حلب تتظاهر يومياً والعشائر انقسمت على نفسها

انخفاض في عدد الشبيحة يشجع الغاضبين على النزول إلى الشارع

TT

«حلب تغيرت كثيرا من شهرين إلى اليوم» يقول الناشط الحلبي الذي يطلق على نفسه اسم «خطاب»، بعد أن بات الناشطون السوريون يعرفون بعضهم البعض بأسماء حركية. خطاب يؤكد أن «المظاهرات في حلب تصاعدت بشكل كبير في الشهر الأخير، والأسبوع الماضي خرج ما يقارب 24 مظاهرة في يوم واحد». يشرح خطاب: «كل ساعة في حلب بات هناك مظاهرة، مقابل نقص واضح في عدد الشبيحة الذين كانوا يهجمون بالآلاف على المظاهرات الصغيرة، ولا يتركون أي تجمع يصمد لأكثر من عشر دقائق». «أما الآن - يضيف خطاب - فقد انخفض عدد الشبيحة، وغالبيتهم من أبناء العشائر، إلى النصف بسبب انقسام العشائر على نفسها بين مؤيد ومعارض للنظام، مما اضطر بعض الشبيحة للتراجع عن تهديد الناس والتعرض لهم تحت وطأة ضغط عشائرهم عليهم. وهناك عشائر معروفة بولائها للنظام انقلبت عليه مثل البقارة والعساسنة». ومما يشرحه خطاب أن خلافات العشائر، وانقساماتها باتت مشكلة للنظام الذي اعتمد على تأييدها بشكل أساسي، طوال الفترة السابقة.

ويضيف خطاب الواصل للتو إلى لبنان من حلب أن «ريف حلب بات بحكم الساقط وحاله شبيه بحال ريف حمص، رجال الأمن يحاصرونه، ويصعب عليهم دخول أي منطقة فيه، وهم أساسا لا يحاولون، لأنهم يعرفون أن ذلك لن يتم إلا بالدم، وأنهم سيجدون مقاومة كبيرة من السكان». ويروي خطاب أن هذه المناطق تعاني شحا كبير في الغاز والمازوت، في ما لا ترى بعض أحيائها الكهرباء أكثر من سبع ساعات خلال ثلاثة أيام. هذا الوضع يحول حياة الناس إلى جحيم سواء داخل المدينة أو في الأرياف. فالشح بات وضعا عاما تعاني منه المدينة كما الأرياف وأن ازداد الوضع صعوبة في الريف».

وجدير بالذكر أن النظام السوري يتفادى منذ بداية الثورة وما يزال، إراقة الدماء في حلب، أو استفزاز السكان، باعتبارها مثل دمشق، بيضة القبان التي يمكن أن تقلب الموازين لصالح الثورة، في حال أعلنت انتفاضتها الشاملة. ويروي حلبيون أن الثورة السورية كان يمكن أن تندلع شرارتها من حلب، بدلا من درعا بسبب احتجاجات بدأت بعد عدة أيام من بدء الثورة المصرية، وشوهدت في حينها كتابات على حيطان المدينة تقول: «إجاك الدور يا دكتور»، لكن القبضة الأمنية الحديدية التي تمسك بحلب ودمشق، بشكل لا شبيه له في باقي المحافظات، حالت دون ذلك.

سيدة حلبية وصلت إلى لبنان منذ يومين تؤكد من جانبها أن الوضع الشعبي تغير بشكل كبير، رغم أن التركيز الأمني الهائل على حلب ما يزال مستمرا، ورغبة السلطة في تفادي القتل واضحة، وتضيف: «كان التململ عند بعض النخب، ومجموعات من الشباب، أما الآن فقد صار السخط عاما، وما عاد الحلبيون يخشون من التعبير عن غضبهم. في بداية الثورة كان الناس مترددين في مواقفهم، الآن سكان حلب ينتظرون الفرصة للنزول إلى الشارع». وتروي السيدة الحلبية التي تتحفظ على ذكر اسمها أن هناك نقصا في كل شيء وحتى في الأدوية، شارحة «إن أحد المعامل الرئيسية في سوريا لصناعة الأدوية ويحمل اسم (أوبري) موجود في مدينة حلب تم توقيفه، ويقال إن ذلك يتم للضغط على السكان وحرمانهم من مستلزماتهم حتى الطبية منها». وتروي السيدة أن «الاعتقالات يومية، لكن شكلها تغير. كان يعتقل كل من يهمس بما يزعج النظام، أما الآن وبعد أن صار الغضب عاما، فالاعتقالات تقتصر على الناشطين».

وفيما اعتبر الناشط الحلبي «خطاب» أن سكان حلب، الذين كانوا مدللين من قبل النظام ويلقون معاملة خاصة، تتم معاقبتهم على انقلاب مواقفهم، أكد ناشط سوري آخر، «إن النظام لا يحرم السكان عمدا وإنما بات عاجزا، على الأرجح عن تأمين الحاجات الأساسية، والنقص خاصة في المحروقات، متأت من كثرة تحريك الآليات العسكرية التي تستهلك الكثير، فيما البترول المكرر أصبح غير كاف للاستهلاك الداخلي». خطاب يقول: «نحن ودمشق، في سباق مع الزمن، ولا نعرف أي المدينتين ستنفجر قبل الأخرى. لكن انفجار أي من المدينتين سيغير الموازين في سوريا كلها، وأعتقد أن حلب لن تتأخر، فالغضب يتصاعد، والمدينة على فوهة بركان». ويضيف: «ما يحدث في حلب هذه الأيام، ليس بقليل لكن هناك تقصير من السكان بإرسال الصور إلى الإعلام، وربما أن الإعلام أيضا لا يريد أن يصدق بأن حلب تغيرت، وأنها ستفاجئ الجميع».