مصطفى النجار: جماعة «الإخوان» ستخسر إذا نافست على رئاسة البرلمان

قال لـ «الشرق الأوسط» إن السلفيين هم الأقرب للتحالف مع الليبراليين

مصطفى النجار (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

قال النائب مصطفى النجار وكيل مؤسسي «حزب العدل» إن التيار السلفي هو الأقرب للتحالف مع التيار الليبرالي وليس جماعة الإخوان المسلمين، موضحا أن لدى السلفيين رغبة كبيرة في تحسين صورتهم الذهنية عند المصريين.

وأعرب النجار الذي فاز بعضوية المجلس في جولة الإعادة على مقاعد النظام الفردي، عن اعتقاده بأن ما يشغل المجلس العسكري (الحاكم في البلاد)، هو تحديد وضعه في الدستور الجديد والدولة المقبلة والضمانات الوافية لعدم تدخل المدنيين في عمل المؤسسة العسكرية. واصفا الخلافات حول الدستور بـ«المعركة المفتعلة»، قائلا: «صياغة الدستور ليست محل اختلاف جوهري في ما يتعلق بقضية المرجعية الدينية والحريات العامة».

وعلى الرغم من أن النجار، وهو طبيب أسنان، حسم المنافسة في دائرته الانتخابية بشرق القاهرة لصالحه؛ فإنه اعترف في حوار مع «الشرق الأوسط» بتعرضه لحملة شرسة من جانب الإسلاميين، قائلا: «حزب الحرية والعدالة (الإخواني) والنور (السلفي) تحالفا لأول مرة لإسقاطي».

وعلق النجار على شكل البرلمان المقبل، بقوله إن «الإخوان سيخسرون كثيرا، إذا صمموا على أن يكون رئيس مجلس الشعب من الجماعة»، معتبرا البرلمان المقبل.. استثنائيا ويجب على أعضائه البحث عن أرضية مشتركة.. وإلى نص الحوار:

* حصول الإسلاميين على أغلبية البرلمان جعل البعض يتصور أنه من الصعب الوقوف أمامهم؟

- هذا غير صحيح، ويمكن هزيمة الإخوان والسلفيين شريطة أن تقدم التيارات الأخرى خطابا معتدلا يقنع الناس بديلا عن الخطاب الديني الذي يرفعه السلفيون والإخوان ويعتمدون فيه على اللعب بالعواطف أكثر من مخاطبة العقول.

* خضت حربا شرسة للفوز بعضوية البرلمان.. حدثنا عن هذه المعركة الانتخابية؟

- كانت كواليس المعركة الانتخابية شرسة في دائرة تعد أهم معاقل الإسلاميين وهي مدينة نصر (شرق القاهرة)، وفوجئت لأول مرة منذ انطلاق مارثون انتخابات مجلس الشعب (البرلمان) في 28 و29 نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، بتحالف الإخوان والسلفيين لإسقاطي في الانتخابات، وذلك كان واضحا في فرق الإمكانيات المادية والتنظيمية بينهم وبيني؛ لكن روح التطوع التي أظهرها شباب مدينة نصر ووعي أهالي الحي الثقافي والسياسي، كان سببا في انتصاري.

* وهل مارس التيار الإسلامي أساليب غير أخلاقية ضدك؟

- بالنسبة للتيار الديني كان وجود شخص يمثل القوى المدنية في دائرة مهمة كمدينة نصر تحديا كبيرا لهم؛ كي يمنعوه من الفوز، ولقد مارسوا حملة تشويه كبيرة ومؤلمة للغاية، منها أنني مرشح الكنيسة المصرية وأني ضد الدين؛ بل وصل الأمر إلى اتهامهم لي بأني غير مسلم.

* قلت من قبل.. حملات التيار الديني الانتخابية إهانة للدين الإسلامي؟

- بالفعل إهانة.. أن نقحم الدين في السياسة بهذا الشكل، وبدلا من أن يكون التنافس في الانتخابات من خلال برامج انتخابية، يكون باستقطاب ديني بحت، وهذا النموذج يجب أن نقف أمامه ونحاربه، لأنه يسيء للدين قبل للسياسة، ومن أسوأ ما قيل إن من سينتخب مرشح التيار الديني سيدخل الجنة، ومن لم ينتخبه سيحجز مقعده في النار.

* وهل أغلبية الإسلاميين سوف تؤثر على شكل البرلمان المقبل؟

- البرلمان المقبل.. برلمان استثنائي، لأنه أتى بعد ثورة لم تكتمل، ويجب على أعضائه البحث عن التوافق وإيجاد أرضية مشتركة، وأن لا يتم التعامل بمنطق الأغلبية والأقلية، لأن الرأي العام في مصر ينتظر توافقا ولا ينتظر تطاحنا أو أي نوع من أنواع الاستقطاب السياسي.

