البحرين: تعديل دستور عام 2002 لصالح تعزيز دور السلطة التشريعية والرقابية لمجلس النواب

المعارضة تصف التعديلات بالالتفاف على الاستحقاق.. ونائب يكشف لـ«الشرق الأوسط» عن قرب تفعيل صندوق تعويض المتضررين

العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة
TT

حسب مراقبين، فإن الحكومة البحرينية خطت أمس خطوة جديدة في المجال الدستوري، حيث اتخذت إجراءات فاعلة لتعديل دستور مملكة البحرين لعام 2002 يضمن دورا أكبر لمجلس النواب، وتعزيزا لدور السلطة التشريعية في المملكة، كما طالبت الحكومة البحرينية بتعديل جملة من القوانين الأمنية والنظامية والتنظيمية لعمل الجمعيات السياسية وفق توصيات لجنة تقصي الحقائق البحرينية المستقلة وحوار التوافق الوطني.

وكانت حكومة البحرين برئاسة الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء في جلسة أمس أقرت جملة من القرارات، أهمها إحالة مشروع تعديل دستور مملكة البحرين الصادر سنة 2002 إلى السلطة التشريعية، وتتيح التعديلات الدستورية المزمع تنفيذها على الدستور إعادة تنظيم العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بما يحقق مزيدا من التوازن بينهما، وتمثيل الإرادة الشعبية في برنامج عمل الحكومة، وتعزيز دور السلطة التشريعية وإعطاء دور أكبر لمجلس النواب، وتنظيم آلية استجواب الوزراء وطرح المواضيع العامة للمناقشة في مجلس النواب، وشروط الترشيح لعضوية مجلس النواب، وغيرها.

بدورها، وصفت المعارضة السياسية، خطوة الحكومة بأنها التفاف على المطالب الشعبية، في حين لمحت إلى أن القرارات الحكومية المتعلقة بتعديلات دستورية تأتي تنفيذا لمرئيات حوار التوافق الوطني الذي انسحبت منه جمعية الوفاق.

وكانت توصيات حوار التوافق الوطني التي صدرت في يونيو (حزيران) من عام 2011، قد دعت الحكومة البحرينية إلى إجراء مزيد من التعديلات الدستورية، في حين أدرجت توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق المعروفة باسم «لجنة بسيوني» التي شكلها العاهل البحريني، وقدمت تقريرها في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عددا من التوصيات المتعلقة بالقوانين الأمنية والقضائية في البحرين، ودعت الحكومة البحرينية إلى إجراء تعديلات عليها بما يضمن توافقها مع الممارسات الدولية لمبادئ حقوق الإنسان.

كما أحالت الحكومة وفي إطار سياق الالتزام بتنفيذ مرئيات حوار التوافق الوطني في ما يتعلق بالجمعيات السياسية والمتمثلة في منع ممارسة الجمعيات لأي نشاط من شأنه الإضرار بالاقتصاد الوطني أو الإضرار بالمصالح العامة ومنع الجمعيات من طرح المواضيع الطائفية، إلى اللجنة الوزارية للشؤون القانونية مشروع تعديل بعض أحكام القانون رقم (26) لسنة 2005 بشأن الجمعيات السياسية يتضمن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في حوار التوافق الوطني.

وأكد مجلس الوزراء على أن النيابة العامة والمحاكم العادية هما الجهتان المختصتان بالنظر في قضايا التعذيب، وهو ما يمثل ضمانة حقيقية للأفراد الواقع عليهم أي من صور التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو الحاطة من الكرامة أو الذين يتوفون نتيجة ذلك، تحقيقا لتوصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق بتبني إجراءات تتطلب من النائب العام التحقيق في دعوى التعذيب والأشكال الأخرى من المعاملة القاسية وغير الإنسانية أو المعاملة والعقوبة المهينة، حيث جرى تعديل قانون قوات الأمن وفق هذه التوصية.

وفي إطار تنفيذ الحكومة البحرينية لتوصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، بحث المجلس التوصية المتعلقة بتوفير وسيلة تعويض لأي شخص يدعي تعرضه للانتقام بسبب رفعه دعوى بالتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية، فقد بحث المجلس تعديل أحكام قانون الإجراءات الجنائية بحيث يحقق ما جاء في التوصية، وأحال مشروع قانون بهذا الخصوص إلى اللجنة الوزارية للشؤون القانونية.

