الإعلاميون في تونس: نريد «سلطة رابعة» لا «سلطة راكعة»

حكومة الجبالي في «مأزق» في علاقتها مع الإعلام.. والاحتجاجات متواصلة

حمادي الجبالي
TT

جوبهت حكومة رئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي بموجة من الانتقادات بسبب إعلانها، يوم السبت الماضي، عن تعيينات على رأس مجموعة من المؤسسات الإعلامية العمومية، واضطرت، خلال مدة لم تتجاوز اليومين، إلى التراجع عن جزء كبير من تلك القرارات، وهو ما اعتبر «انتكاسة» لحكومة الجبالي في السيطرة على مجموعة من القطاعات الحساسة، من بينها الإعلام والأمن والقضاء. وانتقدت الهياكل المهتمة بالإعلام طريقة تعيين المسؤولين على القطاع العمومي، خاصة التدخل المباشر في تعيين رؤساء التحرير على رأس تلك المؤسسات التي تصنع الإعلام في تونس، وردد عدد من الإعلاميين في الصحف التونسية أنهم يريدون «سلطة رابعة» لا «سلطة راكعة». وتواجه حكومة الجبالي انتقادات عدة في تعاطيها مع قطاع الإعلام بمختلف مكوناته، وقد وجهت اتهامات سابقة بسيطرة الأقليات اليسارية على معظم المؤسسات الإعلامية.

وتراجعت الحكومة بصفة غير معلنة عن تعيين 3 رؤساء تحرير بمؤسسة «سنيب» (رئيسا تحرير في جريدة «لابراس» هما المنجي الغربي وفوزية المزي، وناجي العباسي رئيس تحرير في جريدة «الصحافة»)، كما شمل التراجع تعيين سعيد الخزامي مديرا لتحرير الأخبار في «القناة الوطنية الأولى». إلا أن ذاك التراجع جاء فقط على لسان نجيبة الحمروني، رئيسة النقابة التونسية للصحافيين؛ فقد ذكرت أطراف مقربة من «النهضة» أن التراجع المذكور لم يتم وأن حكومة الجبالي وعدت فقط بمراجعة تلك التعيينات وعدم التسرع في الحكم عليها.

وذكر رئيس تحرير من بين المعينين من قبل الحكومة أن الأمر لم يستتب بعد وأن الحكومة وعدت بتعيينهم بصفة مؤقتة إلى حين مرور موجة الانتقادات على أن يباشروا مهامهم في انتظار تكوين مجالس تحرير رسمية هي التي تتولى رئاسة الخط التحريري لتلك المؤسسات. وتعترض عملية تعيين رئيس مدير عام على رأس وكالة الأنباء الرسمية كثير العراقيل، من بينها تعبير معظم العاملين بها عن رفض عملية التعيين بعلة أن الشخص المعين قد خدم النظام السابق ونظموا للغرض وقفة احتجاجية.

كما يعرف ملف تعيين رئيس مدير عام على رأس مؤسسة «سنيب» المشاكل نفسها، وقد ظهرت على المواقع الاجتماعية المقالات الصحافية التي كان يحررها وصور ليلى الطرابلسي التي كان يضعها على الصفحة الأولى من الصحيفة الفرنسية الناطقة باسم حزب التجمع. كما أظهروا علاقة بعض المعينين على رأس التلفزة التونسية بزوجة الرئيس السابق.

هذه الانتقادات كلها جعلت الحكومة تسعى إلى تهدئة الوضع وعدم تنصيب تلك القيادات على رأس تلك المؤسسات على الرغم من الإعلان عنها بصفة رسمية من خلال وكالة الأنباء الرسمية وإذاعتها في كل وسائل الإعلام المحلية.

حول هذا الموضوع، قال العجمي الوريمي، القيادي في حركة النهضة، إن الحركة تدخل طورا جديدا وأصبحت في موقع التسيير، وهذا يمثل تحديا جديدا بالنسبة لها. ودحض الوريمي الاتهامات التي تقول إن النهضة قد تحولت إلى «تجمع» جديد (في إشارة إلى التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل الذي حكم 23 سنة وحده) من خلال محاولة سيطرتها على جميع مفاصل الحياة في تونس، واعتبر تدخلاتها مشروع نهضة بالبلاد وليست حزبا حاكما بالمعنى التقليدي. وأضاف أن الحركة تحكمها قيم ومبادئ والسلطة ليست غاية بالنسبة لها، بل هي التي ستحتفظ بعلاقة نقدية مع السلطة قبل أن توجه لها المعارضة تلك الانتقادات.