فتح تصف حماس في غزة بـ «عصابة محتلة» تريد خطف قرار الحركة

بعد أن منعت وفدا رفيعا لها من دخول القطاع.. بسيسو لـ «الشرق الأوسط» : هناك خلاف واضح ويبدو أن مشعل فقد السيطرة عليهم

صخر بسيسو
TT

شنت حركة فتح هجوما كاسحا غير مسبوق على سلطة حركة حماس في قطاع غزة، ووصفتها بـ«عصابة تحتل غزة تريد أن تختطف قرار فتح» وتعمل على إعاقة المصالحة الفلسطينية بعد أن حالت دون دخول وفد من قيادات الحركة القطاع، على الرغم من التنسيق المسبق معهم ومع الإسرائيليين، مؤكدة أن ذلك «يعكس خلافا داخل حماس، وعلى الرغم من ذلك أكدت فتح أن مثل هذه التصرفات لن توقفها عن هجوم المصالحة التي هي مصلحة للشعب الفلسطيني».

ولم يتوافر أي من متحدثي حماس للرد على اتهامات فتح. وقد حاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بفوزي برهوم وغازي حمد وسامي أبو زهري في غزة ومحمد نصر في سوريا طلبا للتعليق، لكن من دون فائدة.

وتحدث صخر بسيسو، رئيس الوفد، الذي ضم أيضا عضو مركزية فتح، محمد المدني، وقائد الأمن الوطني السابق الحاج إسماعيل جبر، وروحي فتوح، الذي شغل منصب الرئيس الفلسطيني في المرحلة الانتقالية بين رحيل الرئيس ياسر عرفات وانتخاب الرئيس الحالي محمود عباس (أبو مازن)، إلى «الشرق الأوسط» عن تفاصيل ما جرى بين الجانبين منذ اللحظة التي نسق فيها مع وكيل وزارة الخارجية المقالة في غزة، الدكتور غازي حمد، وحتى عودته مع الوفد إلى رام الله بعد أن احتجز رجال أمن غزة بطاقات هوياتهم ولم يعيدوها إليهم.

وقال بسيسو لـ«الشرق الأوسط»: «توجهنا إلى قطاع غزة بناء على قرار من اللجنة المركزية والأخ أبو مازن بالتوجه إلى غزة من أجل العمل وسط أبناء شعبنا، وذلك من أجل إعطائهم الانطباع الصحيح بأننا جادون في المصالحة وأنها تسير في الاتجاه الصحيح، كما أن وجودنا في غزة يمكن أن يعمل على حل الكثير من المشاكل والإشكالات التي تواجهنا». وأضاف: «على هذا الأساس عملنا بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي للوصول إلى معبر بيت حانون (إيرز) وسمح لنا الإسرائيليون بالسفر الجمعة (أمس)، وبناء على ذلك قمت بالاتصال بالسيد غازي حمد وأبلغته بأننا قادمون إلى غزة (المدني وفتوح والحاج إسماعيل) وطلبت منه أن يبلغني، إذا كان هناك ما يعكر صفو هذه الزيارة فأرجو إبلاغنا به، حتى نتجنب توتير أجواء المصالحة. لم يرجع حمد إلينا، واعتبرنا عدم اتصاله بنا موافقة من جانب حماس وأن كل الأمور تمام».

وتابع بسيسو سرد ما حصل: «وصلنا إلى المعبر، وفي الساعة الواحدة و15 دقيقة كنا في الجانب الفلسطيني منه، وكنا قد اتفقنا مع صديق لنا على القدوم لنقلنا مسافة الـ3 كيلومترات الفاصلة بين المعبر الإسرائيلي والمدخل الفلسطيني. سلمنا أوراقنا وبطاقات الهويات لرجال أمن حماس. بعد فترة ليست بالطويلة عاد أحدهم ليسأل روحي كيف خرج من غزة التي دخلها قبل أربعة أشهر من هذا المعبر؟ فجاء الرد أنه خرج عن طريق معبر رفح على الجانب المصري. عاد رجل الأمن لأدراجه ليعود بعد قليل ليسأل عن عمل محمد المدني، فأبلغناه أنه عضو لجنة مركزية لحركة فتح.. غاب مجددا.. وللعلم أن هذا كله يجري ونحن لا نزال جالسين في السيارة.. وجاء آخر ليسألنا إن كنا سنعقد مؤتمرا صحافيا فأبلغناه أننا لا ننوي ذلك ولا نفكر حتى في الحديث إلى الصحافيين، وأننا سننطلق متوجهين إلى غزة دون الحديث مع أحد. بعد انتظار طال نحو الـ45 دقيقة، نزلت من السيارة وتوجهت إلى مكتب رجال الأمن، وعرفتهم على نفسي.. وقلت لهم إننا ننتظر منذ أكثر من 45 دقيقة.. وسألتهم عن سبب التأخير فقالوا إنهم ينتظرون ردا من الأمن الداخلي، فجاء ردي حازما: عن أي أمن داخلي تتحدث؟ هل أحتاج إلى إذن من الأمن الداخلي حتى أدخل غزة أنا المولود فيها قبل أن تأتوا إلى الوجود وجدودي مدفونون في غزة؟ ومن هو هذا قائد الأمن الداخلي الذي أحتاج إلى إذن منه كي أدخل بلدي؟ أنهيت النقاش بالقول إن لديكم 10 دقائق تعطوننا فيها الموافقة بالدخول أو العودة».

