«إخوان» سوريا لـ«الشرق الأوسط»: لسنا إخوان الشياطين.. وإذا أتتك مذمتي...

المعارضة السورية: خطاب الأسد «خطير» و«يائس» ويعطي إجازة للاستمرار في الحل الأمني والقمعي

علي صدر الدين البيانوني
TT

أثار خطاب الرئيس السوري بشار الأسد والمواقف النارية التي أطلقها، أمس، غضب المعارضة السورية التي وصفته بـ«اليائس»، ورأت أنه «يعبر عن إصرار النظام على مواصلة استخدام الحل الأمني والقمعي ضد الشعب السوري». وشددت الردود التي صدرت عن قيادات ومسؤولين في كل أطياف المعارضة على «الإسراع لرفع الملف السوري إلى مجلس الأمن الدولي مع انسداد أفق المبادرة العربية».

واعتبر المراقب العام السابق لـ«الإخوان المسلمين» في سوريا، علي صدر الدين البيانوني (أبو أنس)، أن خطاب الرئيس السوري بشار الأسد يؤكد انفصاله عن الواقع وعن الزمن وعن التاريخ. وقال البيانوني في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» من لندن إن «الأسد عندما كان يقرأ من الخطاب المعد سلفا عرض التعاون مع معارضة الثمانينات، أي (الإخوان)، ولكن عندما خرج عن النص أو الورق ظهرت مكنونات صدره على الهواء، وصفنا بأننا (إخوان الشياطين)، أي تناقض هذا في خطاب إنشائي فارغ المحتوى، استغرق ساعتين إلا ربعا، جلد فيه المشاهدين الذين توقعوا أنه سيعود إلى رشده ويتنحى، ولكن حسبي الله ونعم الوكيل، وأرد عليه بالاستشهاد ببيت الشاعر العربي القديم المتنبي في العصر العباسي (إذا أتتك مذمتي من ناقص.. فهي الشهادة بأني كامل)».

وأضاف أن «(الإخوان) بكل تاريخهم القريب والبعيد ليسوا في حاجة إلى شهادة أو مديح من الديكتاتور الذي قتل الآلاف وسجن عشرات الآلاف. كنا نتوقع أنه سيتنحى أو سيسلم الحكم إلى مجلس انتقالي، لكنه على العهد مستمر في طغيانه واستبداده». وتابع قائلا إن الرجل مغيب عن الواقع، ألم يسمع المظاهرات في أغلب مدن سوريا ليل نهار (ارحل ارحل يا بشار)»، وأشار إلى أن «الأسد تغلب على فكره نظرية المؤامرة، فهو يفسر الانتفاضات الشعبية بأنها مؤامرات من الخارج وعمليات إرهابية، ولا يفهم حتى الآن ماذا يريد الشعب السوري منه بعد 12 عاما من حكمه المستبد، ولا يعرف اللون الرمادي، أي أنه يريد القول للسوريين إما أبيض أو أسود، أي إما معنا أو ضدنا».

وأكد البيانوني لـ«الشرق الأوسط» أن «خطاب الأسد يعبر عن استهتاره بالشعب السوري بعد مقتل آلاف الشهداء، وكلامه مكرر ممجوج بلا محتوى، ولا يصدقه أحد من السوريين في الداخل أو الخارج، بل هو مزيد من الثرثرة وإنكار الواقع والهلوسة والتضليل».

كما رأى نائب المراقب العام لـ«الإخوان المسلمين» في سوريا فاروق طيفور، أن «الهدف من خطاب الأسد كان رفع معنويات الأجهزة الأمنية والشبيحة المحيطين به، بعدما لمس تراجعا لديهم». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه «ليس لدى بشار الأسد جديد يقوله سوى عزل سوريا عربيا ودوليا والاستمرار في الحل الأمني والقمعي، فجاء خطابه يائسا وبائسا، وهاجم فيه الجميع من دون استثناء، فاتهم الدول العربية بالتآمر وكذلك دول العالم، وذهب إلى الحديث عن التقسيم والطائفية، في حين أنه هو من يدفع بالوضع نحو الفتنة المذهبية والطائفية خصوصا بين السنة والشيعة كما يفعل في حمص».

