سوريا تشيع ضحايا يوم الجمعة الدامي.. وتفجير مقر البعث في حلب

سقوط أكثر من 10 قتلى برصاص قوات الأمن ومظاهرات حاشدة في حمص وحماه

مظاهرة حاشدة تطالب باسقاط النظام في حوران أمس (أوغاريت)
TT

شيعت سوريا أمس ضحايا يوم الجمعة الدامي، الذي سقط فيه أكثر من مائة بين قتيل وجريح جراء «تفجير انتحاري» في حي الميدان بدمشق، وضحايا آخرون سقطوا برصاص الأمن السوري خلال مظاهرات في حمص وحماه ومدن سورية أخرى. وفي غضون ذلك، وقع انفجار في مقر حزب البعث في سوريا دون أن يسفر عن خسائر جسيمة.

وقالت وسائل الإعلام الرسمية السورية إن «حشود المواطنين توافدوا للمشاركة في تشييع «الشهداء الذين سقطوا ضحية التفجير الانتحاري يوم الجمعة». وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا): «شيعت من جامع الحسن في موكب شعبي ورسمي مهيب جثامين الشهداء إلى مثاويهم الأخيرة». وأضافت أنه «بعد أداء الصلاة على جثامينهم الطاهرة، جرت للشهداء مراسم تشييع رسمية، حيث حملت جثامينهم الطاهرة ملفوفة بعلم الوطن، وسط هتافات المواطنين (...) التي عبرت عن استنكارها للأعمال الإرهابية الإجرامية التي ترتكبها المجموعات الإرهابية المسلحة».

ونقل التلفزيون الرسمي مراسم التشييع مباشرة على الهواء، بينما أم الصلاة مفتي دمشق، بشير عيد، بحضور جمع من رجال الدين والوزراء والمسؤولين، في حين احتشد الآلاف خارج المسجد رافعين الإعلام السورية وصور الرئيس السوري بشار الأسد، وهتفوا: «بالروح بالدم نفديك يا بشار».

وكانت السلطات السورية قد أعلنت في وقت سابق أن نحو 26 شخصا من المدنيين وقوات الأمن وحفظ النظام قد لقوا حتفهم في التفجير الذي وقع في حي الميدان المضطرب، الذي كان قد شهد في الأيام الماضية مظاهرات مناوئة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.

ونشرت صحيفة «البعث» الناطقة بلسان الحزب الحاكم، أمس (السبت)، صورا لضحايا التفجير ولأشلاء بشرية متناثرة على الأرض، مؤكدة أن الهدف مما حصل هو «ترويع المواطنين واستنزاف سوريا وتدويل الأزمة».

وأضافت الصحيفة أن الاعتداء هدفه «إرباك الدولة والمجتمع، وتحويل سوريا إلى حمل وديع في صراعات ومعادلات طالما كانت فيها الرقم الصعب، وهو ما يتجاوز بالتأكيد كل ما قيل ويقال عن شعارات ومطالب محقة ومشروعة»، حسبما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

بدورها قالت صحيفة «الثورة» الحكومية إن «اليوم يختلف عن الأمس.. فما كان يسكت عنه لم يعد مقبولا به.. وما كان يتم تجاهله لم يعد متاحا ولا ممكنا.. هي المواجهة مع الإرهاب بأدواته.. ومظاهره.. وهي المواجهة مع داعميه ومدبريه ومخططيه».

وأضافت أن «الإرهاب لا يُعالج.. وإنما يُستأصل، واستئصاله لم يعد هناك مفر منه، لأنه يستفحل كل يوم تحت نفخ الأصوات المشبوهة والتحريض المقيت للغرائز والدم.. واجهناه في الماضي.. بوعينا ووحدتنا، واليوم مدعوون جميعا لمواجهته.. لاستئصاله أينما وجد.. وكيفما وجد»، موجهة أصابع الاتهام إلى الإخوان المسلمين.

