نتنياهو يدرس تقديم بادرات حسن نية للفلسطينيين.. و«السلام الآن» تتهمه بنسف حل الدولتين

قالت إنه يعزز الاستيطان في مناطق تعوق إقامة دولة مستقلة متواصلة الأطراف

نتنياهو لدى استقبال وزير الخارجية الهندي إس إم كريشنا في مقره في القدس المحتلة أمس (أ.ب)
TT

في وقت يدرس فيه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو اتخاذ بادرات حسنة تجاه السلطة الفلسطينية إذعانا لضغوط أردنية وأميركية، لدفع الفلسطينيين إلى مواصلة المفاوضات في عمان، اتهمته حركة «السلام الآن» الإسرائيلية، بالعمل على نسف حل الدولتين عبر إحياء خطط استيطانية هدفها منع تواصل أطراف الدولة الفلسطينية المستقبلية.

وقالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية إن نتنياهو يدرس طلبا من الأردن والولايات المتحدة ومبعوث الرباعية الدولية توني بلير، بتقديم تسهيلات للسلطة من أجل دفعها إلى مواصلة المفاوضات، ولكن بشرط أن يمتنع الرئيس الفلسطيني عن السعي للاعتراف بدولة فلسطينية في الأمم المتحدة.

وبحسب مصادر في الرباعية وأخرى إسرائيلية، فإن البادرات المنتظرة من نتنياهو ستشمل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، وتوسيع صلاحيات السلطة الفلسطينية إلى مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية في الضفة الغربية، واتخاذ تدابير أخرى ممكنة.

وقد يقدم نتنياهو هذه المرة على منح هذه التسهيلات، قبل قليل من انتهاء فترة الثلاثة أشهر التي حددتها الرباعية للاتفاق على مسألتي الأمن والحدود، حتى 26 يناير (كانون الثاني) الحالي، رغم أنه تراجع ثلاث مرات في العامين الأخيرين، عن وعود مماثلة بذرائع مختلفة. وقال مسؤول إسرائيلي: «الهدف هو ربط السلطة الفلسطينية بالمحادثات مقابل تقديم بعض السكاكر والحلوى».

وينوي أعضاء اللجنة الرباعية بعد ذلك، إصدار بيان قد يكون في نهاية هذا الشهر يدعون فيه لمواصلة المفاوضات.

وردت منظمة التحرير الفلسطينية على بادارت إسرائيل المنتظرة، بقولها أن لا جديد فيها. وأكدت عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة، حنان عشراوي، أمس، أن التسهيلات التي تدعي حكومة إسرائيل أنها ستقدمها هي التزامات مفروضة عليها وفقا للاتفاقيات المبرمة.

وفي الوقت نفسه، بينما ينتظر أن يقدم نتنياهو تسهيلات لمواصلة المفاوضات، قالت حركة «السلام الآن» الإسرائيلية، إن حكومته، تتبع استراتيجية «نسف» حل الدولتين، عبر إحيائها خططا لتعزيز الاستيطان، في مناطق متنازع عليها مع الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما يشمل القدس (الشرقية)، وعلى نطاق واسع وغير مسبوق، وهو ما يحول عمليا دون إقامة دولة فلسطينية متواصلة.

وقالت الحركة التي تراقب النشاط الاستيطان إن إسرائيل تركز في الخطط والبناء الاستيطاني، على مناطق «إيه 1» بين القدس ومستوطنة معاليه أدوميم في الضفة، وهي منطقة حاسمة في خلق تواصل جغرافي للدولة الفلسطينية من الجنوب إلى الشمال ولربط القدس الشرقية مع بقية الدولة الفلسطينية. ومستوطنة افرات، المجاورة لبيت لحم في الجنوب التي تربط جنوب الضفة الغربية مع المدينة، ومستوطنة آرييل التي تخلق حاجزا في وسط الضفة الغربية عند نابلس، ومستوطنة جفعات هماتوس في القدس الشرقية.

وحسب معطيات «السلام الآن»، فقد شرعت الحكومة الإسرائيلية خلال العام الماضي، في بناء 1850 وحدة سكنية على الأقل في المستوطنات بالضفة، بزيادة 20% عن 2010، منها 35% في مستوطنات نائية في الجانب الشرقي من خط الجدار المنوي إقامته، بالإضافة إلى طرح مناقصات أخرى لبناء 1577 وحدة سكنية أخرى، لم يتم البدء في بنائها بعد.

ولا تشمل هذه المعطيات، القدس «الشرقية»، التي قالت «السلام الآن» إنها شهدت العام الماضي أعلى معدل في خطط البناء منذ عقد من الزمن، وعلى نطاق لم يسبق له مثيل؛ إذ مرت نحو 6350 وحدة في «القدس الشرقية» عبر المراحل المختلفة للموافقة. كما وصفت «السلام الآن» عام 2011 بأنه عام المستوطنات في قلب الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية، التي وصلت إلى مستوى جديد مع بداية تشييد مجمعات سكنية جديدة هناك.

وكشفت المنظمة الإسرائيلية، أيضا، أن الحكومة الإسرائيلية بدأت العام الماضي كذلك، بإجراءات إضفاء الرسمية على 11 بؤرة استيطانية غير مرخصة تضم 680 مبنى. وخلال عام 2011 أبلغت الحكومة الإسرائيلية، رسميا، المحكمة العليا بعزمها إنشاء 11 مستوطنة جديدة، عبر تقنين البؤر الاستيطانية التي لا تحصل على الترخيص الحكومي. واستندت «السلام الآن» في بياناتها إلى «المسح الجوي والزيارات الميدانية» من يناير (كانون الثاني) حتى سبتمبر (أيلول) 2011.

ووصفت حركة «السلام الآن» أعمال البناء الجارية في الضفة بغير المسبوقة. واتهمت الناطقة باسمها حاجيت عوفران، حكومة نتنياهو بأنها «لا تدخر جهدا في منع أي فرصة للسلام، وبهذا المعدل في البناء، فإننا لن نستطيع التوصل إلى حل الدولتين لشعبين».

ورد مارك ريغيف، الناطق باسم نتنياهو، على التقرير، مدعيا أن «الحكومة الحالية أبدت قدرا من ضبط النفس في هذه المسألة أكثر من أي حكومة إسرائيلية أخرى». وأضاف أن «الحكومة تعرضت لانتقادات من قادة المستوطنين لأن فترتها شهدت تراجعا في النشاط الاستيطاني عن الحكومة السابق». وتابع، أن «نتنياهو أكد أكثر من مرة أنه مستعد لاستئناف المفاوضات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) دون شروط مسبقة، وبالتأكيد سيتم بحث وضع المستوطنات في نهاية المطاف في محادثات السلام».

أما رئيس مجلس المستوطنات في الضفة، داني ديان، فعقب ساخرا على هذه المعطيات بالقول إنه «مسرور لقيام حركة (السلام الآن) بتخصيص أموال تتلقاها من أوروبا لتوثيق المشروع الصهيوني الذي يعتبر أهم مشروع في أيامنا، ألا وهو تجديد الاستيطان اليهودي في قلب البلاد».

وتعطل الخطط الاستيطانية هذه، حتى الآن، إطلاق مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ودعت الحكومة الفلسطينية، أمس، الأمم المتحدة وكل أطراف المجتمع الدولي إلى التدخل الفاعل لوضع حد لهذه الممارسات العدوانية، لما لها من تداعيات خطيرة على استقرار المنطقة.