إنقاذ البحرية الأميركية للصيادين الإيرانيين بين الدبلوماسية والدراما

بعد احتجاز 13 رهينة لأكثر من شهر

عناصر من البحرية الأميركية يهنئون بحارة إيرانيين على سلامتهم بعد أن حرروهم من القراصنة الصوماليين (أ.ف.ب)
TT

حذر مسؤولون عسكريون إيرانيون، الأسبوع الحالي، حاملة الطائرات الأميركية من الدخول في مواجهة عسكرية كبيرة مع إيران، إذا حاولت دخول الخليج العربي مرة أخرى.

ويوم الجمعة، قدم الصياد الإيراني فاضل الرحمن، البالغ من العمر 28 عاما، التحية والشكر لحاملة الطائرات، حيث قال وهو متدثر بغطاء في السفينة: «كأن الله أرسلها لنا. لقد كنا نصلي كل ليلة لينقذنا، وها أنتم هنا الآن».

في مهمة بحرية جمعت بين الدبلوماسية والدراما والسياسة الشرق أوسطية، أجهضت حاملة الطائرات «جون ستينس» هجوما في أعالي البحار من قبل قراصنة على سفينة شحن في خليج عمان، ثم صعد بحارة من المدمرة الأميركية على متن سفينة القراصنة الأم، وحرروا 13 رهينة من الإيرانيين تم احتجازهم كأسرى منذ ما يزيد على الشهر. وبدأت الأحداث صباح يوم الخميس، عندما هاجم القراصنة سفينة تحمل علم جزر البهاما واسمها «صن شاين»، ولم يكن في حسبانهم أن تكون السفينة «ستينس» على بعد أقل من ثمانية أميال.

وانتهت القصة يوم الجمعة، حيث تم اصطحاب القراصنة الصوماليون الذي يبلغ عددهم 15 على متن المدمرة الأميركية «كيد» المصاحبة لـ«ستينس»، ثم تم نقلهم بالمروحية إلى حاملة طائرات وحبسوهم على متنها.

وأمدت السفينة الأميركية سفينة الصيد بالوقود والطاقم الذي كان عليها بالطعام، لتبحر عائدة إلى ميناء شاهبار في إيران. وتأتي عملية الإنقاذ، التي تمت على بعد 210 أميال عن شواطئ إيران، على خلفية توتر سياسي، فيوم الثلاثاء هدد وزير الدفاع الإيراني بمهاجمة «ستينس» إذا سعت للعودة إلى الخليج العربي الذي دخلته منذ أسبوع مضى. وأثار ذلك التحذير مخاوف من حدوث مواجهة على طرق سفن نقل النفط في مضيق هرمز.

وأكملت السفينة، «صن شاين»، التي يبلغ ارتفاعها 583 قدما، والتي كانت متجهة من كاليه بفرنسا إلى بندر عباس في إيران، رحلتها. وأدى الرهائن المحررون التحية للجنود الأميركيين بنفس سمحة راضية.

وقال محمد يونس، قبطان سفينة الصيد البالغ من العمر 28 عاما، إنه تم احتجازه وطاقم السفينة منذ نحو 45 يوما من قبل قراصنة يركبون قاربا ارتفاعه 83 قدما صعدوا على متن السفينة وأجبروها على التوقف في ميناء هافون بشمال الصومال، حيث انضم إلى القراصنة المزيد من الرجال المسلحين.

وظلت السفينة الإيرانية «المولاي» تبحر في خليج عمان لأيام دون أن تتعرض لضرر تحت علمها الإيراني، على حد قول قراصنة ورهائن. وقال زعيم القراصنة بشير بهوتان، البالغ من العمر 32 عاما، إنه لم يكن يعتقد أن أيا منهم سيُدفع لإطلاق سراحه فدية كبيرة، فجعلهم يمرون. وأخبرنا القراصنة أنه إذا تمكنا من الحصول لهم على سفينة جيدة، فسوف يطلقون سراحنا، كما أوضح يونس. وأضاف يونس أنهم لا يستطيعون القيام بذلك؛ فهم صيادو سمك بسطاء. وبدأت القصة صباح يوم الخميس، عندما كان ستة من القراصنة يتجولون في قارب ووجدوا ضالتهم المنشودة، وهي «صن شاين» التي تبعد 100 ميل عن شواطئ عمان. وقال محمد محمود، البالغ من العمر 33 عاما، وهو أحد القراصنة، إن هذا النوع من السفن هو بغيتهم، فهو الذي يمكن أن يُدفع فيه مبلغ فدية ضخم قد يصل إلى ملايين الدولارات. واندفعوا نحوها مصوبين أسلحتهم إليها وجذبوها بخطاف، وحاولوا الصعود على «صن شاين» من خلال تسلق جانب السفينة، لكن باءت جهودهم بالفشل، حيث بعثت السفينة رسالة استغاثة، وعملت على منع القراصنة من الصعود؛ برشهم بأنابيب المياه.

