ضابطان يتحولان رمزا للوحدة الوطنية إثر تضحيتهما بنفسيهما

أحدهما حضن انتحاريا كان ينوي تفجير نفسه وسط زوار كربلاء

TT

تحول ضابطان عراقيان رمزا للوحدة الوطنية في البلاد التي تعاني أزمة بين الكتل السياسية إثر تضحيتهما بنفسيهما من أجل حماية الزوار (الشيعة) من تفجير انتحاري. ووافق مجلس الوزراء العراقي في جلسته، أمس، على مقترح رئيس الوزراء، نوري المالكي، تكريم الضابطين السنيين؛ نزهان الجبوري وعلي السبع، بإطلاق اسميهما على شارع أو ساحة في محافظة ذي قار. وجاء قرار المجلس «تخليدا لموقفهما البطولي العظيم».

وقال علي الموسوي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «رئيس الوزراء تقدم باقتراح للمجلس اليوم بتكريم الشهيدين، بمكافآت مادية ومعنوية». وكان المالكي قرر وفقا لصلاحياته الدستورية ترفيعهما رتبتين. وقال الموسوي إن «المجلس وافق بالإجماع على المقترح الذي يتضمن منح عائلتي الشهيدين سكنا في كركوك وآخر في ديالى، ومكافأة مادية تصل إلى 30 مليون دينار (25 ألف دولار) لكل منهما». وتابع أن «تضحيتهما بحياتهما ما هي إلا دليل على أن الجيش العراقي جيش مهني ويعمل على حفظ أمن البلاد بغض النظر عن الانتماء». وأضاف أن «عملهما جسد عمق الأخوة بين العراقيين، حيث يحاول تنظيم القاعدة منذ سنين دق إسفين بين الشيعة والسنة من خلال استهداف الشيعة لتحريضهم على السنة، لكن كل محاولتهم باءت بالفشل».

وكانت والدة نزهان عبرت عن فرحتها باستشهاد ولدها، وقالت لإحدى وسائل الإعلام المحلية: «لو كان لدي ولد آخر سأضحي به فداء لوحدة وتآخي العراقيين لفعلت». وقام الملازم الجبوري بحَضن الانتحاري قبل تفجير نفسه وسط جموع الزوار المتوجهين إلى كربلاء لإحياء أربعين الإمام الحسين، وحاول إبعاده بمساعدة ضابط الصف السبع، لكنه انفجر مما أسفر عن مقتل 48 وإصابة العشرات من الزوار.

وكان المالكي ذكرى بموقفهما، أمس، في الذكرى النسوية الـ90 لتأسيس الشرطة، وقال: «لقد سطر الشهيدان الملازم نزهان الجبوري وضابط الصف علي السبع أروع الملاحم، التي أثبتا فيها أن رجل الشرطة لا يتعامل إلا بواجبه، وأعطيا لنا درسا نحن السياسيين أن لا نتعامل إلا على أساس الواجب والمهمة».

وأضاف: «رحمة الله على الشهيدين اللذين قدما دماءهما لإعطاء درس في اللاطائفية والاستعداد للتضحية، فمرحى لابن الحويجة ومرحى لابن ديالى، وعائلة كل منهما تستحق منا ومن وزارة الداخلية كل التكريم».

وبحسب الشرطة، كان الانتحاري الذي قام بحضنه الملازم نزهان يحمل أكثر من 30 كيلوغراما من المتفجرات وكميات كبيرة من المسامير والكرات الصغيرة، ولولا قيامه بحضنه وإبعاده، لكان عدد الضحايا ضعف ما وقع.

وفي الناصرية، حيث وقع الحادث، أقيم تشييع مهيب لجنازة الضابطين بمشاركة كبار رجال الحكومة المحلية والجيش والشرطة، الجمعة الماضي. وطالب آلاف من المشاركين في الجنازة تشييد نصب تذكاري لهما في المدينة، حسب ما نقل مراسل وكالة الصحافة الفرنسية. وبحسب مسؤول محلي «يدرس مجلس المحافظة حاليا تشييد نصب أو تمثال لهما في مركز المحافظة». وقال محسن خزعل، مسؤول اللجنة المحلية للحزب الشيوعي في الناصرية، إن «الضابطين جسدا في تضحيتهما رمزا للوحدة الوطنية من خلال عملهما البطولي». وأضاف أن «ما قاما به، يمثل ضربة لكل من ينادي ويسعى وراء إثارة الطائفية والانقسام في البلاد».

إلى ذلك، قرر مجلس محافظة ميسان إطلاق اسمي الضابطين على شارعين مهمين في مدينة العمارة، حسب ما أعلن مصدر مسؤول. وقال عبد الحسين عبد الرضا الساعدي، رئيس مجلس محافظة ميسان، إن «مجلس المحافظة قرر إطلاق اسمي شهيدي البطحاء على شارعين في مدينة العمارة تقديرا وعرفنا لموقف هذين الشهيدين». وأضاف أن «ما قدمه الشهيدان دليل على لحمة الشعب الواحدة وما يجمعنا هو الوطنية والوطن، وهما عبرا عنه بحياتهما».