لجنة «شمغار» الإسرائيلية: الأحياء مقابل أحياء والجثث مقابل جثث

وضعت معايير جديدة لأي مفاوضات مستقبلية لتبادل أسرى تقوم على «تقليل الثمن»

بعض الأسرى الذين أطلق سراحهم في صفقة شاليط في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي يصلون إلى غزة (نيويورك تايمز)
TT

قللت حركة حماس، أمس، من أهمية اعتماد إسرائيل معايير جديدة في التعامل مع صفقات تبادل الأسرى، وإن كانت اعتبرتها «خير دليل على أن الاحتلال بدأ يتقبل فكرة اختطاف الجنود ويتعامل معها على أنها أمر واقع». ووصف الناطق باسم حركة حماس سامي أبو زهري، اعتماد معايير جديدة، بهزيمة إضافية للاحتلال، إذ «بدأت إسرائيل تحدد كيفية التعامل مع الوضع القائم»، متعهدا بمواصلة العمل على تحرير بقيه الأسرى بكل الطرق الممكنة، بغض النظر عن أي معايير إسرائيلية.

وأكد أبو زهري، ضرورة الإفراج عن كل الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، محذرا إسرائيل من أن «كل الاحتياطات التي تتخذها لن تجدي نفعا»، لأن حركته ماضية في طريق تبييض السجون من جميع الأسرى الفلسطينيين.

وجاء موقف حماس بعد ساعات من كشف تفاصيل مهمة وضعتها لجنة خبراء إسرائيليين مكونة من أكاديميين وقضاه سابقين، وحددت الأسس التي ستبني إسرائيل عليها أي مفاوضات جديدة حول جنود إسرائيليين مختطفين.

وأوصت اللجنة المعروفة باسم «شمغار» التي تحمل اسم رئيسها، رئيس محكمة العدل العليا السابق مائير شمغار، باعتماد سياسة أكثر تشددا في صفقات تبادل الأسرى، منتقدة ما وصفته بـ«تدهور إسرائيل في منزلق خطير» منذ إتمام صفقة تبادل الأسرى مع الجبهة الشعبية، القيادة العامة، بقيادة أحمد جبريل في 1985، وما لحقها من صفقات مع حزب الله اللبناني وحماس.

وكانت لجنة «شمغار» التي تضم أيضا الميجر جنرال احتياط عاموس يارون والبروفسور آسا كاشير، قد سلمت تقريرها الذي أحيط بسرية كبيرة إلى وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك قبل أيام، وتكشفت أمس بعض تفاصيله المهمة التي تعالج جميع الجوانب الإدارية والسياسية والإعلامية الخاصة بصفقات التبادل.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن التوصية الرئيسية التي بني عليها التقرير كانت «تخفيض سقف الثمن إلى أقل مستوى ممكن مقابل استرجاع مخطوفين أحياء»، ومنع التفاوض مستقبلا على جثث قتلى مقابل أحياء. وأوصت اللجنة الحكومة الإسرائيلية بألا تفرج إلا عن عدد صغير من الأسرى مقابل أي إسرائيلي، على أساس «أحياء مقابل أحياء وجثث مقابل جثث».

كما طالبت اللجنة بفحص هوية المخطوف وطبيعته الاعتبارية، معتبرة أن ذلك ما سيحدد طبيعة الثمن الواجب دفعه لاسترجاعه. ورفضت اللجنة في تقريرها المساواة بين جنود مخطوفين ومدنيين مخطوفين، قائلة إن ثمة فرقا شاسعا بين جندي يخطف من أرض المعركة وشخص آخر مدني يؤسر في ظروف مشبوهة.

وحملت اللجنة وزير الدفاع مسؤولية مباشرة ورئيسية عن تحديد الثمن بمشاركة عناصر أخرى بما فيها المستوى السياسي ممثلا في رئيس الحكومة، مع مراعاة ضرورة مصادقة الحكومة على كل المراحل المختلفة للمفاوضات ونتائجها. وأكدت اللجنة على ضرورة الحفاظ على عامل السرية في عملية المفاوضات أمام وسائل الإعلام. وتضمنت التوصيات أيضا جزءا سريا لم ينشر أي من تفاصيله بعنوان «تطوير قوة الردع الإسرائيلية لمواجهة عمليات الأسر المستقبلية».

وكان باراك قد شكل هذه اللجنة في عام 2008 بعد انتقادات شديدة لأداء الحكومات الإسرائيلية في صفقات تبادل حزب الله، التي بدأت عام 2004 وتم خلالها إعادة جثث الجنود الثلاثة عيدي أفيتان، وعمر سواعد، ووليني أبراهام، ورجل الأعمال ألحنان تننباون، مقابل 400 أسير فلسطيني و36 أسيرا لبنانيا من بينهم مصطفى الديراني والشيخ عبد الكريم عيد من قيادات حزب الله، وكذلك صفقة أخرى في نفس العام أعيد خلالها جثث الجنديين إلداد ريغيف، وإيهود غولدفاسر مقابل إطلاق سراح سمير القنطار عميد الأسرى العرب وأربعة أسرى لبنانين آخرين إضافة إلى رفات 197 من قتلى حزب الله.

ولم يتسلم باراك تقرير اللجنة، عندما انتهت منه قبل شهور، وطالبها بتقديم تقريرها بعدما يتم الإفراج عن جلعاد شاليط، الذي كان محتجزا لدى حماس منذ 25 يونيو (حزيران) 2006 حتى لا تسري توصياتها على صفقة شاليط.

وفي إسرائيل، حظيت توصيات «شمغار»، بموافقة وزير الدفاع الإسرائيلي، ومسؤولين آخرين، لكن البعض حذر من اعتماد ما جاء فيها مثل قانون لا يقبل النقاش. وكتب إيتان هبر، في صحيفة «يديعوت» يقول «الامتحان الحقيقي لهذا التقرير ليس الآن، بل عندما تجد إسرائيل نفسها أمام قضية مماثلة لقضية شاليط». وأضاف «حينها سيكون هناك نفس الرأي العام الإسرائيلي المتألم والذي يعتبر أن حياة إسرائيلي واحد تساوي مئات الإرهابيين».