* طرحت مبادرة لتبكير نقل السلطة خوفا من صدام محتمل بين الجيش والشعب.. ما الذي يدعو الطرفين للاصطدام؟

- الأخطاء الميدانية للجيش في التعامل مع صوت الاحتجاج الشعبي واستخدام العنف المفرط أدى إلى فقدان الثقة بين المجلس العسكري والشباب، وكل هذه العوامل تدفع عاجلا أم آجلا إلى الصدام.. يضاف إلى ذلك دخول طرف ثالث لإزكاء روح الوقيعة بين الطرفين، لذلك يعتبر الإسراع في نقل السلطة مدنيا، صمام الأمان الوحيد الذي يحفظ الصورة الطيبة للجيش عند المصريين ويمنع الاصطدام بين الجيش والشعب.

* ولماذا لم يتم طرح هذه المبادرة على المجلس العسكري؟

- المجلس العسكري ما زال يدرس هذه المبادرة، وتم طرح المبادرة من خلال وسائل الإعلام وتمت مناقشتها مع قوى وطنية وسياسية مختلفة وبعض الشخصيات في مؤسسات سيادية، وهناك شد وجذب في النقاشات للوصول إلى صيغة توافقية؛ ولكن المبدأ نفسه غير مرفوض من قبل المؤسسة العسكرية، فالهدف الأساسي للمبادرة هو منع حالة الاحتقان الموجودة في الشارع الآن قبل أن تتصاعد، والتي لن تزول إذا لم تكن هناك خطوة لـ«الوراء» يقوم بها المجلس العسكري لتعيد الثقة للمحتجين.

* ماذا تعني بخطوة للوراء؟

- أقصد بها أنه لم تعد اعتذارات المجلس العسكري (الذي تولي إدارة شؤون البلاد عقب تنحي الرئيس السابق حسني مبارك) كافية للتغلب على مخاوف المصريين الأساسية.. والسؤال الذي يسأله كل مصري يوميا: «هل سيسلم المجلس العسكري السلطة أم لا؟» وطالبنا في المبادرة فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة رمزيا بداية من 25 يناير (كانون الثاني) الحالي لطمأنة الناس، وأن تجري الانتخابات في أول أبريل (نيسان) المقبل، وتنتهي بعد شهرين مثلما أراد الجيش، فنحن لسنا معترضين على جدولهم السياسي؛ ولكن نريد التسريع بإجراءات تعيد للشارع الثقة في أن الانتخابات الرئاسية آتية.

* بصراحة.. ما نقاط الاختلاف الآن بين القوى الليبرالية والدينية والمجلس العسكري؟

- هناك نقطتان أساسيتان مطروحتان للمناقشة هما: حسم وضع المؤسسة العسكرية في الدستور الجديد، ووضع الدستور والتوافق على مواده الأساسية.

* وهل تؤمن بفكرة المؤامرة التي يرددها البعض للنيل من المجلس العسكري؟

- الحديث بمنطق المؤامرة في المطلق فكرة أرفضها؛ لكني أعترف أن مصر مستهدفة من قوى خارجية لا تريد الخير لمصر وهذا معروف تماما؛ لكن يجب أن لا نلقي بكل أخطائنا على أطراف خارجية أو أطراف خفية.

* من وجهة نظرك.. ما الذي يجعل المجلس العسكري بعيدا عن أي توافق خلال المرحلة الحالية؟

- ما يشغل المجلس العسكري حاليا، هو تحديد وضعه في الدستور الجديد والدولة المقبلة والضمانات الوافية في عدم تدخل المدنيين في عمل المؤسسة العسكرية، وهي مخاوف تتردد بقوه داخله، ومن خلال تعاملي مع المجلس ليس لديهم نية للقفز على السلطة أو اختيار مرشح بعينه للرئاسة، لأنهم ليسوا بحاجة إلى ذلك.

* البعض ذهب إلى أن النموذج الباكستاني هو مصير مصر المقبل.. ما تعليقك؟

- هذا طرح شديد التشاؤم والنموذج الباكستاني ليس نموذجا جيدا حتى نرضى به، وفكرة صعود التيار الإسلامي كانت أمرا متوقعا، لأنهم الأكثر تنظيما ولديهم تمويل مادي كبير مع ضعف القوى المدنية؛ لكني أراهن أن الشعب المصري بعد الثورة أصبح يستطيع أن يحدد مصيره وهو الآن يضع القوى الدينية في اختبار حقيقي، وسيقوم بمحاسبتهم إذا ما أخفقوا في الانتخابات المقبلة التي قد تكون مبكرة، إذا تم حل مجلس الشعب بشكل مبكر.