ومن جانبه، وصف رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون، الخطاب الذي ألقاه الأسد بـ«الخطير»، لكونه أكد فيه «الإصرار على استخدام العنف تجاه الشعب وبالتالي قطع الطريق على أي مبادرة لتجنيب سوريا أي سوء».

وأشار غليون في مؤتمر صحافي عقده بعد لقائه وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في اسطنبول أمس، إلى أن «الأسد أكد إصراره على دفع الشعب إلى الانقسام وإلى حرب أهلية»، معتبرا أن «النظام السوري لم يتعلم أي شيء بعد مرور 10 أشهر من الأزمة ومن الدماء التي عمل على إسالتها ولا يزال». وأكد أن «الرد الوحيد على هذا الخطاب الذي يشكل مزيدا من الثرثرة، هو أولا استمرار الثورة الشعبية»، مشيرا إلى أن «الشعب السوري كان ينتظر من الأسد إعلان التنحي فقط»، لافتا إلى أن «كلمة الأسد أنهت المبادرة العربية»، مطالبا جامعة الدول العربية بـ«رفع الملف إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة مع انسداد الأفق حيال المبادرة العربية لحماية الشعب السوري». وإذ رأى أن «النظام اتهم لأول مرة العرب بالضلوع في مؤامرة ضد سوريا»، اعتبر غليون أن «هذا الخطاب موجه ضد العمل العربي».

إلى ذلك، قال المنسق العام للجالية السورية بالقاهرة محمد مأمون الحمصي إن الخطاب على ما يبدو هو خطاب «الانهيار». وأضاف أن اتهامات الأسد للمعارضة وحديثه عن مؤامرة خارجية تتعرض لها سوريا حديث مكرر لا جديد فيه، وكان من الأجدر به أن يعلن تنحيه عن منصبه نزولا على رغبة الشعب السوري.

واعتبر عضو «المجلس الوطني» أحمد رمضان، أن «الشعب السوري لم يكن يتوقع أفضل مما قاله (الرئيس) بشار الأسد في كلمته»، واصفا هذا الخطاب بـ«اليائس». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لقد عبر الأسد عن عزلته الشعبية فضلا عن عزلته العربية والدولية، وأظهر أنه بات في مرحلة يعاني فيها من عدم القدرة على السيطرة على الوضع في سوريا، وعجزه عن التواصل العربي والدولي». ورأى رمضان أن «الخطاب كان مليئا بالتناقضات، فهو تارة يصف ما يجري بأنه أعمال إرهابية ثم يتحدث عن إصلاحات، ومرة يدعو الإخوان المسلمين إلى الحوار ثم يصفهم بـ(إخوان الشياطين)».

من جانبه، قال أنس العبدة، عضو المجلس الوطني، إن الأسد «أغلق باب المبادرات العربية والإقليمية وينوي الاستفراد بالشعب وتحويل البلاد إلى مقر للقتل وعدم الاستقرار والعنف، فهل يتحمل المجتمع الدولي السكوت عن هذه الممارسات ونتائجها على المنطقة والسلام العالمي؟.. فالكرة الآن في الملعب الدولي ليتصرف». أما رئيس هيئة التنسيق الوطنية هيثم مناع، فلفت إلى أن الرئيس الأسد «بدا لديه بعض الثقة بالنفس أكثر من الخطابات السابقة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن التقاط الأسد لأنفاسه يعود لسببين: الأول الوضع الدولي الذي أعطاه بعض الأمل، وضمنه التراجع التركي والتطمينات الروسية الإيرانية، والثاني هو مسألة انشقاق المعارضة والمأساة المترتبة على انسحاب المجلس الوطني من وثيقة الاتفاق مع هيئة التنسيق الوطنية».