المغرب: وزير العدل الجديد يعد بحل ملف معتقلي «السلفية الجهادية»

عددهم يصل إلى 770 سجينا

TT

وعد مصطفى الرميد وزير العدل الجديد بإيجاد حل لملف المعتقلين الإسلاميين المنتمين لما يعرف بتيار «السلفية الجهادية»، وذلك في أول لقاء رسمي جمعه أول من أمس مع ممثلين عن المعتقلين بعد تعيينه وزيرا للعدل، إلا أنه لم يحدد موعدا لحل هذه القضية ولا الطريقة التي سيعتمدها. وكان الرميد وهو محام قد ترافع في عدد من القضايا الخاصة بالمعتقلين الإسلاميين، كما طالب بشدة بإطلاق سراحهم عن طريق «منتدى الكرامة لحقوق الإنسان» الذي كان يرأسه قبل أن يقدم استقالته منه بسبب حالة التنافي مع منصبه الحكومي.

ومن جهتها تطالب عائلات المعتقلين الإسلاميين والجمعيات الحقوقية المساندة لها، والتي انتظمت في إطار واحد هي «اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين» التي تعتبر الممثل الوحيد للمعتقلين الإسلاميين بإطلاق سراحهم و«وقف التجاوزات والانتهاكات التي تطال أبناء الحركة الإسلامية»، و«إلغاء قانون مكافحة الإرهاب»، و«تفعيل مبدأ عدم الإفلات من العقاب بالنسبة للمسؤولين عن كافة الانتهاكات التي شابت ملف المعتقلين الإسلاميين»، ثم «جبر الضرر المادي والمعنوي عن كل أشكال الانتهاكات التي لحقت بالضحايا».

وقال أنس الحلوي، المسؤول الإعلامي للجنة الذي حضر الاجتماع مع وزير العدل رفقة 6 أعضاء آخرين، لـ«الشرق الأوسط» إن الرميد لم يكشف نهائيا خلال الاجتماع الذي دام ساعة ونصف الساعة عن أجل محدد لحل ملف المعتقلين الإسلاميين الذي يوجد بعضهم في السجن منذ 2002. وردا على سؤال حول ما إذا كان الوزير كشف عن نيته طلب عفو ملكي للمعتقلين، قال الحلوي إن الرميد اكتفى بالقول: إنه على «استعداد تام للعمل على إيجاد حل لهذا الملف وفق الإمكانيات التي تتيحها له اختصاصاته، كما أكد أنه لن يتخلى عن هذه القضية ولا عن سائر القضايا التي تهم أبناء الشعب المغربي». ولم يكشف عن أي تفاصيل أخرى. وأوضح الحلوي أن اللقاء بالوزير في حد ذاته يعتبر مؤشرا إيجابيا لحل الملف، لأنها المرة الأولى التي تستقبل فيها جهة حكومية ممثلين عن المعتقلين الإسلاميين بشكل رسمي. وقال الحلوي إن عدد المعتقلين الإسلاميين الموزعين على مختلف السجون يبلغ 770 سجينا، وإن العدد الأكبر منهم يوجد في سجون مكناس والقنيطرة وسلا.

وكانت الدولة قد شرعت في تسوية ملف المعتقلين الإسلاميين في أبريل (نيسان) الماضي وأصدر الملك محمد السادس عفوا عن عدد من المعتقلين السياسيين والإسلاميين أبرزهم الشيح محمد الفزازي الذي كان حكم عليه بـ30 سنة سجنا بتهمة التحريض على الإرهاب بعد أحداث الدار البيضاء الإرهابية عام 2003. بيد أنه بعد أيام من صدور قرار العفو والإعلان عن اعتزام السلطات إطلاق سراح دفعة جديدة من المعتقلين الإسلاميين، وقع تفجير مقهى بمدينة مراكش في 28 أبريل الماضي، اتهم بتنفيذه شخص يدعى عادل العثماني، قيل إن له ارتباطا بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي. فتوقفت عملية التسوية التي كانت ستشمل جميع ملفات معتقلي السلفية الجهادية، باستثناء المعتقلين الذين لا يزالون يمثلون خطرا على الأمن العام، والمصممين على ما ارتكبوه من أفعال. إلى ذلك ناشدت زوجة عبد القادر بلعيرج البلجيكي من أصل مغربي الذي ألقي عليه القبض عام 2008. وحكم عليه بالمؤبد بتهمة التخطيط لأعمال إرهابية واغتيالات سياسية عام 2009 بإطلاق سراح زوجها وجميع المعتقلين معه في نفس القضية التي تعرف بـ«شبكة بلعيرج» التي كانت تضم 35 متهما، والتي كان الرميد ضمن هيئة الدفاع فيها.

وقالت رشيدة حطي في رسالة مفتوحة موجهة إلى الرميد «لقد كنتم بنفسكم محاميا ضمن هيئة الدفاع عن بعض المتهمين في هذه القضية، وأنتم تعرفون تماما ما عرفه هذا الملف من اختلالات وتجاوزات وعدم الحياد». وأضافت: «إن تبريركم الذي صرحتم به للصحافة، حيث قلتم إنه في ظل دولة ديمقراطية لا تتدخل الحكومة في القضاء، لا يمكن القبول به إلا إذا كانت جميع الظروف المحيطة بهذه القضية هي أيضا ديمقراطية، غير منحازة وليس فيها إملاءات»، وقالت إن القضية عرفت «انتهاكا صارخا لسرية التحقيق بالإضافة إلى شيطنة إعلامية لم يسبق لها مثيل»، مشيرة إلى أنه لا يسمح لها ولأبنائها إلا بزيارة واحدة في العام لبلعيرج.

وكانت السلطات المغربية قد أفرجت في 14 أبريل الماضي عن 5 معتقلين سياسيين ضمن «شبكة بلعيرج». وهم المصطفى معتصم أمين عام حزب البديل الحضاري الإسلامي، ومحمد الأمين الركالة الناطق الرسمي للحزب، ومحمد المرواني أمين عام حزب الأمة غير المرخص له، والعبادلة ماء العينين القيادي في حزب العدالة والتنمية الإسلامية، وعبد الحفيظ السريتي مراسل قناة «المنار»، التابعة لحزب الله اللبناني في الرباط، الذين اعتقلوا عام 2008 مع 23 متهما آخر ضمن نفس الخلية التي اتهمت بالتخطيط لتنفيذ أعمال تخريب واغتيالات سياسية، وصدر في حق زعيمها بلعيرج، الذي كان يقيم في بلجيكا حكم بالمؤبد، في حين حكم على المعتقلين السياسيين الخمسة بأحكام بالسجن تتراوح بين 20 و25 عاما، قبل أن يتم تخفيف المدة إلى 10 سنوات في مرحلة الاستئناف، في يوليو (تموز) من العام الماضي.