تركيا: حبس القائد السابق للجيش بتهمة التخطيط لإطاحة الحكومة

المعارضة العلمانية تنتقد.. وانقسام في وسائل الإعلام إزاء الخطوة غير المسبوقة

الجنرال باشبوغ يتحدث إلى أردوغان بأنقرة في 28 فبراير (شباط) 2010 (رويترز)
TT

قرر القضاء التركي وضع القائد السابق للجيش قيد الحبس الاحتياطي بتهمة التخطيط للإطاحة بحكومة حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية، في خطوة غير مسبوقة انتقدتها المعارضة العلمانية وانقسمت بشأنها وسائل الإعلام المحلية.

ويشكل وضع الجنرال إيلكر باشبوغ في الحبس الاحتياطي صباح أمس بتهمة التخطيط لإطاحة الحكومة على رأس «منظمة إرهابية» المرحلة الأخيرة في النزاع القائم بين الجيش وسياسيي حزب العدالة والتنمية (الحاكم). ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» عن المحامي إيلكاي سيزر الموكل بالدفاع عن الجنرال قوله «إن الرئيس الـ26 لهيئة الأركان العامة للجمهورية التركية وضع للأسف في الحبس الاحتياطي بتهمة انتمائه إلى منظمة إرهابية وقيادتها، ومحاولته الإطاحة بالحكومة».

وسجن عشرات الضباط، في الخدمة أو التقاعد، خلال السنوات الأخيرة في إطار تحقيقات حول مؤامرات مفترضة تستهدف الحكومة، لكنه أول توقيف لقائد سابق للجيش. ويعتبر الجيش نفسه حامي النظام العلماني في تركيا وسبق أن أطاح بأربع حكومات في 50 عاما بينها عام 1997 حكومة رئيس الوزراء الإسلامي نجم الدين أربكان، وهو المرشد السابق لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان.

واستدعت النيابة العامة في إسطنبول أول من أمس الجنرال إيلكر باشبوغ الذي ترك رئاسة الأركان وتقاعد في 2010، بصفته مشتبها به في تحقيق حول حملة ترمي إلى تشويه سمعة حزب العدالة والتنمية (الحاكم). وبعد استجوابه لسبع ساعات أحيل إيلكر باشبوغ إلى إحدى المحاكم مع طلب وضعه في الحبس. ثم نقل إلى سجن سيليفري حيث يعتقل العديد من المتهمين بالتآمر، كما ذكرت وكالة أنباء «الأناضول».

ويتابع التحقيق تشعبات عدة لا سيما اتهامات لضباط بإنشاء مواقع على الإنترنت لبث دعاية معادية للحكومة وزعزعة استقرار تركيا. ورفض باشبوغ في شهادته الاتهامات الموجهة إليه، معتبرا أن الوضع «مضحك مبك»، بحسب الوكالة. وصرح أمام المدعين بأن «مواجهة اتهامات مماثلة تشكل بالنسبة لي أسوأ العقوبات. بعد ذلك، مهما كانت العقوبة التي سأدان بها، فلن يطال ذلك مني». وأضاف: «لو كانت لدي نيات سيئة مماثلة كقائد يسيطر على قوة من 700 ألف رجل، لكانت هناك طريقة أخرى للتصرف». وقال محامي باشبوغ إنه سيطالب بالإفراج عن موكله وبمحاكمته أمام المحكمة العليا، وهي التسمية التي تعتمد للمحكمة الدستورية عندما تقاضي قادة كبارا في الدولة، عوضا عن محكمة الحق العام.

ويرى مراقبون أن التحقيقات حول محاولات انقلابية تعرف بتسمية «قضية أرغينيكون» تكشف عن الصراع القائم بين الجيش الساعي إلى حماية قيم العلمانية وحزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية.

وانتقدت المعارضة العلمانية أمس قرار المحكمة. وقال رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليجدار أوغلو لصحافيين في أنقرة: «سبق أن قلت إن المحاكم الاستثنائية لا تحكم بالعدل بل تنفذ قرارات السلطة السياسية. ما زلت على رأيي»، حسب ما نقلت «الأناضول». وانقسمت وسائل الإعلام حول معنى هذا الحدث. وقال محمود أوفور في صحيفة «صباح» الموالية للحكومة «إن مجرد التحقيق مع إيلكر باشبوغ الذي كان في السابق يرسم حدود القضاء بحركة من أصبعه يشكل تغييرا للنظام». أما صحيفة «حرييت» الواسعة الانتشار فتساءلت عما إذا كان القضاء سيتدخل غدا بالزخم نفسه ليدافع عن المجتمع أمام عمليات انتقام محتملة يجريها حزب العدالة والتنمية.

في سياق متصل، نقلت وكالة «رويترز» أمس عن مسؤول بالسفارة التركية لدى فرنسا أن السفير التركي سيعود إلى باريس الاثنين بعد استدعائه للتشاور ردا على مشروع قانون فرنسي سيجرم إنكار أن القتل الجماعي للأرمن عام 1915 من جانب الأتراك العثمانيين يرقى إلى كونه إبادة. ووافق مجلس النواب الفرنسي بأغلبية كاسحة على مشروع القانون الشهر الماضي مما دفع بأنقرة إلى إلغاء كل الاجتماعات السياسية والاقتصادية والعسكرية مع باريس واستدعاء السفير التركي إلى بلاده للتشاور، وهي خطوة أقل من استدعائه بصورة كاملة. وتمت دعوة ممثلين لجماعات تركية وأرمينية وسفيري تركيا وأرمينيا لحضور جلسة بمجلس الشيوخ الأسبوع المقبل بشأن التشريع الجديد الذي يريد مؤيدوه إقراره قبل تعليق جلسات البرلمان في نهاية فبراير (شباط) قبيل انتخابات الرئاسة المقررة في أبريل (نيسان). ووصف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مشروع القانون بأنه «سياسات مبنية على العنصرية والتمييز وكراهية الأجانب». وأكدت الحكومة الفرنسية أن مشروع القانون الذي يفرض عقوبة تصل إلى غرامة 45 ألف يورو والسجن لمدة عام على المخالفين جاء بمبادرة من مشرع محافظ وليس من الرئيس نيكولا ساركوزي. وتعد فرنسا سوق التصدير الخامس بالنسبة لتركيا، وهي سادس أكبر مصدر لوارداتها، ووصل حجم التجارة الثنائية إلى 14 مليار دولار في الشهور العشرة الأولى من عام 2011.