لا مؤشرات على قرب إغلاق معتقل غوانتانامو

بعد 10 سنوات من افتتاحه

TT

بعد عشر سنوات من افتتاح مركز الاعتقال في القاعدة البحرية الأميركية بخليج غوانتانامو في 11 يناير (كانون الثاني) 2002، فإنه ما زال يعمل بنظام أمني متعدد المستويات لـ171 سجينا ما زالوا قابعين خلف أسواره.

وفي بعض الأماكن فيه يطوف السجناء بحرية وراء حاجز من الزجاج المقوى «البليكسي غلاس»، وهو نوع من الزجاج الشفاف القوي، حيث يحضرون دروسا في اللغة الإنجليزية والفن وإدارة الوقت. ويقول نقاد إن السجن يشكل أزمة بالنسبة لسمعة الولايات المتحدة على الصعيد الدولي، وكذلك بالنسبة للنظام القضائي الذي يضمن للمشتبه بهم الاستماع إلى الاتهامات ضدهم وإجراء محاكمة سريعة لهم والدفع ببراءتهم حتى تثبت إدانتهم.

وخلال العقد الماضي كان عدد المعتقلين في غوانتانامو 780 مشتبها بهم على الأقل، من بينهم 12 نزيلا أصليا ما زالوا هناك. ولم يحاكم سوى شخص واحد من الأشخاص الـ12، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة، وحوكمت مجموعة فقط من المشتبه بهم المعتقلين حديثا.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش قد أقامت مركز اعتقال غوانتانامو الذي تديره قوة خاصة من مختلف الفروع العسكرية الأميركية لاحتجاز الأعضاء المشتبه بهم من تنظيم القاعدة وآخرين اعتقلوا في ساحات القتال في العراق وأفغانستان وأماكن أخرى ليسوا فيها أعضاء بجيش دولة بعينها. وأشارت إدارة بوش آنذاك إلى أن سمة عدم الانتماء لدولة بعينها أعفت الحكومة الأميركية من تقديم الحماية لأسرى الحرب والتي تكفلها اتفاقيات جنيف. وبالإضافة إلى ذلك دافع المحققون العسكريون عن الحاجة إلى السرية. وخلال خوضه الانتخابات الرئاسية عام 2008 تعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما بإغلاق غوانتانامو للمساعدة في استعادة وضع الولايات المتحدة في ما يتعلق بسجل حقوق الإنسان.

لكن في ضوء المعارضة لأفكاره لنقل السجناء إلى نظام المحكمة المحلية، حيث جاءت اعتراضات من مدينة نيويورك والكونغرس، لم يتعهد أوباما فحسب بالتخلي عن تعهده، لكنه وقع في ديسمبر (كانون الأول) الماضي على بند جديد مثير للجدل ليصبح قانونا يسمح للجيش بحبس أي شخص يتبين أنه ينتمي إلى شبكة القاعدة أو «القوى المرتبطة بها» أيضا.

وهذه هي المرة الأولى التي يمرر فيها الكونغرس بندا إجباريا بشأن الإحالة إلى المحكمة العسكرية ليصبح قانونا. وعلى الرغم من أنه يستثني المواطنين الأميركيين ويسمح بتنازل رئاسي، أثار القانون سلسلة جديدة من الانتقادات من جانب المدافعين عن حقوق الإنسان، حيث يقولون إنه يسمح للجيش بالاعتقال إلى أجل غير مسمى من دون توجيه اتهامات للأفراد الذين يتبين أنهم أعضاء من «القاعدة» أو طالبان.

ويقوض القانون الجديد، وهو جزء من مشروع قانون بشأن الإنفاق العسكري، بشكل خطير قدرة الحكومة المدنية على استجواب ومحاكمة المشتبه في تورطهم في الإرهاب، وبسبب غموضه يمكن أن يؤدي إلى مزيد من النوايا غير المحددة وفقا لما قاله ملينا ميلازو المحامي بهيئة «هيومان رايتس فيرست» الحقوقية لوكالة الأنباء الألمانية. وفي ظل قيادة أوباما لم تتم إحالة أي سجناء جدد إلى غوانتانامو.

وبدا أن الرئيس أوباما شارك البعض ممن لديهم هواجس إزاء العديد من بنود القانون الجديد، حيث أصدر بيانا غير عادي مكون من 1800 كلمة يعارض بعض بنوده. وأعرب نقاد عن قلقهم من أنه حتى لو أصدر أوباما وثائق تنازل ضد طلبات إجبارية بشأن الإحالة للمحكمة العسكرية ربما لا تقوم إدارات أميركية في المستقبل بذلك وفقا لما ذكره ميلازو. ولا يمنع القانون الجديد بشكل خاص الكونغرس من محاكمة المشتبه في ارتكابهم أعمالا إرهابية سواء من داخل البلاد أو خارجها أمام محاكم مدنية، لكنه يمنع نقل معتقلي غوانتانامو إلى الولايات المتحدة للمحاكمة.

ويقول نقاد إن القانون يطالب النائب العام بالتشاور مع وزير الدفاع ومدير الاستخبارات الوطنية قبل المضي قدما في أي تحقيق متعلق بالإرهاب، وبالتالي يقوض استقلال وزارة الدفاع. ويضيفون أن استمرار بقاء سجن غوانتانامو يشجع «القاعدة» على تجنيد المزيد من الأشخاص لديها، فهم يقولون إن ذلك يعزز نظريات المؤامرة في العالم الإسلامي بأن الولايات المتحدة تشن حربا ضد الإسلام.

وشهد نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إحالة عبد الرحيم الناشري المتهم بتفجير المدمرة الأميركية «يو إس إس كول» قبالة السواحل اليمنية الجنوبية إلى المحكمة، وهي المرة الأولى التي توجه فيها اتهامات بموجب القوانين الجديدة لإدارة أوباما التي تحظر انتزاع الأدلة بالقوة وبشكل غير إنساني ومهين مع المتهمين، مثل أسلوب الإغراق الوهمي الذي يحدث في غوانتانامو.

ومن المقرر عقد جلسة الاستماع التالية ضد الناشري في 17 أو 18 يناير الحالي، فيما تعقد المحاكمة جلساتها في نوفمبر 2012.