الجدل حول إنكار جرائم الأرمن ينفض الغبار عن قانون تجريم الاستعمار بالجزائر

بعد أن جمدته السلطات القانونية منذ عامين بطريقة غير معلنة ولأسباب غير معروفة

TT

أعادت دعوة الجزائر تركيا إلى «الكف عن المتاجرة بدماء الجزائريين»، طرح «قانون تجريم الاستعمار الفرنسي بالجزائر»، الذي اقترحه برلمانيون جزائريون مطلع 2010 وحالت السلطة دون أن يأخذ مجراه العادي، لأسباب غير مفهومة.

قال السعيد عبادو، أمين عام «منظمة المجاهدين» النافذة في قطاع من الحكم بالجزائر لـ«الشرق الأوسط»، إن منظمته «تطالب بنفض الغبار عن مقترح قانون تجريم الاستعمار، فمن حقنا أن نحاسب فرنسا ونطالبها بأن تعتذر عن جرائمها وتدفع التعويض عنها». وثارت ثائرة اليمين الفرنسي، عندما جرى الحديث عن القانون في حينه، وطالب برلمانيون حكومة الرئيس نيكولا ساركوزي بالتحرك ضده.

ودعا رئيس الوزراء الجزائري، أحمد أويحيى، أول من أمس، الحكومة التركية إلى «الكف عن المتاجرة بدماء الجزائريين»، في خلافها مع فرنسا حول ما سمي بـ«إنكار جرائم الأرمن». وقال إن تركيا من موقعها عضوا في حلف شمال الأطلسي، «شاركت ولو بدولار واحد في الحملة العسكرية الفرنسية ضد ثورة الاستقلال».

ورفض مكتب البرلمان صيغة «قانون تجريم الاستعمار الفرنسي» عندما رفعت إليه مطلع 2010، وأعادها إلى أصحابها بحجة أنها غير مكتملة قانونا. وجمدت السلطات القانون، بطريقة غير معلنة ولأسباب غير معروفة. وكتبت الصحافة بأن «أشخاصا في النظام وقفوا حائلا دون صدور القانون، حتى لا يغضبوا الفرنسيين بسبب مصالح اقتصادية تربطهم بدوائر فرنسية نافذة».

ويتفادى غالبية المسؤولين مواجهة أسئلة الصحافيين بخصوص هذا الموضوع، الذي يسبب حرجا لديهم. فهم يهاجمون فرنسا الاستعمارية في عيد ثورة الاستقلال (1954) وعيد الانتصار على الاستعمار (1962)، ولكن عندما توفرت فرصة لتجريم تصرفات قادتها التاريخيين، رفضوا ترجمة هجوماتهم إلى خطوة ملموسة.

وأوضح عبادو أن «منظمة المجاهدين»، تتمسك بالمبادرة التي أطلقها نواب الأغلبية، تتمثل في التصويت على قانون يجرم الاستعمار الفرنسي بالجزائر، ويقترح إعداد آليات تتيح متابعة قادة الجيش الاستعماري الفرنسي، ممن ما زالوا أحياء، في القضاء الجنائي الدولي بتهمة ارتكاب جرائم إبادة بالجزائر.

ويعتبر عبادو، وهو وزير المجاهدين السابق، متحدثا غير رسمي باسم السلطة في كل ما اتصل بقضايا الذاكرة والتاريخ والعلاقة مع فرنسا، في شقها التاريخي الذي لم يتخلص من رواسب الاحتلال.

وأفاد عبد العزيز بلخادم، أمين عام حزب الأغلبية، «جبهة التحرير الوطني»، في اتصال هاتفي: «ليس صحيحا أننا تخلينا على قانون تجريم الاستعمار، وإنما ظروفا دفعتنا إلى التريث، وستأتي الفرصة لا محالة لإصداره، وسنظل نطالب بأن تتحمل فرنسا الحالية جرائم فرنسا الاستعمارية، ولن تتوقف أجيال المستقبل على المطالبة بذلك، عكس ما يتصوره الفرنسيون».

وصرح وزير المجاهدين، الشريف عباس، للصحافة قبل أيام، بأن «تنظيمات المجتمع المدني بكل أطيافها متشبثة بقانون تجريم الاستعمار»، فهو مطلب لا يمكن وصفه بالقديم ولا بالجديد، لأنه لا يرتبط بجيل دون آخر (...) وتمجيد الاستعمار لا يمكن إلا أن يثير استنكار الضمير الإنساني عامة والشعوب التي تجرعت ويلاته». وأكد أن «موضوع تجريم الاستعمار هو مطلب تجتمع حوله كل القوى الحية في البلاد».

يشار إلى أن رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، اتهم فرنسا بارتكاب «إبادة» في الجزائر، في رد فعل على تصويت في «الجمعية الوطنية الفرنسية»، على مقترح قانون يجرم إنكار «إبادة الأرمن» في 1915 إبان عهد الإمبراطورية العثمانية، الأمر الذي ترفضه أنقرة.