تونس: تعيينات في قطاع الإعلام تثير احتجاجات الصحافيين

اتهامات للبعض منها بخدمة نظام بن علي.. واعتصام للصحافيين اليوم

TT

أثارت تعيينات جديدة أجرتها الحكومة في قطاع الإعلام احتجاجات الصحافيين في تونس الذين وصفوا الخطوة بأنها لا تتماشى مع المسار الديمقراطي للبلاد وتتنافى مع وعود الحكومة الجديدة بإعلام حر.

وقال بيان لرئاسة الحكومة إن محمد الطيب اليوسفي عين رئيسا مديرا عاما للوكالة الرسمية للأنباء، وعدنان خذر رئيسا ومديرا عاما للتلفزيون التونسي، إضافة إلى تعيين رؤساء تحرير في قسم الأخبار بالتلفزيون التونسي.

وبعد ساعات قليلة من صدور البيان استنكرت نقابة الصحافيين والهيئة العليا لإصلاح الإعلام التعيينات، معتبرة أنها خطوة إلى الوراء.

وقالت نجيبة الحمروني رئيسة نقابة الصحافيين، إن التعيينات تثير الاستغراب لأنها جاءت دون تشاور مع الهياكل المختصة. وأضافت أن «تعيين رؤساء تحرير للتلفزيون الحكومي يعتبر أمرا غير مسبوق ويتناقض مع وعود الحكومة بضمان إعلام حر».

كما قال كمال العبيدي رئيس الهيئة العليا لإصلاح الإعلام، إن التعيينات التي أجرتها الحكومة «تتنافى مع المعايير الدولية في البلدان الديمقراطية».

وعبر رئيس الوزراء حمادي الجبالي في وقت سابق عن عدم رضاه عن أداء الصحافة المحلية وخصوصا الحكومية منها. وقال إنها لم ترتق إلى تطلعات الشعب ولم تحترم خياراته التي جسدها في الانتخابات. وفسر صحافيون تصريح رئيس الوزراء على أنه محاولة للتضييق على الحريات الصحافية، خصوصا أنه تزامن مع اعتداءات تعرض لها صحافيون أثناء تغطية احتجاجات هذا الأسبوع، لكن سمير ديلو الناطق الرسمي باسم الحكومة قال «الحكومة الحالية تدعم الصحافة بقوة وذلك خيارها وليس اضطرارا»، مضيفا أن «المسؤولين الحكوميين من حقهم أيضا نقد أداء الإعلام». ومن المقرر أن ينفذ مئات الصحافيين اليوم (الاثنين) اعتصاما أمام مقر قصر الحكومة في القصبة رفضا لما سموه «محاولات لتركيع الإعلام».

ومن ناحيته، أشار فريد بلقايد (ناشط نقابي من التلفزيون التونسي) إلى أن التعيينات كانت أحادية الجانب ولم تتم استشارة أي هيكل من الهياكل المهتمة بالشأن الإعلامي حتى لمجرد الاستشارة والإعلام. وأضاف أن هذه الطريقة تذكر التونسيين بعهد بن علي حينما كانت كل القرارات تدبر في مكان لا يعرفه أهل المهنة. وحول التعيينات التي عرفتها القنوات التلفزيونية، قال بلقايد إنها ستعيد صراعات قديمة إلى الواجهة، خاصة أن بعض المعينين تنقصهم الخبرة اللازمة في مجال الإعلام التلفزيوني ومتطلباته الكثيرة بعد الثورة.

واعتبر جمال الدين بوريقة (إعلامي) أن قسما من الأسماء المعلن عنها كانت من «رجالات العهد البائد» ومن مناصريه المتمركزين في الصفوف الأمامية، كما أن بعض الأسماء كانت من بين المناشدين لابن علي. وختم اندهاشه بالقول إنها «رسالة واضحة للجميع بأن الحكومة الجديدة تريد أن يكون اليوم شبيها بالبارحة».

وبعد عقود من الكبت الإعلامي تحرر الإعلام المحلي من القيود وأصبح يناقش الكثير من القضايا. ولكن ما زال التطرق للجيش يتناول في الصحافة المحلية بكثير من الحذر والحساسية.

لكن مع ذلك يقول مراقبون إن القطاع ما زال يعاني من نقص المهنية والفوضى بسبب الحرية المطلقة التي نالها الصحافيون إثر الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي قبل نحو عام. ويضاف ملف الإعلام إلى الكثير من التحديات التي تواجه الحكومة الحالية أبرزها تشغيل مئات الآلاف من حاملي الشهادات العليا ومواجهة موجة احتجاجات اجتماعية انتشرت في أرجاء البلاد. وتقود حركة النهضة الإسلامية أول حكومة منتخبة بشكل ديمقراطي في تاريخ البلاد مع حليفين علمانيين هما المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل من أجل العمل والحريات.

إلى ذلك، كشف مصدر إعلامي عن أن حمادي الجبالي رئيس الحكومة التونسية المؤقتة (62 عاما) وأمين عام حركة النهضة الإسلامية نقل إلى مصحة لأمراض القلب والشرايين في العاصمة تونس بسبب «متاعب في القلب».

وقالت إذاعة «إكسبرس إف إم» التونسية الخاصة أمس، نقلا عن مصدر طبي، إن الجبالي غادر المصحة بعد أن ركب له الأطباء آلة لقياس نبضات القلب لازمته 48 ساعة. وأضافت أن رئيس الحكومة عاد في ساعة مبكرة اليوم الأحد إلى المصحة وأن نتائج التحاليل والفحوصات الطبية أظهرت أنه «لا يعاني من أي مرض خطير».