خبراء: «رؤية واشنطن» للتغيرات الجديدة في العالم العربي تتمثل في الإصلاح أو الرحيل

3 متحدثين أميركيين يشخصون رؤية للوضع العربي من خلال ندوة في مركز الملك فيصل

الخبراء الأميركيون أثناء الندوة (تصوير: إقبال حسين)
TT

شخص خبراء أميركيون الوضع الحالي للتغيرات التي تشهدها المنطقة العربية على خلفية الثورات العربية، والتي تعرف باسم «الربيع العربي»، بأن ما جرى في المنطقة حالة من التغيرات نحو نبذ السياسات التسلطية لعدد من الأنظمة الحاكمة بعدد من دول المنطقة.

ووصف الخبراء الذين كانوا يتحدثون في ندوة عقدت في العاصمة السعودية الرياض التحركات الثورية، والتي أطلقت شرارتها الأولى في المنطقة على يد الشاب التونسي محمد البوعزيزي بأنها ثورات لا تملك لها قيادة سياسية تحركها، وأن الكاسب الأكبر لها هم الأحزاب السياسية التي كانت خارج اللعبة السياسية في بلادها.

وكان مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية عقد ندوة بعنوان «الولايات المتحدة الأميركية والتغيرات الجديدة في العالم العربي» بالتعاون مع مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، مساء أول من أمس بمقر المركز بالعاصمة السعودية الرياض، وتحدث فيها رئيس مؤسسة كارنيغي واثنان من نوابه حول ما يجري في واشنطن ونظرتها لواقع التغيرات في المنطقة العربية.

وقد بدأت الندوة بورقة عمل تقدم بها الدكتور مروان المعشر، نائب الرئيس للدراسات بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي أوضح من خلالها أن التصور لدى القيادة السياسية في الولايات المتحدة الأميركية كان ينظر للربيع العربي في بداياته على أنه سيؤدي إلى تمركز الديمقراطية بشكل سريع في تلك المنطقة، موضحا خطأ تلك التصورات الأولية.

وشدد على أن أي تحول تقدم عليه دولة من دول المنطقة العربية لا يشتمل على تقاسم السلطة محكوم عليه بالفشل مسبقا، ومؤكدا أن عملية الإصلاح لا بد أن تكون شاملة وبمشاركة فعالة وحقيقية من قبل شعبها، لافتا إلى أن خطط الدولة التنموية يجب لضمان تنفيذها وتحقيقها على أرض الواقع أن تكون مقبولة من الشعب.

من جانبه، تحدث الدكتور توماس كاروثيرس نائب الرئيس للدراسات بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في ورقته بندوة «الولايات المتحدة الأميركية والتغيرات الجديدة في العالم العربي» عن واقع الثورات التي شهدها عدد من دول العالم، وفي محاولة منه لتشخيص واقع الثروات الربيع العربي من خلال إسقاط نتائج وأحداث الثورات المتخلفة على المشهد العربي، يرى كاروثيرس أن الأحزاب السياسية في العالم العربي لم تكن هي المحرك للثورات العربية، مؤكدا أنها نظمت لاحقا لتلك الثورات، مما جعل ثورات الربيع العربي بلا قائد وموجه سياسي لدفتها.

وشدد كاروثيرس على أن التحولات التي تشهدها المنطقة العربية هي تحولات صعبة بحسب وصفه، مما أدى إلى تباين المواقف الغربية والعربية من تلك الثورات العربية، لافتا إلى أن الثورة الليبية كانت من أكثر الثورات التي شهدت تدخلا غربيا سريعا وخاصة من دول أوروبا.

من جانب آخر، أكدت الدكتورة جيسيكا ماثيوس رئيسة مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، أن عام 2011 كان عاما حافلا بالمفاجآت في كافة الأقطار العربية، مؤكدة أن أيا من المتابعين والمهتمين بالشأن السياسي في المنطقة العربية لم يكن لديهم أدنى توقع لما آل إليه الوضع في المنطقة بقيام ثورات الربيع العربي.

وحاولت ماثيوس من خلال ورقتها التي قدمتها في ندوة «الولايات المتحدة الأميركية والتغيرات الجديدة في العالم العربي» أن تستعرض موقف الحكومة الأميركية من تلك الثورات العربية في ظل ما تشهده أروقة السياسة الأميركية في الفترة المقبل من صراع على منصب الرئاسة الأميركية في دورته القادمة. وأوضحت أن الانتخابات الأميركية التي ستشهدها البلاد خلال عام 2012 لن تشهد تحولات في السياسة الخارجية في تعاطيها مع الملفات الساخنة في المنطقة العربية.

يشار إلى أن ندوة «الولايات المتحدة الأميركية والتغيرات الجديدة في العالم العربي» شهدت الكثير من المداخلات والتعليقات والأسئلة من قبل الحضور، والذين غصت بهم جنبات قاعة المحاضرات بمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وكان جميع المتحدثين يؤكدون في ردودهم على عدم القدرة على التنبؤ بمن سيكون التالي في قائمة الدول العربية التي ستحل بها رياح الربيع العربي، مؤكدين أنه ليس هناك دولة أو نظام حاكم في المنطقة العربية بمأمن من وصول رياح التغيير وتبعات الثورة إلى أراضيه.

من جانبه، أكد الأمير تركي الفيصل، رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث الدراسات الإسلامية لـ«الشرق الأوسط»، أن «طرح الخبراء من الولايات المتحدة الأميركية فيه شرح وتنوير لما يجري في واشنطن ورؤيتها للمنطقة العربية، والمفيد أن نستمع لتلك الرؤية والآراء في بلادنا، لذلك ينشط مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في جلب الآخرين لإقامة مثل تلك الندوات».