أميركا اللاتينية: متنفس إيران على العالم الخارجي

طهران تسعى لحصاد ثمار تعاون دام لأكثر من ثلاثين عاما

TT

تعتبر إيران دول أميركا اللاتينية بمثابة نافذة كبرى لكسر حالة العزلة التي تعيشها بعد فرض الكثير من العقوبات الدولية عليها رغم البعد الجغرافي بينهما. والتعاون بين طهران ودول أميركا اللاتينية لا يقتصر على التعاون التجاري، ولكنه أقرب ما يكون إلى التحالف. فتتسابق إيران على زيادة وجودها في تلك الدول من خلال مشروعات الإسكان وتشييد المصانع وإنشاء المصارف، كما تقدم إيران للدول الصغرى بأميركا اللاتينية منحا مالية، ووصل هذا التعاون إلى تقديم التدريبات العسكرية لبعض قوات الدول هناك، كما قدمت وعودا لبعض الدول لتطوير التكنولوجيا النووية لديهم.

وبلغت قيمة الصادرات الإيرانية إلى أميركا اللاتينية ملياري دولار خلال العامين الماضيين، وفاقت إيران مؤخرا روسيا كأكبر مستورد للحوم من البرازيل التي شهدت صادراتها لطهران زيادة سبعة أضعاف خلال العقد الماضي، لتصل إلى مستوى سنوي قدره 2.12 مليار دولار، وقفزت التجارة مع الإكوادور من ستة ملايين إلى 168 مليون دولار في عام واحد، من 2007 إلى 2008.

وقعت إيران عقودا لتنفيذ 70 مشروعا مشتركا بدول أميركا اللاتينية، بقيمة تصل إلى 17 مليار دولار في صناعات، البناء والطاقة ومصائد الأسماك، بما في ذلك مصنع لتجميع السيارات والجرارات الزراعية، كما وقعت صفقات مشتركة مع بوليفيا بقيمة مليار دولار، وتوجه وفد برلماني إيراني إلى بوليفيا أواخر العام الماضي لتطوير مسار التنمية الصحية هناك، ومشاريع أخرى مقابل 280 مليون دولار.

ووصلت كمية شحنات البنزين التي تصدرها فنزويلا لإيران في يوليو (تموز) 20 ألف برميل من البنزين يوميا، في حين تقوم طهران بإنشاء مصانع متعددة الأنشطة بفنزويلا. وتمد إيران الدول الأصغر بالقارة مثل نيكاراغوا وبوليفيا بملايين الدولارات من المعونة التي وعد بها المسؤولون الإيرانيون على مدار العقد الماضي.

وفي ما يتعلق بالتعاون العسكري، أكد وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي علي وجود تعاون عسكري بين إيران وفنزويلا، . وذكرت صحيفة «يونايتد برس إنترناشيونال» قبل أشهر أن مستشارين عسكريين إيرانيين موجودون لتدريب القوات الجيش الفنزويلية.

وأشار تقرير لإحدى الصحف الغربية إلى أن فنزويلا أمدت إيران باليورانيوم، خصوصا وأن احتياطيها من تلك المادة التي تستخدم كوقود رئيسي في المفاعلات النووية يقدر بنحو 50 ألف طن. وأشار التقرير إلى وجود معامل إيرانية في مناطق متباعدة في فنزويلا لإنتاج السلاح بصورة سرية خلال السنوات الثلاث الماضية.

وتعتزم إيران وفنزويلا وبوليفيا إلى تشكيل مثلث نفطي، يسمح لفنزويلا بتوريد المواد الهيدروكربونية لدول مثل الصين والهند بتسهيلات أكبر في النقل، والقيام بتزويد بوليفيا بالخبرة المطلوبة التي يمكن أن تساعدها في حالة قيامها بتأميم صناعة النفط والغاز بها، والتعاون في مجالات النفط والطاقة والغاز، والسياحة والزراعة، وصناعة السيارات والجرارات وإنتاج الإسمنت والبتروكيماويات. كما أعلنت إيران استعدادها لمساعدة فنزويلا في تطوير التكنولوجيا النووية.

وتسعى تلك الدول الثلاث إلى إنشاء صندوق مشترك برأسمال ابتدائي 200 مليون دولار مع إمكانية زيادته إلى ملياري دولار، من أجل تطوير مختلف المشاريع في فنزويلا وبوليفيا، وتخصيص مليارات الدولارات لمساعدة الدول الفقيرة للتحرر من الهيمنة الأميركية، ولتمويل وترويج التعاون المشترك في دول العالم الثالث.

وخلال زيارة نجاد لأميركا اللاتينية عام 2009، وقع الجانب الإيراني والفنزويلي 11 مذكرة تفاهم، لتطوير تعاونهما في مجالات النفط والغاز وإنشاء شركة بحرية لنقل النفط، والبتروكيماويات، وتأسيس مصرف مشترك لتمويل مشاريع التنمية، وإطلاق خريطة طريق ترسم ملامح التحالف الاستراتيجي بينهما حتى عام 2020.

وحسب تصريحات وزير الإسكان وبناء المدن الإيراني محمد سعيدي، فإن ثلاث شركات إيرانية تنوي إنشاء 35 ألف وحدة سكنية في فنزويلا. وفي عام 2007 وقع نجاد خلال زيارته لأميركا اللاتينية 29 اتفاقية اقتصادية، وتم افتتاح المصرف المشترك بين إيران وفنزويلا، برأسمال يبلغ مليارا و200 مليون دولار، يتقاسمه البلدان بنسب متساوية، ووصلت قيمة التبادل التجاري بين البلدين، حسب مصادر حكومية إيرانية، إلى ما يعادل 18 مليار دولار في عام 2007.