كما طلب المجلس من السلطة التشريعية تعديل بعض القوانين المتعلقة بشأن الاجتماعات العامة والمسيرات والتجمعات، وذلك لحظر استغلال الأطفال في التجمعات والمسيرات والمظاهرات التي يكون الغرض منها سياسيا.

وفي ذات السياق، كشف النائب عادل المعاودة نائب رئيس مجلس النواب، لـ«الشرق الأوسط» عن تسارع الخطى البحرينية لإقرار قانون صندوق تعويض المتضررين من أحداث فبراير (شباط) ومارس (آذار) التي شهدتها مملكة البحرين مطلع العام الماضي، وقال إن قانون عمل الصندوق وإقراره من الجهات التشريعية سيكون قبل نهاية فبراير المقبل.

وقال المعاودة إن الحكومة البحرينية جادة في تعويض المتضررين من الأحداث، مشيرا إلى أن الحكومة تعد في الفترة الراهنة لآلية عمل الصندوق وتمويله وطريقة صرف التعويضات، وقال إنها ستكون متوافقة مع المعايير الدولية.

وأكد المعاودة التزام البحرين بإقرار صندوق تعويض المتضررين من الأحداث والتزامها بالمعايير الدولية في الجوانب الأمنية والحقوقية، وتفردها في حل مشكلة الأحداث أربك من أراد أن يخلط السم بالعسل ويربط أحداث البحرين بأحداث «الربيع العربي»، وقال إن الخطوات التي اتخذتها القيادة البحرينية لمعالجة المشكلة ومن بينها إقرار صندوق تعويض المتضررين الذي لن يترك أحدا تضرر من الأحداث إلا ويكون له تعويض من الصندوق، أربكت الخط الذي كان يريد ربط أحداث البحرين بأحداث «الربيع العربي».

وقال إن الحكومة بصدد إعداد القانون لتعويض المتضررين الذي على أساسه سيكون التعويض، ورفعه إلى البرلمان البحريني ممثلا في مجلس النواب لدراسته وإقراره حيث لا بد أن تكون له كلمته في المشروع سواء من الناحية التمويلية أو طريقة صرف التعويضات، وأكد المعاودة أن مجلس النواب يؤيد مشروع الصندوق كمشروع، وبعد ذلك يعرض على مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان البحريني)، ولا بد من اتفاق البرلمان بغرفتيه، ومن ثم يتم رفع المشروع للملك في صورته النهائية.

وقال إن على الجانب الآخر، في إشارة إلى المعارضة البحرينية التي تقودها الجمعيات السياسية وفي مقدمتها جمعية الوفاق، أن يستغل هذه الفرصة، وألا يضيع على البلد أكثر مما ضاع، بسبب التعنت والصلف الذي يمارسه.

ولفت المعاودة إلى أن الحكومة البحرينية جادة في إغلاق ملف التعذيب بإحالة 5 من أفراد الشرطة إلى المحاكم المدنية نتيجة إدانة اثنين منهم بتهم قتل وضرب موقوفين، وثلاثة آخرين بعدم الإبلاغ عنهم، وقال المعاودة إن النواب لم يكونوا يرون إحالة أفراد الشرطة إلى المحكمة الجزائية المدنية، لأن القانون البحريني لا يفرق بين المحاكم المدنية والعسكرية، وأن كلتا المحكمتين تخضعان لقانون واحد، وأضاف «على العكس قد تكون المحاكم العسكرية أشد على أفرادها من المحاكم المدنية، ولكن اتخذت هذه الخطوة لكي تؤكد مملكة البحرين أنها جادة وشفافة في معالجة ملف التعذيب وإساءة المعاملة».

أمام ذلك قال هادي الموسوي عضو الأمانة العامة لجمعية الوفاق، إن الخطوة الحكومية التفاف على الاستحقاقات التي تطالب بها المعارضة، وأضاف أن المعارضة تطالب بمجلس نيابي يتمتع بكامل الصلاحيات التي تمكنه من محاسبة الحكومة.

واعتبر أن الخطوات الحكومية هي مجرد إطالة للأزمة وليست خطوات جادة في سبيل حلحلة الوضع الذي تعيشه البحرين، وقال إن القرارات التي اتخذتها الحكومة ليست تعديلات دستورية خجولة فقط، وإنما التفاف على الاستحقاق الذي يتوجب على الحكومة القيام به.