأميركي من العراق.

القيادي في القائمة العراقية وعضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، حامد المطلك، أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يجري الآن في العراق مأساة حقيقية يتحمل مسؤوليتها القادة والزعماء السياسيون الذين نسوا مسؤولياتهم ولم يعد هناك من شغل شاغل يشغلهم سوى خلافاتهم الثنائية». وحمل المطلك رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، نوري المالكي، المسؤولية الأولى قائلا إنه «لأول مرة في العالم يتحمل رجل واحد مسؤولية كل شيء في البلاد؛ من رئاسة الوزراء والقيادة العامة للقوات المسلحة ووزارتي الدفاع والداخلية ومكافحة الإرهاب والأمن الوطني وغيرها». وأوضح المطلك أنه «من دون مصالحة حقيقية وناضجة وشيوع مبد التسامح، فإن الأوضاع لن تستقر وسوف تظل المأساة مستمرة»، مشيرا إلى أن «الجهات المسؤولة لا تريد بناء دولة مؤسسات، لأن من شأن ذلك أن يقلل من فرص التفرد بالسلطة، وهذا أمر مؤسف عندنا، يكون ثمن ذلك هو دماء الأبرياء التي تنزف باستمرار»، داعيا إلى «ضرورة إعادة النظر بكل شيء حتى نتمكن من إيقاف التداعي السياسي والأمني في البلاد».

من جهته، طالب المجلس الأعلى الإسلامي، بزعامة عمار الحكيم، أمس، الأجهزة الأمنية بتفعيل الجهد الاستخباري لمواجهة التفجيرات، مبديا استغرابه من استمرار التفجيرات بالعاصمة والمدن العراقية الأخرى، على الرغم من انسحاب القوات الأميركية من البلاد.

أما القيادي في المجلس، بيان جبر، فقد صرح في مؤتمر صحافي عقده في مبنى البرلمان، قائلا: إنه «يتحتم على القوى الأمنية تفعيل الجهد الاستخباري وحشد جهودها لوقف التفجيرات»، مشيرا إلى أن «كتلة المواطن لن تقبل بالتبريرات بشأن قتل المواطنين».

وأبدى جبر «استغرابه من تكرار وقوع التفجيرات في العاصمة بغداد ومدن أخرى، بعد خروج قوات الاحتلال من البلاد»، مبينا أن «القوى الإرهابية كانت تقوم بالتفجيرات بحجة وجود القوات الأميركية، فلماذا تفعل ذلك الآن بعد خروجها من العراق؟». وطالب جبر، رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي، بضرورة «الإسراع بتعيين وزيري الداخلية والدفاع»، لافتا إلى أن «الكتلة تقوم بدراسة متكاملة لتحديد النقص في القوى الأمنية، لأن الكثير من منتسبي تلك القوى غير ملتزمين بالدوام، ويتقاسمون راتبهم مع مأموريهم»، بحسب تعبيره.