«عصائب أهل الحق» تبحث عن تحالفات استعدادا لانتخابات مجالس المحافظات والبرلمان

المالكي قد يجد فيها بديلا عن التيار الصدري.. ودخولها العملية السياسية يعزز النفوذ الإيراني

TT

ينذر القرار الذي اتخذته جماعة «عصائب أهل الحق» المنشقة عن التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، بالتخلي عن السلاح والانضمام إلى العملية السياسية، بتعقيد هذه العملية وتقوية نفوذ إيران في العراق مع تراجع النفوذ الأميركي.

رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، رحب بقرار الجماعة، غير أن تضمين المقاتلين السابقين في العملية ربما يزيد من التوترات بين الجماعات الشيعية المتناحرة. وربما يجد المالكي، الذي يعتقد أنه لعب دورا فعالا في تشجيع عصائب أهل الحق، الآن حليفا مهما في هذه الجماعة التي يحتمل أيضا أن تقلل كذلك من اعتماده على الكتلة الصدرية. ويعتبر الصدر «عصائب أهل الحق» فصيلا خائنا انشق عن تياره قبل سبعة أعوام.

بدورها، تعتقد جماعة «عصائب أهل الحق» أنها لعبت دورا مهما في مقاومة النفوذ الأميركي في العراق، وأنها تستحق الآن مكافأة على المستوى السياسي. ويقال إن الجماعة تضم أقل من 1000 مسلح، يدعمهم عشرات الآلاف. وذكر عراقي مقرب من الجماعة المتطرفة العام الماضي أن الجماعة تعتمد على إيران في الحصول على تمويل قيمته 5 ملايين دولار وأسلحة شهريا.

وليس من الواضح مدى التزام الجماعة بنزع السلاح بشكل كامل. فعلى الرغم من موافقتها على نبذ العنف في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فإن أعضاءها لم يسلموا أسلحتهم، بحسب المسؤول العراقي الموكل إليه مهمة عقد مصالحة مع الجماعات المسلحة في الدولة. وقال المسؤول الحكومي عامر الخزاعي «لن تشتري الحكومة أسلحة الجماعة، لكننا مستعدون لأخذها إذا طلبوا منا ذلك». وذكر عضو بارز في «عصائب أهل الحق» أن الجماعة ترغب في التحالف مع جماعات شيعية أخرى استعدادا لانتخابات مجالس المحافظات والانتخابات البرلمانية. غير أنه لم يفصح عن أن الجماعة ستنزع سلاحها بالكامل، مكتفيا بالقول إن أعضاءها سوف «يبذلون قصارى جهدهم من أجل تأمين المناطق التي يقطنها الشيعة». كذلك، توخى قيس الخزعلي، زعيم الجماعة، الحذر عندما أجرت معه وكالة «أسوشييتد برس» حوارا يوم الجمعة الماضي. وقال الخزعلي «مسألة تسليم أسلحتنا سوف تناقش مع الحكومة العراقية في وقت ما في المستقبل بعيدا عن وسائل الإعلام». وفي حديث هاتفي موجز، قال الخزعلي أيضا إن الجماعة تعتزم تسليم جثمان الحارس البريطاني المختطف آلان ماكمينيمي، غير أنه لم يحدد التوقيت المحتمل أن يتخذ فيه هذا الإجراء.

وكانت «عصائب أهل الحق» وكتائب حزب الله بين مجموعة ميليشيات شيعية تدعمها إيران قامت بشن هجمات وحشية ضد قواعد أميركية في يونيو (حزيران)، الذي يعد أكثر الشهور المروعة خلال عامين بالنسبة للقوات الأميركية في العراق.

وثمة إشارة بسيطة دالة على أن جماعة أخرى تسمى كتائب حزب الله، تعتزم السير على نهج «عصائب أهل الحق». فقد أصدرت الجماعة، التي يعتقد أنها تتلقى التمويل والتدريب من قبل الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس، بيانا في 30 ديسمبر قالت فيه إنها لن تدخل في تحد مباشر مع الحكومة العراقية، لكنها لم تشر إلى أي خطط لتسليم الأسلحة.

وذكر نائب برلماني شيعي في بغداد أن تضمين المسلحين الشيعة في العملية السياسية لن يؤدي سوى لتقوية شوكة إيران في العراق. وأضاف «إيران تسيطر بشكل كامل على هذه الجماعات المسلحة، والمسؤولون الإيرانيون يدركون كيف ومتى يمكنهم استغلالها في ممارسة ضغط على الحكومة العراقية».

وكانت جماعة «عصائب أهل الحق» انشقت عن الصدر في عام 2008، ورفضت عدة دعوات من جانب الأخير للعودة إلى صفوف تياره. وما زالت العلاقات متوترة بين تيار الصدر، الذي يعتبر عنصرا رئيسيا في حكومة المالكي، وجماعة عصائب أهل الحق. وشن الصدر مؤخرا هجوما عنيفا ضد أتباع الجماعة، واصفا إياهم بالخونة. وقد اتهمهم أيضا بأن أيديهم ملطخة بدماء العراقيين، على الرغم من أن جيش المهدي التابع للصدر شكل أيضا فرق موت قامت بعمليات اختطاف واغتيال لعدد هائل من المدنيين السنة في فترة ذروة الحرب.

ويعتبر الخزعلي، قائد جماعة عصائب أهل الحق «منافسا سياسيا ودينيا حقيقيا لمقتضى الصدر»، وهذا ما قاله مايكل نايتس، وهو زميل بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. وأضاف «في الوقت الحالي، تميل حكومة المالكي نحو مقتدى لأنه يملك 40 مقعدا في البرلمان، فيما لا تملك جماعة «عصائب أهل الحق» أي مقاعد. يمكن أن يتغير ذلك الوضع». وقال «إذا نظمت جماعة عصائب أهل الحق نفسها في صورة حزب سياسي أكثر تقليدية، يمكنها أن تقضي على المطامح السياسية للصدر وتضعف مكانته في الحكومة الائتلافية».

وقال هادي جالو، باحث سياسي مقيم في بغداد، إن التوتر بين الصدر وجماعة «عصائب أهل الحق» ربما ينحدر إلى حالة عنف في المناطق التي يسيطر عليها الشيعة مع تنافس الجماعتين على السلطة. وقال «حتى إذا حدث هذا، فسيكون الإيرانيون هم المنتفعين الرئيسيين نظرا لأنهم سيلعبون دورا أكبر كوسطاء بجعل الجماعات الشيعية المتصارعة تجلس معا على طاولة واحدة لتسوية خلافاتها». ولن تؤدي أي إشارة إلى أن إيران تسيطر بشكل أكبر على القرارات السياسية في بغداد سوى إلى تصاعد التوترات الطائفية التي قد ازدادت في أعقاب انسحاب القوات الأميركية من العراق.

وذكر النائب السني فلاح زيدان أن الميلشيات الشيعية لا تحظى بالقبول داخل الأوساط السياسية العراقية، مضيفا «إنهم يأتون ومعهم أجندة إيرانية خطيرة».