* تردد أن التيار السلفي في طريقه للتحالف مع الليبراليين.. ما تعليقك؟

- نعم، التيار السلفي هو الأقرب للتحالف مع التيار الليبرالي والمدني وليس الإخوان، لأن لديهم رغبة كبيرة في تحسين صورتهم الذهنية عند المصريين وإزالة الصورة السلبية عنهم، وهم يبحثون الآن عن من يؤمن أنهم ليسوا (فزاعات) قادمة للناس، فضلا عن اعترافهم بأنهم لا يملكون الخبرة السياسية الكافية ولا يريدون أن يكونوا تابعين للإخوان.

* لكن البعض يرى أن السلفيين هم من صدروا صورة سلبية عن أنفسهم بسلسلة من التصريحات؟

- مشروع التيار السلفي مختلف عن مشروع الإخوان، ونحن كقوى مدنية علينا أن نتعامل معهم، ومشكلة التيار السلفي أنه ليس مدرسة واحدة أو تنظيما واحدا، ولذلك لا يمكن أن نحكم عليهم ككل بتوجه واحد، فهناك منهم رموز معتدلة في حزب النور (السلفي) يمكن التحاور معهم، فليس من مصلحتنا أن يمارس أحد العمل السياسي من المخابئ.. وطبيعي أن يحصل بعد فترة تهميش للأطراف المتطرفة سواء على اليمين أو اليسار.

* وبماذا تفسر عدم وجود تمثيل قوي لشباب الثورة في الانتخابات؟

- شباب الثورة ركزوا في مسار هدم النظام السابق أكثر من مسار البناء، وأعني مسار الهدم بكل معطياته من خلال المظاهرات الفئوية والاحتجاجات والمليونيات، كما أنهم لم يعملوا بشكل سياسي منظم بالتوازي مع مسار الهدم، من خلال تأسيس مثلا حزب سياسي له أداء معتدل وخطاب وسطي يجمع بين الثورة والمستقبل وبنائه، خاصة أن الشارع في مصر يبحث عن الاستقرار، وهذا لم يكن في صالحهم وهو ما استغله البعض في خلق حالة عداء ضدهم، بالإضافة إلى قلة الإمكانات المادية والتنظيمية لهم.

* في توقعاتك، من سيكون رئيس مجلس الشعب المقبل؟

- أرشح الدكتور وحيد عبد المجيد لهذا المنصب، فهو شخص معتدل وليس محسوبا على أي تيار سياسي، ويلقى توافقا كبيرا من جميع التيارات السياسية، بالإضافة إلى أنه منسق التحالف الديمقراطي الذي يقوده الإخوان إلى جانب أحزاب الكرامة والغد.

* وهل سيوافق الإخوان على هذا الاختيار؟

- الإخوان سيخسرون كثيرا، إذا صمموا على أن يكون رئيس مجلس الشعب المقبل من الجماعة باعتبارهم الأغلبية في البرلمان.. وإذا فعلوا ذلك سيكون خطأ سياسيا، لأنهم يجب أن يرسلوا رسائل طمأنة للشعب، فضلا عن كون رئيس المجلس يفضل أن لا يكون محسوبا على أي تيار سياسي.

* ما تعليقك على اتهام البعض لليبراليين بأن لديهم أجندات أجنبية؟

- روح التخوين باتت من الأشياء الشائنة التي لوثت وجه الثورة منذ تنحي الرئيس السابق حسني مبارك، وسادت للأسف بين التيارات السياسية بشكل كبير جدا، ولا بد أن تزول أو تقل حدتها، لأنها ضد المصلحة الوطنية.

* هناك نبرة عالية اتبعتها الإدارة الأميركية الفترة الماضية.. فهل هذه النبرة مقبولة من التيار الليبرالي؟

- أرفض التدخل الأميركي في الشؤون الداخلية لمصر، فالإدارة الأميركية تتدخل بدرجة أري فيها «وقاحة سياسية» سواء قبل ثورة «25 يناير» وبعد الثورة، فنحن نحترم علاقتنا معها؛ لكن ليس من حقها أن تتدخل في شؤون البلاد لإدانة أي وضع، والليبرالية لا تعني أن نستقوي بالخارج، فهناك ليبراليون وطنيون لديهم قيم تعتمد على استقلال القرار الوطني.