حمد بن جاسم: الشعب السوري حسم أمره ونعمل على تقليل الخسائر

تقرير الدابي يشير إلى انتهاكات.. والجامعة العربية تدعو النظام إلى وقف العنف وتنفيذ المبادرة

العربي متوسطا الشيخ حمد بن جاسم والفريق الدابي خلال اجتماع اللجنة الوزارية المتعلقة بسوريا في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

في الوقت الذي يتواصل فيه القتل والقمع في مختلف المدن السورية للشهر العاشر على التوالي، قررت اللجنة الوزارية العربية المعنية بالأزمة السورية في اجتماعها بمقر الجامعة بالقاهرة أمس، منح بعثة مراقبي الجامعة العربية الحيز الزمني الكافي لاستكمال مهمتها وفقا لأحكام بروتوكول الجامعة الذي ينظم عمل بعثتها في سوريا، على أن يقدم رئيس البعثة في نهاية الشهر الأول من مهمة البعثة إلى الأمين العام تمهيدا لعرضه على اللجنة الوزارية المعنية.

وقال اللجنة في بيانها الختامي، إنه رغم التقدم الجزئي في تنفيذ بعض الالتزامات التي تعهدت بها الحكومة السورية بموجب خطة العمل، فإن اللجنة تدعو الحكومة السورية إلى الوقف الفوري والكامل لجميع أعمال العنف، وعدم التعرض للمظاهرات السلمية لإنجاح مهمة البعثة، ومواصلة الأمين العام للجامعة التنسيق مع السكرتير العام للأمم المتحدة، بان كي مون، من أجل تعزيز القدرات الفنية لبعثة مراقبي الجامعة العربية في سوريا دون الاستعانة بعناصر أممية ضمن وفد البعثة.

وأكدت اللجنة ضرورة توفير المناخ الملائم وتقديم الدعم السياسي والإعلامي والمالي واللوجيستي لبعثة المراقبين وزيادة عدد أفرادها وتعزيز تجهيزاتها حتى تتمكن من إنجاز مهمتها على الوجه المطلوب، وحث الدول الأعضاء على الإسراع في دفع مساهماتها المالية في هذا الشأن، والتوصية برفع المبلغ المخصص لتمويل الأنشطة الخاصة لتنفيذ خطة العمل لحل الأزمة السورية من مليون دولار إلى خمسة ملايين قابلة للزيادة وفقا لظروف ومتطلبات عمل البعثة.

وطالبت اللجنة في بيانها كافة أطراف المعارضة السورية تكثيف جهودها لتقديم رؤيتها السياسية للمرحلة المقبلة في سوريا حتى يتسنى البدء في الانخراط في العملية السياسية، ودعوة الأمين العام لعقد اجتماع تحضيري للمعارضة السورية، وذلك تنفيذا لقرار مجلس الجامعة العربية في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي الذي دعا إلى عقد مؤتمر للحوار الوطني وفقا لما تضمنته المبادرة العربية لحل الأزمة في سوريا بهدف الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية لتسيير المرحلة الانتقالية.

وعبرت اللجنة عن إدانتها الشديدة للتفجيرات التي وقعت في دمشق ولكل أعمال العنف والقتل الموجه ضد المواطنين السوريين. وكانت اللجنة قد استمعت إلى مداخلات رئيس اللجنة والأمين العام ومناقشة رئيس الوفد الفريق السوداني محمد الدابي وأشادت اللجنة بالجهود المقدرة والعمل الميداني الذي تقوم به البعثة في سوريا في ظروف صعبة ووسط مخاطر جمة، كما نوهت اللجنة الوزارية بدقة المعلومات التي قدمها رئيس البعثة وما اتسم به عرضه من موضوعية وحيادية.

