تونس: حكومة الجبالي تجد صعوبات لمواجهة الاعتصامات

دعوة الرئيس التونسي بهدنة مدتها 6 أشهر لم تجد صدى لدى المحتجين

رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي خلال اجتماعه بوزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه في تونس أول من أمس، وكان جوبيه قد عبر خلال زيارته لتونس عن دعم فرنسا لتونس لأنها ترى فيها قيم الديمقراطية التي تجمع البلدين (أ.ب)
TT

لا تزال حكومة الجبالي، منذ توليها قيادة تونس منذ نحو 10 أيام، تواجه الكثير من المصاعب في إدارة تركة ثقيلة من المطالب الاجتماعية التي تنتشر على طول خارطة البلاد وتدعمها أطراف سياسية تدافع عن الحريات العامة والفردية وتصر على ممارسة الاعتصامات والاحتجاجات كطريقة للتعبير عن مطالبها ذات الصبغة الاجتماعية والاقتصادية. وتجد حكومة الجبالي، خاصة وزارة الداخلية التي يقودها علي العريض، مصاعب كبيرة في التوفيق بين ملف الحريات من ناحية وملف تلبية المطالب من ناحية ثانية.

وترى كثير من الأطراف المتابعة للمشهد السياسي التونسي بعد الثورة أن إرساء ميثاق اجتماعي يكفل هدنة مدتها 6 أشهر على الأقل من بين الحلول الأساسية للمعضلات الاجتماعية والاقتصادية التي أفرزتها الثورة. ولم تلق، حتى الآن، دعوة المنصف المرزوقي، الرئيس التونسي المنتخب، صدى يذكر لدى المحتجين والمعتصمين في مواقع الإنتاج، سواء العمومية أو الخاصة، كما أن دعوة الباجي قائد السبسي، رئيس الحكومة المؤقتة السابقة، إلى «ضرورة إعطاء الحكومة فرصة ثم بعد ذلك تقع محاسبتها» لم تثر أي ردود فعل إيجابية في أوساط المعتصمين والمحتجين، خاصة في المناطق التي انطلقت منها الثورة في ولايات (محافظات) الوسط الغربي.

وتقف الحكومة حائرة تجاه تلك الملفات؛ فهي من ناحية تسعى إلى ضبط النفس وعدم المغامرة باستعمال القوة في ظل تربص أطراف كثيرة بحركة النهضة التي تقود البلاد بعد فوزها في الانتخابات. وتتهم النهضة أطرافا يسارية ونقابية بعرقلة برامجها ومشاريعها، إلا أنها لم تتخذ أي إجراء عملي، حتى الآن، ضد المعتصمين والمحتجين، ولا تزال تدرس مختلف الخيارات حتى إن لوحت في فترات سابقة باحترام القوانين ودعت المعتصمين لاحترام المصلحة العامة للبلاد.

وحول تلك الاحتجاجات والاعتصامات وطريقة معالجتها، قال عادل الشاوش، عضو المكتب السياسي لحركة التجديد (الأقلية المعارضة): إن التعامل الديماغوجي الآيديولوجي مع الأحداث سيجعل معالجة تلك الملفات صعبة للغاية وتتأخر إلى مواعيد غير محددة. ودعا الشاوش حكومة الجبالي، خاصة وزارة الداخلية ووزارة العدل، إلى استعمال القوة العامة لتطبيق القوانين في صورة تعطيل مصلحة البلاد ومصالح التونسيين، خاصة ما تعلق بقطع الطرقات. وحث حكومة الجبالي على تطبيق القوانين بصرامة وألا تضع في اعتباراتها المسائل الانتخابية وأنها بعد نحو سنة من الآن ستخوض انتخابات جديدة وهي تريد المحافظة على صورة سياسية مرنة لدى الناخبين. وقال الشاوش: إن حكومة قائد السبسي كانت فاقدة للشرعية الانتخابية ولم تكن لديها الأدوات الكافية لتجاوز مخلفات الثورة، أما بالنسبة لحكومة الجبالي فإن وضعها مختلف وهي تحكم في إطار ائتلاف حكومي ورفضت مبدأ تكوين حكومة وطنية وما عليها الآن ألا تحمل أعباء الحكم، وعبر عن مساندته للحكومة إذا سعت إلى تطبيق القوانين العادلة بشكل جيد لا تفرق فيه بين التونسيين.

من ناحيته قال عبد الحميد الجراي، رئيس نقابة الأمن الوطني: إن الوضعية الأمنية تعرف كثيرا من التعقيدات ولا يمكن للمؤسسة الأمنية أن تتدخل في كل المناطق لفض الاعتصامات والاحتجاجات دون أن يقع توجيه اللوم لبعض عناصرها بالإفراط في القوة، وهو ما قد يفتح المواجهة من جديد بين الأمن والمحتجين. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: لقد طلبنا من المنصف المرزوقي، رئيس الدولة المنتخب، الحماية القانونية لقوات الأمن خلال تدخلاتهم.

وأكد الجراي، في تصريحه، أن النقابة اقترحت على المرزوقي مرافقة النيابة العمومية لقوات الأمن خلال مرحلة فك الاعتصامات والاحتجاجات حتى توثق كل ما دار من حوار بين مختلف الأطراف وتمكن كل طرف من حقوقه عند الضرورة وفي إطار احترام الحريات العامة والخاصة. وقال إن رئيس الدولة استحسن الفكرة وقد يسعى إلى تفعيلها خلال الفترة المقبلة.