سانتورم.. من شجارات الكونغرس إلى سباق الرئاسة

السناتور السابق اشتهر بالنقد اللاذع لزملائه وهاجم بشدة بيل كلينتون وأوباما

ريك سانتورم
TT

يحب المرشح الجمهوري للرئاسة ريك سانتورم مصارعة المحترفين وشعر بسرور كبير عند مقابلة أبطال هذه اللعبة مثل برونو سامارتينو وغوريلا مانسون وهالك هوغان، بل حشد الدعم لإنشاء مؤسسة المصارعة العالمية لفترة. وعندما كان عضو مجلس الشيوخ السابق الجمهوري عن ولاية بنسلفانيا يسعى للحصول على فترة ثانية في المجلس عام 2006، شارك في حملة إعلانية ظهر خلالها وسط حلقة وتحيط به عيون الملاكمين. وقال: «الأكثر منطقية هو مصارعة مشكلات أميركا بدلا من مصارعة بعضنا بعضا».

مع ذلك، ينتهي الإعلان بإيقاع سانتورم أحد المصارعين على الأرض بوكزة قوية من مرفقه وهي حركة تشير إلى أسلوبه السياسي الذي لا يلتزم فيه بأي قيود أو ضوابط. وكال إليه أعضاء الحزبين الرئيسيين في أميركا، على مدى سنوات اتهامات بأنه يسب الآخرين بأقذع الشتائم ويتبنى سلوكا غير لائق ويحاول اختزال السياسة في مباريات داخل قفص معدني بين أشخاص منتصرين أو مهزومين.

وقال مارك سالتر، مستشار السناتور جون ماكين: «إنه يهاجم الناس بطريقة تتسم بالعجرفة ومهينة أو حادة أكثر مما ينبغي». وأضاف أن المشرعين في كلا الحزبين لهم وجهة النظر نفسها. وأوضح قائلا: «لقد كان مستأسدا، لكنه لا يملك القدرة الكافية ليصبح بلطجيا».

عُرف سانتورم منذ بداية عمله في التشريع، حيث فاز بعضوية مجلس النواب لفترتين وعضوية مجلس الشيوخ لفترتين، بأنه يسدد الضربات واللكمات دون أي اعتبار لعادات أو تبجيل أو حداثة عهده بهذا المجال. وسعيا للحصول على ترشيح الحزب له، جذب ربطة عنق وهمية كدليل على احتلاله المركز الأول في آيوا، ولا يزال يعرف كيف يسدد الضربات كما حدث يوم الخميس مع مجموعة من زملائه الجمهوريين في كونكورد بحسب دوني بروك، حيث بدا وكأنه يعقد مقارنة بين الزواج بين المثليين وتعدد الأزواج أو الزوجات. وتساءل قائلا: «هل يمكن للمرء أن يتزوج بآخر؟ هل يمكن إذن أن يتزوج بعدة أشخاص؟»، فصاح أعضاء كثيرون ازدراء.

في مرات أخرى وصف الرئيس باراك أوباما بـ«الرئيس الذي كان مزق البلاد أكثر من أي رئيس سابق في التاريخ الحديث». ومع ذلك بوجه عام، حاول سانتورم أن يبدو أكثر تسامحا خلال هذه الانتخابات، فلم يهاجم خصومه من الحزب الجمهوري في مناظرات أو حملات إعلانية رغم عدم امتلاكه المال الكافي لعمل أي إعلانات. تحدث عن العمل مع الديمقراطيين في مجلس الشيوخ والفوز بالانتخابات في ولاية بنسلفانيا ذات التوجهات الديمقراطية. وحث على التوصل إلى حل وسط عندما يكون ذلك ممكنا. وقال خلال جولة انتخابية في مدينة بيري بولاية آيوا الاثنين الماضي: «يتوقع الشعب الأميركي منا التصرف كأناس راشدين لا صبية مدللين».