وقررت اللجنة أن يقدم رئيس البعثة تقريرا شاملا يوم 19 يناير (كانون الثاني) الحالي عن مدى التزام الحكومة السورية بتنفيذ تعهداتها بموجب خطة العمل العربية في مجالات وقف كافة أعمال العنف من أي مصدر كان حماية للمواطنين السوريين، الإفراج عن المعتقلين، فتح المجال أمام منظمات جامعة الدول العربية المعنية ووسائل الإعلام العربية والدولية للتنقل بحرية للتنقل في جميع أنحاء سوريا للإطلاع على حقيقة الأوضاع.

من جانبه، أعلن الشيخ حمد بن جاسم، رئيس وزراء دولة قطر، ورئيس اللجنة الوزارية العربية المعنية بسوريا، أن استمرارية عمل البعثة العربية في سوريا مرهون بتنفيذ الحكومة السورية الكامل والفوري لتعهداتها التي التزمت بها بموجب خطة العمل العربية وإلا أصبح وجودها لا يخدم الغرض الذي أنشئت من أجله.

وقال الشيخ حمد في مؤتمر صحافي عقد عقب اجتماع اللجنة، إنه من المقرر أن يقدم رئيس البعثة تقريرا شاملا يوم 19 يناير الحالي عن مدى التزام الحكومة السورية بتنفيذ تعهداتها بموجب خطة العمل العربية في مجالات وقف كافة أعمال العنف من أي مصدر كان حماية للمواطنين السوريين، الإفراج عن المعتقلين، فتح المجال أمام منظمات جامعة الدول العربية المعنية ووسائل الإعلام العربية والدولية للتنقل بحرية للتنقل في جميع أنحاء سوريا للإطلاع على حقيقة الأوضاع، موضحا أنه سيتم عقد اجتماع للجنة ومجلس وزراء الخارجية لمناقشة هذا التقرير يوم 19 أو 20 يناير.

وقال الشيخ حمد «إننا نتعامل بحرص شديد، وبعاطفة لأن أي دم يسفك في دولة عربية عزيز علينا، ما زلنا نأمل أن تمكن البعثة العربية أن توفق في عملها»، لافتا إلى أنها المرة الأولى أن يكون هناك بعثة عربية من هذا النوع لمراقبة وضع في دولة عربية، مشددا على أن نجاحها مهم جدا، وهذا يتوقف على الحكومة السورية، من خلال وقف القتل، وسحب الآليات من المدن، والسماح للإعلام بالعمل والدخول للأراضي السورية. وأوضح الشيخ حمد أنه بحسب التقرير فإن هناك تقدما جزئيا، لكنه استدرك أنه لا يوجد التزام بالبنود في البروتوكول، مطالبا الحكومة السورية بوقف القتل والاعتقال بحق المواطنين.

وفيما يثار حول إرسال أفراد من الأمم المتحدة إلى البعثة العربية في سوريا، قال الشيخ حمد إنه تم الاتفاق على أن توفر الأمم المتحدة فقط تدريبا للبعثة العربية.

وقال الشيخ حمد، إن «عقارب الساعة لا ترجع إلى الخلف، وإن الشعب السوري قد حسم أمره، لكن نحن نعمل على تقليل الخسائر من خلال اتخاذ قرارات لوقف حمام الدم». وأضاف «من المهم أن تبقى سوريا قوية ومتماسكة».

وحول معنى تصريحات سابقة له بأن البعثة قامت بأخطاء، أوضح الشيخ حمد أن مهمة البعثة هي مراقبة الحكومة السورية والتزاماتها بالتعهدات، وليس التركيز على القضايا الإنسانية أي مراقبة وقف إطلاق النار، وزيارة السجون، وسحب الآليات العسكرية من المدن، مضيفا «نعم هناك أخطاء في وجود تصريحات لأعضاء البعثة، والتي ليس من مهمتها التصريحات حتى لا تتعدد الأقوال بعدد أعضاء البعثة».

وتابع رئيس اللجنة العربية قائلا «سبق لسوريا اتهامنا بالعمل من أجل الدفع بالتدخل الخارجي مع العلم أن مجلس الأمن يمكن أن يقرر ما يريد دون إحالة الملف إليه من قبل الجامعة العربية».

