أول استعراض عسكري بمناسبة «عيد الجيش العراقي» بعد الانسحاب الأميركي

في ظل قصف صاروخي على المنطقة الخضراء

«يد» الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين تطل على دبابات وهي تمر تحت «قوس النصر» خلال الاحتفال بعيد الجيش العراقي أمس (إ.ب.أ)
TT

المكان ذاته ولكن الزمان يختلف.. هذه الجملة تلخص أمجاد الجيش العراقي ومآسيه معا. ففي ساحة الاحتفالات الكبرى التي بناها الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين وجعلها مكانا للاحتفال بـ«النصر» على إيران في حربه الطويلة معها (1980 - 1988) جرى أمس أول استعراض عسكري عراقي بمناسبة الذكرى الحادية والتسعين لتأسيس الجيش العراقي.

وتحت قوسي «النصر» وسيفيهما المشدودين بقبضة يد صدام حسين والتي رفضت مؤسسة الذاكرة العراقية المدعومة من واشنطن إزالتها بوصفها إرثا عابرا للنزاعات السياسية، حضر القائد العام للقوات المسلحة العراقية رئيس الوزراء نوري المالكي مكان الاستعراض. وبينما كانت التشكيلات العسكرية بمختلف الصنوف تستعرض في الساحة المفتوحة داخل المنطقة الخضراء كانت هذه المنطقة تشهد قصفا صاروخيا مكثفا. لكن هذا القصف الذي اعتاد عليه سكان هذه المنطقة لم يؤثر على سير الاستعراض الذي شارك فيه عدد من الطائرات العراقية في محاولة من الجهات المختصة منح هذا الاستعراض قوة رمزية في وقت تعاني فيه تشكيلات الجيش العراقي المختلفة العديد من النواقص ليس في الأجهزة والمعدات فقط وإنما في الأسلحة الثقيلة، لا سيما الطائرات والدبابات ومعدات الدفاع الجوي.

الرئيس العراقي جلال طالباني دعا في بيان له تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إلى أهمية إبعاد الجيش العراقي عن أي ولاءات ثانوية ما عدا الولاء للوطن. وقال البيان إن «شعبنا وقواته المسلحة يستعيد بفخر واعتزاز الذكرى السنوية لتأسيس الجيش العراقي الباسل، وهي ذكرى جعل منها الشعب مناسبة لتحية الجيش ودوره الوطني وتضحياته العزيزة». وأضاف طالباني أن «ذكرى التأسيس تمر هذا العام وقد مضت أيام على مغادرة آخر جنود الولايات المتحدة أراضينا في ضوء الاتفاقية الموقعة بين البلدين»، مشيرا إلى أن ذلك «يجعل المناسبة تحظى باهتمام استثنائي يكون معه الاحتفاء بذكرى تأسيس جيشنا منطويا على معان عديدة مثلما يرتب مسؤوليات كثيرة متبادلة بين قيادات شعبنا السياسية والحكومية والاجتماعية». وتابع طالباني أن «في مقدمة تلك المسؤوليات العمل الحثيث على تطوير القدرات التدريبية والتسليحية والفنية لقواتنا وتعزيز مستواها المهني الذي يعزز دور الجيش بوصفه جيش الدولة والشعب»، داعيا إلى «إبقائه بمنأى عن أي ولاءات سوى الولاء الأكبر للوطن والمجتمع بكل أطيافه ومكوناته».

من جانبه، أكد المالكي خلال مشاركته في الاستعراض أن «الاحتفال بهذه المناسبة هذا العام جاء متزامنا مع العديد من الإنجازات التي يعود الفضل في تحقيقها إلى قواتنا المسلحة وقدراتها العالية التي أشاد بها الجميع».

الوضع الأمني الذي سجل خلال الأيام الثلاثة الماضية تدهورا جديدا من خلال العديد من الانفجارات في مناطق مختلفة من بغداد والعديد من المحافظات كانت فيه حصة المنطقة الخضراء سقوط أكثر من صاروخ «كاتيوشا» أعقبه إطلاق صفارات إنذار في أرجاء المنطقة الدولية دون وقوع خسائر.

المفارقة الأكثر لفتا للنظر في أمر هذا الاستعراض أن الجيش العراقي الذي ألغاه أول حاكم مدني أميركي بعد الاحتلال عام 2003 بدعوى تبعيته للنظام السابق اضطر الأميركيون والكتل السياسية التي تسلمت السلطة من الأميركيين إلى الاعتراف به مجددا. وبينما ظل يوم السادس من يناير (كانون الثاني) من كل عام مجرد عطلة رسمية تحول خلال السنوات الأخيرة إلى أحد الأيام الوطنية ليشهد هذا العام ليس استعراضا عسكريا بل اعتبار السفير الأميركي لدى العراق جيمس جيفري شخصا غير مرغوب فيه. فالأميركيون الذين أعادوا تجهيز الجيش العراقي وهم الذين يستعدون لتسليمه بعد سنتين أول دفعة من طائرات «إف 16» باتوا يواجهون صدودا من قبل بعض القوى والكتل السياسية. فالكتلة الصدرية اضطرت إلى الانسحاب من المشاركة في الاستعراض احتجاجا على وجود السفير الأميركي لدى العراق.