ومع ذلك، لا يزال زملاؤه السابقون في المجلس يتذكرون عدوانيته، فقد كان أول ما قام به داخل مجلس الشيوخ هو مهاجمة مارك هاتفيلد، العضو الجمهوري عن ولاية أوريغون، بسبب معارضته تعديل الميزانية الذي كان يؤيده سانتورم، بل واقترح عزل مارك، الذي يعد واحدا من قدامى الأعضاء، من منصبه رئيسا للجنة المخصصات. وانتقد خلال عضويته بمجلس الشيوخ الافتقار إلى حنكة رجال الدول في المجلس، بينما يرى الكثير من زملائه عكس ذلك بالنظر إلى تصريحاته غير اللائقة، حيث أشار إلى الرئيس بيل كلينتون بقوله «هذا الشخص» وحمل لافتة مكتوب عليها «أين بيل؟» على درج المجلس مطالبا كلينتون بتقديم ميزانية متوازنة ورفض الاعتذار، ونعت عضو المجلس روبرت تروشيلي بالكاذب. ولذا لُقب بـ«العضو المنتقد» الذي يصلح لأن يكون مؤيدا للمصارعة. وأصيب الراحل روبرت بيرد، العضو الديمقراطي عن ولاية فيرجينيا وأحد الأعضاء المتمسكين بالتقاليد، بالفزع عندما اتهم سانتورم كلينتون بعرض «الأكاذيب الصريحة»، مما دفعه إلى إلقاء خطاب شديد اللهجة، تهكم فيه على «وقاحة» زميله، وقال إن أنسب مكان لسانتورم هو «حانة البيرة». وعبر عن حزنه لأن العمر امتد به ليرى «الأقزام يسيرون كالعمالقة» في هذا المجلس المهيب.

يحب سانتورم التشبيهات النقدية التي تتضمن صور الكلاب، التي كان أكثرها بروزا خلال مقابلة عام 2003 مع وكالة «أسوشييتد بريس» ناقش خلالها الزواج وذكر المثلية الجنسية. وشبه ذات مرة توم داشل، الذي كان زعيما للديمقراطيين في مجلس الشيوخ، بـ«الكلب المسعور» وكان من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين دعوا عام 2002 إلى مؤتمر صحافي لـ«تشمم» أي تشريع تقدمه الأقلية الديمقراطية.

انجذب سانتورم، الروماني الكاثوليكي، إلى أكثر القضايا إثارة للخلاف التي تختلف من ثقافة إلى أخرى مثل الإجهاض والقتل الرحيم وحقوق المثليين ودور الدين في مؤسسات الدولة. وكثيرا ما كان يستخدم لغة مهيجة في النضال من أجل هذه القضايا، حيث شبه المثلية الجنسية بزنا المحارم ودعا إلى حماية الزواج التقليدي باعتباره «قضية أمن قومي». وقال زعيم الجمهوريين السابق في مجلس الشيوخ، ترنت لوت، الذي يدعم ميت رومني للفوز بترشيح الحزب الجمهوري: «يميل ريك إلى مناقشة هذه القضايا الجدلية بحماس مما يبعد الناس». ومع ذلك، وصف سانتورم بالصديق المقرب. وقال إنه راقب سانتورم عن كثب في آيوا ووجده أكثر تأنيا. وقال لوت: «نحن نتغير كلما تقدمنا في العمر». وخلال جولته في ولاية آيوا خلال الأشهر الماضية، قال سانتورم إنه كان يعتزم التعاون مع من يختلفون عنه في التفكير، وأشار إلى باربرا بوكسر، عضو مجلس الشيوخ الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا كحليف في عدة قضايا.

ومع ذلك، كان هناك خلاف كبير بين الاثنين في نهاية التسعينات في النقاش حول ما وصفه المعارضون بالإجهاض بعد مرور أربعة أشهر ونصف على الحمل. وهي قضية اهتم بها سانتورم، والد الطفل الرضيع الذي توفي بعد ساعتين من ولادته المبكرة عام 1996. وخلال النقاش، استعان سانتورم بعدد من الصور الكبيرة لأجنة وتحدث عن ما يمارسه الأطباء من «قتل وحشي» بوخز مقص في مؤخرة رأس جنين وامتصاص مخه. ودعا إلى قاعة الزوار طفلة تبلغ من العمر خمسة أعوام نجت من محاولة إجهاض جعلت أمها معرضة للمساءلة القانونية، على حد قوله. واعترضت بوكسر على إحضار الطفلة الصغيرة ووضعها في هذا الموقف. وانتقدت بوكسر، التي رفضت التعليق على الأمر، زميلها السابق بسبب ميله «للقسوة وإضفاء الطابع الشخصي» على الموضوعات التي تتم مناقشتها داخل مجلس الشيوخ. وكان هذا هو الأساس الذي بنا عليه سانتورم انتقاده لأوباما، حيث قال عنه إنه «يطارد الجمهوريين بالاسم» ويستجيب للنقد المعقول لسياساته من خلال «التشكيك في شخصيات الناس». ويرى أن أوباما هو سبب انقسام وتمزق واشنطن، حيث قال: «لقد سمم هذا الرئيس البئر».

* خدمة «نيويورك تايمز»