إلى ذلك، أكدت مصادر محلية في حي الميدان أن «قوات الأمن والشبيحة أغلقت كل الطرق المؤدية للحي، وأن أهالي الميدان مكثوا في منازلهم، أما المشاركون في التشييع فجرى إحضارهم للمكان بالباصات». وهتف مشيعون موالون للنظام في حي الميدان «بدنا راسك يا حمد»، في إشارة إلى رئيس الوزراء القطري، حمد بن جاسم، رئيس اللجنة الوزارية العربية المعنية بالملف السوري.

كما قالت المصادر إن الشبيحة قاموا بتكسير سيارة عضو مجلس الشعب، الداعية الإسلامي محمد حبش، أثناء التشييع في الميدان، مع أن حبش كان إلى وقت قريب من الموالين للنظام قبل أن يتخذ مسار الخط الثالث، الداعي للتوفيق بين مساري المعارضة والنظام.

في غضون ذلك، خرجت في مناطق أخرى جنازات لتشييع قتلى سقطوا في مدينتي قدسيا وحرستا أثناء قمع قوات الأمن للمظاهرات التي خرجت الجمعة، وقال ناشطون إن عدد قتلى مدينة حرستا ارتفع أمس ليصبح 7، وسط أجواء متوترة.

وانطلق التشييع، أمس، من جامع الزهراء، بعد صلاة العصر، في مظاهرة حاشدة جدا وبحماية من الجيش الحر السوري الحر المعارض للنظام، بينما كانت قوات الأمن والشبيحة والجيش تحاصر المدينة من الخارج، وذلك بعد أن تم إغلاق كل مداخل مدينة حرستا من قبل الثوار المناهضين للنظام وإغلاق كل المحال التجارية.

وبعد التشييع، توجهت تعزيزات عسكرية إلى مدينة حرستا، وشوهدت مدرعات تتجه إلى هناك، مع توقعات بشن حملة أمنية على المدينة.

وفي حلب، أفادت مصادر باستهداف مقر حزب البعث الحاكم في المدينة، دون أن توضح طبيعة الانفجار. ونفت مصادر في «الجيش السوري الحر» لـ«الشرق الأوسط» المعارض للنظام مسؤولية الأخير عن الهجوم، إلا أنها أكدت عدم وقوع خسائر تذكر.

كما قال مصادر محلية في حي المزة بدمشق إن أصوات انفجارات قوية سمعت في وقت متأخر من ليل الجمعة، خلف مشفى الرازي، ولم تتوفر معلومات مؤكدة حولها، سوى ما قيل عن محاولة قوات الأمن تفريق مظاهرة حاشدة خرجت في الحي في وقت متأخر من الليل، وأنه تم إلقاء قنابل صوتية لإرهاب السكان.

وشهدت مدينتا حمص وحماه مظاهرات حاشدة ضد النظام، وسقط في حمص أمس نحو 10 قتلى في حي القرابيص برصاص قوات الأمن، في حين سُمع صوت دوي انفجارات قوية في محيط جامع خالد بن الوليد في حي الخالدية، حيث تعرض الاعتصام الذي ينفذه الأهالي هناك منذ ثلاثة أيام لمحاولات من قبل قوات الأمن لفضه. وفي حي بابا عمرو، قتل مواطن وجرحت زوجته وابنه إثر إطلاق النار على سيارته من قبل قوات الأمن. وتأزمت الأوضاع الأمنية في مدينة حمص، مساء أمس، وشهدت الأحياء المنتفضة إطلاق نار كثيفا، وذلك بعد عدة أيام عاشت فيها المدينة هدوءا نسبيا أثناء زيارة المراقبين العرب للمدينة.

وفي تطور الأوضاع في حوران، قال ناشطون إن الإضراب العام هناك أتم يومه الثامن والعشرين، في وقت يتم فيه قطع التيار الكهربائي عن أغلب بلدات حوران. وفي مدينة جاسم، قامت قوات الأمن بمداهمة البيوت، ليلة أول من أمس، وجرت حملة تفتيش واعتقالات، كما جرى إطلاق نار في ساحة المدينة أمس لتفريق تجمع للأهالي كانوا ينتظرون وصول المراقبين العرب.