نجاد في جولة لاتينية لمحاولة «غرس شوكة بظهر واشنطن»

محللون لـ «الشرق الأوسط»: إيران تسعى لإبرام «صفقة مؤلمة» للولايات المتحدة

صورة أرشيفية من عام 2009 أثناء استقبال الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز لنظيره الإيراني أحمدي نجاد بقصر الرئاسة في كاراكاس العاصمة (أ.ف.ب)
TT

في محاولة للحصول على دعم جديد، بعد زيادة الضغوط الخارجية المطالبة بتوقيع مزيد من العقوبات على إيران، على خلفية برنامجها النووي المثير للجدل، توجه الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، أمس، في جولة للقارة الأميركية الجنوبية تستمر لخمسة أيام، وتشمل زيارته لأربع دول هي فنزويلا ونيكاراغوا (التي يحضر فيها مراسم إعادة تنصيب رئيسها دانييل أورتيغا) إلى جانب كوبا والإكوادور.

ومنذ بدأت الشكوك حول طبيعة برنامج إيران النووي، وقف الكثير من حلفاء طهران، مثل روسيا والصين، أمام إدانتها دوليا، إلا أن إيران تسعى في توجهها هذه المرة نحو أميركا اللاتينية بحثا عن دعم يمثل «شوكة في ظهر واشنطن»، على حد وصف بعض المحللين.

وقبل مغادرته طهران متوجها إلى فنزويلا، أمس، قال الرئيس الإيراني أحمدي نجاد: «أميركا اللاتينية يعتبرها نظام الاستكبار (أميركا) منطقة نفوذه، ويعتقد أن بإمكانه أن يفعل فيها ما يشاء، لكن اليوم شعوب هذه المناطق نهضت وتتصرف بشكل مستقل»، مؤكدا أن «في هذه الدول الأربع سنبحث في مسائل إقليمية ودولية ورغبة نظام الهيمنة (الولايات المتحدة) في التدخل في شؤون الدول الأخرى ووجوده العسكري» في العالم.

وتفاقمت حدود الخلاف بين واشنطن وطهران، عقب توقيع الرئيس الأميركي باراك أوباما لقانون يتضمن عقوبات جديدة على المؤسسات المالية التي تتعامل مع البنك المركزي الإيراني، مطلع العام الحالي، بالتزامن مع الدعوة الأميركية المتزايدة لفرض عقوبات دولية على القطاع النفطي الإيراني.

وتسببت العقوبات الأميركية والتهديد العالمي بفرض المزيد، في ضربة موجعة للاقتصاد الداخلي الإيراني قبيل موسم الانتخابات البرلمانية المقررة في مارس (آذار) المقبل، التي يعاني فيها التيار الحاكم في إيران من انقسام حاد، على خلفية خلافات حدثت العام الماضي بين نجاد من جهة والمرشد الأعلى لإيران من جهة أخرى، مقابل تنامي تأثير التيارات المعارضة.

وبحسب وصف محللين لـ«الشرق الأوسط»، يهدف نجاد من خلال رحلته إلى إيجاد تحالف قوي مع دول قريبة جغرافيا من الولايات المتحدة، وتشتهر بوجود خلافات بين أنظمتها والنظام الحاكم في واشنطن. وقال الدكتور سليمان السيد، الخبير المصري في الشؤون الإيرانية، ذلك من أجل تخفيف حدة الحصار الاقتصادي وتبعاته الداخلية من جهة، ومن أجل الحصول على دعم معنوي قبيل الانتخابات البرلمانية من جهة ثانية، إلى جانب محاولة تخفيف ضغط الولايات المتحدة الداعي لتطبيق العقوبات، عبر محاولة التوصل إلى اتفاقات مؤثرة ومثيرة لقلق الجانب الأميركي، أو ما يمكن وصفه بـ«العقوبات المضادة». وقال نجاد أمس: «سأقابل (الرئيس الفنزويلي هوغو) شافيز، أحد أعظم أعداء الاضطهاد، وسنبحث أوضاع منطقتهم».. وبينما قال شافيز، الأسبوع الماضي: «سنرحب بممثل شعب إيران الكريم»، قالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، يوم الجمعة: «نوضح تماما للدول في أنحاء العالم أن الوقت ليس لتعميق العلاقات مع إيران؛ سواء العلاقات الأمنية أو الاقتصادية»، موضحة أنه «مع شعور النظام (الإيراني) بضغط، فإنه يستميت للحصول على أصدقاء، ويسعى جاهدا في أماكن له فيها مصالح للتوصل إلى أصدقاء جدد».

وتمثل العلاقات الودية بين شافيز ونجاد أحد مصادر القلق لدى واشنطن، حيث قال الرئيس الأميركي أوباما في مقابلة صحافية الشهر الماضي: «يتعين على الناس تحديد المزايا المحتملة لإقامة علاقات مع بلد ينتهك حقوق الإنسان الأساسية، ومعزول عن باقي العالم»، في إشارة إلى إيران. ورد تشافيز قائلا إن «على أوباما أن لا يتدخل فيما لا يعنيه».

وعلى الرغم من أن شافيز هدد قبل ذلك بوقف صادرات فنزويلا النفطية إلى الولايات المتحدة، ولم ينفذ تهديده قط، فإن كثيرا من المحللين يتوقعون أن تشكل الزيارة الإيرانية عنصرا ضاغطا على واشنطن، في حال حدوث تحالف قوي بين إيران والدول الأربع، وبخاصة في مجال النفط. وتوضح الدكتورة داليا حسن، خبيرة العلاقات الدولية، لـ«الشرق الأوسط» أن «أميركا قد تخفف قليلا من ضغطها الدولي، إذا ما نجحت الزيارة في تفعيل تهديدات شافيز بوقف صادراته النفطية إلى واشنطن، حيث إن أميركا لم تكن أحد مستوردي النفط من إيران، ولم تكن لتتأذى مباشرة من تلك العقوبات، كما تتأذى منها الصين وروسيا والهند وبعض الدول الأوروبية، التي تقف عقبة أمام تدويل العقوبات الإيرانية».