وظهرت مروحية أميركية. ولم يكن يعرف القراصنة أو طاقم السفينة هذا، لكن كان هناك ثلاث سفن هي «ستينس» وسفينة الإمدادات «رينير» وسفينة «موبايل باي»؛ السفينة الحربية ذات الصواريخ الموجهة. وكانت حاملة الطائرات تحصل على الإمدادات من «رينير»، ولديها عدد من المروحيات في الهواء عندما بثت السفينة «صن شاين» نداء الاستغاثة.

وكان على متن حاملة الطائرات «رير أدم» الأدميرال كريغ فولر، الذي يصدر الأوامر إلى مجموعة حاملة الطائرات، الذي نظر إلى الخريطة وشاشة الرادار ليرصد موقع السفينة «صن شاين»، ولم يصدق عينيه عندما وجد أن المسافة الفاصلة بين السفينة وحاملة الطائرات «ستينس» لا تزيد على بضعة أميال، فقال: «قد يكون هؤلاء القراصنة هم أغبى قراصنة على وجه الأرض».

وأصدر أوامر لإحدى المروحيات والسفينة الحربية بالتوجه إلى «صن شاين» ولمروحيات أخرى بالتحقق من المعلومات الموجودة على شاشة الرادار المتعلقة بالسفن الأخرى الموجودة للبحث عن السفينة الأم للقراصنة. وعندما رأى القراصنة الطائرة سمحوا للسفينة «صن شاين» بالإفلات. وعلى متن حاملة الطائرات، كان الضباط يشاهدون مقطعا مصورا من مروحية يظهر به ستة قراصنة يرتدون قمصان ويركبون زورقا أبيض صغيرا. ولدقائق بدا الارتباك عليهم لكنهم سرعان ما استسلموا. وقال القبطان تود مالوي، رئيس مجموعة حاملة الطائرات: «إنهم يستسلمون». واقترب فريق من «موبايل باي» في قارب مطاطي.

لقد أخبرهم القراصنة أنهم كانوا في البحر «للهو»، على حد قول جنود. وعلى الجانب الآخر تتبعت المروحية التابعة لـ«موبايل باي» تحركات الزورق الذي وصل إلى السفينة الإيرانية. وبعد عدة ساعات وبعد أن صعد القراصنة على متنها، اقتربت السفينة «كيد» واتصلت بالسفينة «المولاي». وسألت ما إذا كانت لديها غرباء على متنها، لكنها أجابت بالنفي. وقال جنيفر إلينغر، كبير الضباط على «كيد»: «بينما كنا نقوم بعملية مراقبة من الجو، رأينا صوماليين وأشخاصا لا يبدون من الشرق الأوسط، وبدا أنهم غرباء. رأينا كذلك أن بعض الملابس المعلقة على متن السفينة صومالية». وبعد أن اقتربت السفينة الأميركية من الإيرانية، كان الصوماليون يختبئون ويجبرون القبطان الإيراني على التحدث للسفينة الأميركية. وسفينة «المولاي» من شرق إيران بالقرب من باكستان، حيث يتحدث الكثير من السكان اللغة الأردية.

وقال الرئيس سيدو: «في البداية كان القبطان مترددا في الإجابة لخوفه، لكن لم يكن يفهم الصوماليون اللغة الأردية وتمكن أخيرا من استجماع شجاعته»، وقال: «نحن بحاجة إلى المساعدة، رجاء ساعدونا». وتبددت المخاوف السياسية بعد هذا الرجاء، فقد طلب قبطان السفينة العون. وأصدر كليم شوكت، الباكستاني المسؤول عن فريق العمل المشترك 151 أوامر بإنقاذها، وفي المساءـ توجه زورقان مطاطيان مسلحان إلى «المولاي».

* خدمة «نيويورك تايمز»