ومضى بسيسو، الذي كان يتحدث بحدة بل بحرقة، قائلا: «مضت الدقائق العشر وبعدها خمس أخرى، ولم يحصل شيء.. فتحت باب السيارة محاولا الخروج منها.. وجاء أحدهم ليقول لنا إن الخروج من السيارة ممنوع.. فقلت له إنك قليل الأدب.. احترم نفسك وعد من حيث أتيت.. وحصل جدل بيننا وارتفع صوتنا عليهم.. بعدها ركبنا السيارة وعدنا إلى نقطة الارتباط في انتظار إعادة بطاقات الهوية إلينا. وجاء ردهم أنهم بحاجة إلى إذن من الأمن الداخلي أو من مجلس رئاسة الوزراء كي يعيدوا إلينا هوياتنا.. فقلنا لهم ها نحن جالسون في مكتب الارتباط الفلسطيني في الانتظار».

وتابع: «لو كان هناك مناخ إيجابي ما كان حصل ما حصل.. ونحن ننتظر اتصل بي غازي حمد وصدر مني كلام قاسٍ.. وقلت له كنت أتمنى لو أنكم، أنت أو محمود الزهار، كنتم في استقبالنا حتى تضفوا نوعا من الجو الإيجابي على جهود المصالحة.. وأضفت قائلا إليه: يا رجل أنا محاوركم منذ سنوات وهكذا أعامل؟».

وتساءل بسيسو موجها حديثه إلى حمد حسب قوله: «أين هي جديتكم في المصالحة؟ وسلمت سماعة الهاتف إلى روحي فتوح، الذي كان هو أيضا قد حكى مع حمد. وبعدها تحدث إلي ياسر الوادية (من المستقلين المشاركين في حوارات المصالحة) وأبلغته بما حدث، فاتصل بالزهار الذي قال له إن غازي حمد حكى معنا حول الموضوع بالأمس، وإن فتحي حماد (وزير الداخلية المقال) ومحمد عوض (نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية) أبلغاه بالشروط لزيارة غزة.. وعندما سألناه عن هذه الشروط، رد بالقول إنهما أبلغا حمد بها.. وهنا أقول إن غازي لم يبلغنا بأي شروط.. ولو تحدث عن أي شرط لرفضنا التوجه إلى غزة. على أي حال ها نحن عائدون في طريقنا إلى رام الله».

وحسب بسيسو فإن حركة حماس أصدرت بيانا تروي فيه سبب إعادة الوفد. وقال إن حماس نفت أن تكون قد منعت الوفد من الدخول وإن سبب المشكلة أن صخر بسيسو تطاول على الذات الإلهية. وردا على ذلك قال بسيسو: هذا محض افتراء وكذب. وأضاف: «حتى لو افترضنا جدلا أن ذلك صحيح كان عليهم اعتقالي وتقديمي للمحاكمة، وليس رد مجمل الوفد على أعقابه.. هم ليسوا مندوبي الله على الأرض.. إن مثل هذا الكلام سخيف جدا».

ووصل الغضب ببسيسو أشده بأن وصفهم بعصابة تحتل غزة، مؤكدا أن ذلك «يعكس خلافا داخل حماس.. هذا الخلاف الذي كان واضحا في اجتماعنا معهم في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي في القاهرة». واختتم قائلا: «إن العصابة المختطفة لغزة تريد أن تختطف قرار حماس وتعطل المصالحة، لكني أقول إننا مستمرون في هجوم المصالحة التي هي مصلحة للشعب الفلسطيني.. ويبدو أن خالد مشعل لا يفقد السيطرة عليهم.. وأقسم بالله إن هذا ما حصل بالتفصيل».