لأول مرة في تاريخ الكنيسة: البابا شنودة يرأس قداس عيد الميلاد بحضور الفريق عنان وقيادات «الإخوان»

هتاف «يسقط حكم العسكر» يدوي داخل أسوار الكاتدرائية ردا على تحية البطريرك لهم

الفريق سامي عنان نائب رئيس المجلس العسكري (الحاكم) وبعض قيادات الجيش، (وسط) وعن يمينه الفريق أحمد شفيق المرشح المحتمل للرئاسة في انتظار دخول البابا شنودة الثالث بطريرك الكرازة المرقسية (رويترز)
TT

عيد مختلف للميلاد ذلك الذي احتفل به المسيحيون الأرثوذكس بمصر الليلة قبل الماضية، إذ شهد الكثير من الوقائع التي تحدث لأول مرة في تاريخ الكنيسة المصرية، منها حضور الفريق سامي عنان نائب رئيس المجلس العسكري (الحاكم) رئيس الأركان ومعه لفيف من قيادات الجيش، بالإضافة إلى عدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين لأول مرة قداس العيد.

القداس الذي بدأ في نحو العاشرة مس أول من أمس في الكاتدرائية المرقسية (المقر البابوي) بالعباسية (شرق القاهرة) ورأسه البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية (بابا المسيحيين الأرثوذكس) شهد ترتيبات أمنية غير مسبوقة، إذ تولت قوات الشرطة والجيش حماية مقر الكاتدرائية، وشوهد عدد من رجال الشرطة في شارع رمسيس الذي تقع به الكاتدرائية وعدة كنائس أخرى، ويمر المدعو لحضور القداس عبر بوابات إلكترونية للكشف عن الأسلحة والمعادن وتتولى فرق الكشافة الكنسية تفتيش الحقائب وتنظيم الدخول.

وفي داخل القاعة، التي ازدانت للعيد ببسط حمراء ممتدة وأشرطة من الستان البيضاء لتنظيم الممرات، وجد رجال الأمن الذين ارتدوا زيا مدنيا بكثرة في الممرات بين المقاعد، ونظرا لكثرة المدعوين من الشخصيات المهمة تم وضع صفين من المقاعد في مقدمة القاعة بدلا من صف واحد لاستيعاب العدد الكبير.

وكان لافتا حضور وفد من المجلس العسكري برئاسة الفريق سامي عنان نائب رئيس المجلس رئيس أركان الجيش ومعه 9 لواءات بينهم مسيحي، وتزامن دخولهم للقاعة مع دخول البابا شنودة وسط تصفيق الحضور، وحرصوا على الجلوس متجاورين في الصف الأول، بينما جلس بجوار الفريق عنان، الفريق أحمد شفيق المرشح المحتمل للرئاسة وآخر رئيس وزراء عينه الرئيس السابق حسني مبارك قبل تنحيه في فبراير (شباط) الماضي.

كما حضر القداس أيضا وفد من قياديي جماعة الإخوان المسلمين لأول مرة في تاريخ الجماعة، وضم الوفد الدكتور محمود عزت نائب المرشد العام والدكتور محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للحزب، والدكتور سعد الكتاتني الأمين العام للحزب، وبدا غريبا أنهم فور جلوس البابا شنودة على مقعده توجهوا إليه لتحيته وغادروا بعدها القاعة دون حضور بقية القداس، بعد أن صافحوا وفد المجلس العسكري.

حضر القداس الدكتور حسن يونس وزير الكهرباء والطاقة، أقدم وزراء الحكومة الحالية، نائبا عن الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء، ومنير فخري عبد النور وزير السياحة (مسيحي)، وشاكر عبد الحميد وزير الثقافة، ومحمد فتحي البرادعي وزير الإسكان، وعبد القوي خليفة محافظ القاهرة، وعدد من المرشحين المحتملين للرئاسة منهم وعمرو موسى وحمدين صباحي وأحمد شفيق، فيما وجه الدكتور محمد البرادعي تهنئته للمسيحيين عبر صفحته على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي لوجوده خارج مصر، وحضرت أيضا السفيرة الأميركية بالقاهرة آن باترسون وعدد من السفراء الأجانب المعتمدين، وعدد من نواب البرلمان الجديد وأعضاء بالمجلس الاستشاري، وعدد من الفنانين، وبرلمانيون سابقون.

وفي عظته التي بدأت في الحادية عشرة والربع مساء واستمرت 20 دقيقة، استهل البابا شنودة حديثه بالتطرق إلى الأوضاع الداخلية بدلا من توجيه الشكر للحضور على غير عادته كل عام، قائلا «السؤال الآن مصر بلدنا العزيزة إلى أين؟ قطعا إلى الخير.. لا بالتفاؤل لكن بإيماننا أن الرب يتدخل في سائر الأمور لكي يسيرها في الطريق السليم، إلهنا يحب مصر ويحب المصريين ويرجو لهم السلام والخير لذلك إيماننا أنه بتدخل الله كل الأمور ستؤول إلى الخير والبركة».

ووجه البابا التحية للتيارات الإسلامية المختلفة قائلا «لأول مرة في تاريخ الكاتدرائية يزورها كل القيادات الإسلامية في مصر وأقول لكل القيادات الإسلامية من مختلف الاتجاهات وبكافة أحزابها الجميع يتفقون معا.. يد واحدة لاستقرار هذا البلد ومحبته والعمل من أجله وأن يعملوا هم (الإسلاميون) وجموع المسيحيين يدا واحدة من أجل مصر».

ووجه البابا شنودة حديثه للمسيحيين قائلا «أهنئكم أيضا بحضور هذا العدد المميز والمشرف من القيادات العسكرية التي تحبنا ونحبها والتي عملت كل جهدها من أجل رفعة البلاد» ليقاطعه بعض الحضور هاتفين «يسقط يسقط حكم العسكر» فيما قابل الآخرون الأمر بالتصفيق، واستمر الهتاف المناهض للمجلس العسكري لنحو عشر دقائق، وسط تجاهل تام من البابا شنودة الذي بدأ عظته التي دارت حول حياة السيد المسيح.

وعقب انتهاء العظة صافح البابا شنودة الذي ظهر وجهه شاحبا وصوته متعبا، الفريق عنان ووفد المجلس العسكري وهو جالس وبدا عليه التعب، وكان لافتا أن أحد أعضاء الوفد العسكري مسيحي إذ قبّل يد البطريرك وهو يصافحه، كما صافح البابا شنودة عددا من كبار الحضور قبل أن يواصل رئاسة القداس الذي استمر حتى الواحدة صباحا.