أوباما يتحدى خصومه بممارسته صلاحية «التعيين في فترة التعطيل»

أثار جدلا بتعيينه رئيسا لمصلحة حماية المستهلك وظهر كمحارب من الطبقة الوسطى

أوباما يهنئ كوردراي بعد تعيينه رئيسا لمكتب الحماية المالية للمستهلك في أوهايو الليلة قبل الماضية (إ.ب.أ)
TT

بدأ باراك أوباما معركة سابقة للانتخابات بتجاوزه الجمهوريين في تعيين رئيس جديد لمصلحة حماية المستهلك، متعهدا المحاربة من أجل الطبقة الوسطى «في كل ثانية» من رئاسته للبلاد. وتحدى أوباما بذلك خصومه مباشرة في مطلع عام يسعى فيه إلى الفوز بولاية رئاسية ثانية، وذلك بتسميته ريتشارد كوردراي رئيسا لمكتب الحماية المالية للمستهلك. وأثارت هذه الخطوة حنق الجمهوريين الذين اتهموا الرئيس «بالوقاحة» وبتجاوز صلاحياته الدستورية عبر تعيين مسؤول حماية المستهلك على الرغم من ضرورة الحصول على موافقة مجلس الشيوخ على خياره.

وقال أوباما: «أعد بأن أفعل كل ما في وسعي، كل يوم، كل دقيقة، كل ثانية، لتحويل هذه البلاد إلى مكان أفضل حيث للعمل الشاق والمسؤولية معنى»، محددا ملامح صورته الانتخابية كمحارب من أجل الطبقة الوسطى. وأضاف أوباما في ولاية أوهايو الرئيسية في الانتخابات الرئاسية الأميركية 2012 أن «ملايين الأميركيين يحتاجون إلى من يعنى بمصالحهم. هذا الشخص هو ريتشارد كوردراي».

ويتمتع مكتب الحماية المالية للمستهلك الذي أنشئ في إطار قانون التنظيم المالي الذي أعده أوباما وأقر عام 2010، بسلطة حماية المستهلك من الممارسات المصرفية المجحفة والشروط المخفية للقروض وبضبط وكالات الدين والإقراض.

وأكد أوباما أن المكتب لن يتمكن بلا رئيس من الإشراف على شركات إقراض الرواتب ومانحي القروض الطلابية وغيرها من الجهات المقرضة غير البنوك، بما فيها بعض شركات وخدمات الرهن العقاري. وأنفق اللوبي المالي في البلاد الملايين لوقف تأسيس هذا المكتب.

واستخدم أوباما مناورة تعرف باسم «التعيين في فترة التعطيل» وهي إجراء يجيز تعيين شخص في منصب لمدة عام، حتى لو لم ينل موافقة مجلس الشيوخ. وحاول الجمهوريون منع إجراءات مماثلة عبر إجبار الديمقراطيين على الدعوة إلى جلسة شكلية لمجلس الشيوخ في أثناء العطلة. وبالتالي تشكل خطوة أوباما تجربة قانونية تركز على نظام الحكم الأميركي وقدرة الرئيس على تغليب إرادته على الكونغرس.

وقال المرشح الجمهوري ميت رومني إن المكتب هو «من الأقوى والأقل محاسبة» في تاريخ الولايات المتحدة. وتابع «مع الأسف، عوضا عن التركيز على التنمية الاقتصادية فهو (أوباما) يركز على إنشاء المزيد من الأنظمة وآليات الحكم وإدخال واشنطن في طريق مسدود». واتهم المتحدث باسم حملة أوباما بين لابولت، رومني بالوقوف إلى جانب المقرضين المستغلين والجمهوريين في الكونغرس ضد الطبقة الوسطى. وقال لابولت إن رومني «يتراجع عن وعده بإلغاء هيئة مراقبة وول ستريت والسماح لوول ستريت بصياغة أنظمتها بنفسها مجددا». وقال زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل غاضبا إن أوباما «تجاوز بوقاحة الشعب الأميركي». وتابع «إن هذه السابقة تضع المسؤول المعين في منطقة قانونية رمادية، وتهدد عملية المصادقة (على تعيينه) وتعرض صلب دور الكونغرس في مراقبة تجاوزات الجهاز التنفيذي للخطر».

بدوره انتقد رئيس مجلس النواب جون بونر بحدة ما اعتبره «عملا متعجرفا» و«استيلاء غير مسبوق على السلطة». كما حذرت الجمعية المصرفية الأميركية من أن إجراء أوباما يجازف دستوريا بنشاطات المكتب في المستقبل.

لكن الليبراليين أيدوا الرئيس الذي اعتبره البعض مفرط المراعاة لخصومه في الكونغرس. وقال العضو المؤسس في لجنة حملة التغيير الإيجابي آدم غرين إن «التعيين في العطلة لريتش كوردراي يزيح بعضا من أهم حماة وول ستريت».

وأكد كوردراي في مقالة في صحيفة «هوفينتن بوست» أن «المنتجات المالية قد تساعد على تحسين الحياة، لكنها قادرة كذلك على جعلها أكثر صعوبة». وقال كوردراي إن «أغلبنا يعرف شخصا على الأقل، صديق أو قريب، يعاني من مشاكل مالية»، مشيرا في هذا الصدد إلى كل من يعاني من مشاكل مالية بسبب عمليات غش أو ديون دراسة هائلة أو الذين خسروا منازلهم ظلما.

وعارض الجمهوريون المصادقة على تعيين كوردراي أو غيره حتى يوافق الديمقراطيون على تعديل المكتب لتحسين إمكانية محاسبته. كما عين أوباما بالطريقة نفسها ثلاثة أعضاء جددا في الهيئة الوطنية لعلاقات العمل، مما ضاعف من حنق الجمهوريين.

وفي سياق متصل، وجه المرشح الجمهوري الرئاسي نيوت غينغريتش انتقادات لمنافسه ميت رومني، معتبرا أنه المرشح الوحيد القادر على جمع الجمهوريين في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وغداة فوز صعب لرومني خلال الانتخابات التمهيدية في ولاية أيوا الثلاثاء، نشر غينغريتش على صفحة كاملة من صحيفة «نيو هامشاير يونيون ليدر» إعلانا يقارن وجهات نظره الشخصية مع آراء منافسه بشأن الضرائب والأسلحة والإجهاض.

وأشار غينغريتش الرئيس السابق لمجلس النواب الذي حل رابعا في أيوا إلى «التباين الواضح بين محافظ على شاكلة ريغان (الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان) ورجل معتدل من ماساتشوستس»، وذلك في تصريح للصحافيين خلال لقاء مع ناخبين في مدينة لاكونيا بولاية نيو هامشاير.

وقال: «أنا شخص ساهم مرتين في التغيير في واشنطن، مرة أولى مع (الرئيس رونالد) ريغان ومرة ثانية كرئيس لمجلس النواب. أما هو (رومني) فإنه شخص استفاد على طريقته من الليبرالية في ماساتشوستس».

وأضاف غينغريتش «لا دليل على أنه أدخل تغييرات على ماساتسوستس»، لافتا إلى أن رومني قام بزيادة الضرائب كحاكم للولاية في حين كان غينغريتش يسعى إلى تقليصها.