من جانبه، علق نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، قائلا إنه «حتى قوات حفظ السلام يرتكب أمامها أخطاء، ونحن نعمل في إطار ضيق». وذكر العربي أن حالات المذابح التي حدثت في البوسنة كانت أمام قوات حفظ السلام، مضيفا «لسنا في عالم مثالي.. لا شك أن وتيرة العنف قلت بعض الشيء، ولكن القتل المتواصل غير مقبول»، وهنا علق الشيخ حمد قائلا «لا تقل هذا (حدوث مجازر) حتى تحدث بالفعل مجازر أمام بعثة المراقبين العرب في سوريا».

وكان تقرير الدابي قد دعا إلى مواصلة عمل البعثة وأشار إلى «مضايقات» حصلت من قبل النظام والمعارضة على حد سواء.

وقال مصدر دبلوماسي عربي إنه جاء في التقرير أن مراقبي البعثة «تجولوا في معظم المناطق السورية وإن هناك مضايقات تعرضوا لها من قبل الحكومة السورية ومن قبل المعارضة وإن كل طرف يريد أن يقنع البعثة بأنه على حق، وأن هناك انتهاكات من الطرف الآخر». إلا أن التقرير أشار أيضا إلى «أن هناك صورا لآليات عسكرية على أطراف المدن ولمظاهرات يطلق فيها الرصاص، إضافة إلى صور لقتلى وانتهاكات مستمرة في مجال حقوق الإنسان».

ونقل المصدر نفسه عن التقرير، أنه «تم رصد وجود آليات عسكرية في معظم المدن التي زارها المراقبون، وأن المظاهر المسلحة لا تزال موجودة كما أن القتل لا يزال موجودا، وأن أفرادا في البعثة رصدوا وجود قتلى في الشارع تتهم الحكومة المعارضة بقتلهم، في حين أن المعارضة تحمل القوات السورية مسؤولية قتلهم خلال المظاهرات».

وجاء في التقرير أيضا أن «هناك معتقلين لم تفصح الحكومة عن مكان اعتقالهم وهل هم أحياء أم أموات، كما أن الحكومة أبلغت البعثة بالإفراج عن 3484 شخصا، ولكن لم يتسن للبعثة التحقق مما إذا كانوا معتقلين سياسيين أم من مرتكبي جرائم جنائية»، كما أشار التقرير إلى «تضييق على وسائل الإعلام، خصوصا المصنفة أنها ضد النظام والمنع شمل ثلاث فضائيات».

وفي ختامه ينصح التقرير باستمرار عمل البعثة مع تزويدها بعدد كاف من المراقبين والاستعانة بأجهزة تكنولوجية حديثة للقيام بمهمتهم بنجاح، كما يطلب التقرير من المعارضة والحكومة ترك البعثة تتحرك بلا وصاية وهي كفيلة برصد كل شيء بمنتهى الحيادية والشفافية.

وكانت مصادر بالجامعة العربية قد ذكرت قبل الاجتماع أنه رغم الضغوط التي تمارسها قطر التي ترأس اللجنة الوزارية العربية بشأن سوريا فإن البعض يهون من فرص توجيه انتقادات شديدة للرئيس السوري بشار الأسد قائلين إن ذلك قد يقضي على إمكانية التواصل مع حكومته.

ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر «نحن لا نتوقع أن يخرج اجتماع اليوم بشيء يدين طرفا واحدا إدانة كاملة لأن هذا سيعني نهاية للعلاقة بين الجامعة العربية وهذا الطرف».

وتجمع نحو 50 من معارضي الأسد خارج الفندق الذي يعقد به الاجتماع بالقاهرة وراحوا يرددون هتافات مناهضة للأسد. ولوح البعض برسوم ساخرة للأسد شبهته بدراكولا مصاص الدماء.

وقال الناشط المعارض محمد مأمون الحمصي «الشعب السوري لا يعقد أي آمال على هذا الاجتماع. هذا الاجتماع يتعامل مع بروتوكول ميت لم ولن ينفذ النظام السوري كلمة واحدة منه».