وزير الخزانة الأميركي يواجه باعتراضات صينية قوية حول العقوبات الإيرانية

رئيس الوزراء الصيني يزور السعودية والإمارات وقطر لبحث تأثير الأزمة الإيرانية على أسعار النفط

TT

يواجه وزير الخزانة الأميركي تيموثي غيثنر مهمة صعبة في محادثاته مع المسؤولين الصينيين لإقناعهم بتغيير موقفهم الرافض لفرض عقوبات أحادية الجانب على إيران ومصرفها المركزي.

ويحاول غيثنر تكثيف جهود الولايات المتحدة لوقف تدفق النفط من إيران إلى دول مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية، وتقديم بدائل وحلول لسد الاحتياجات النفطية لهذه الدول. وتهدف واشنطن بذلك إلى إجبار إيران على التخلي عن برنامج الأسلحة النووية، وفي الوقت نفسه تجنب وقوع ارتفاعات حادة في أسعار النفط الخام بما يهدد الاقتصاد العالمي.

ورغم الحفاوة والابتسامات التي تلقاها غيثنر مساء أمس أثناء محادثاته مع نائب رئيس مجلس الدولة الصيني وانغ تشي شان، فإن الاجتماعات المغلقة شهدت معارضة صينية شديدة لفرض عقوبات على إيران، ومنع البنوك الأجنبية من التعامل مع البنك المركزي الإيراني (المسؤول عن القيام بكل مبيعات النفط في الجمهورية الإسلامية).

وحذر الجانب الصيني من «عواقب وخيمة» في حال استمر تصاعد الخلاف النووي الإيراني. وطالبت بكين ببذل مزيد من الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة ومنع الحرب، والتزام الهدوء والامتناع عن اتخاذ إجراءات تؤدي إلى تفاقم الوضع. وطالب المسؤولون الصينيون بتقديم أدلة دامغة على أن إيران تقوم بتطوير أسلحة نووية. وكان نائب الرئيس الصيني وزير الخارجية تسوي تيان كاي قد أدلى بتصريحات صحافية فبل زيارة غيثنر قال فيها «إن العلاقات الاقتصادية والتجارية والتعاون في مجال الطاقة بين الصين وإيران، ليست له علاقة بالقضية النووية».

وعلى مأدبة عشاء أقامها المسؤولون الصينيون لوزير الخزانة الأميركي، أشاد نائب رئيس مجلس الدولة الصيني وانغ تشي شان (الذي يشرف على الاقتصاد الصيني) بعلاقات العمل الإيجابية بين الولايات المتحدة والصين، وقال «لدينا تعاون مهم في الساحة العالمية والمتعددة الأطراف في مجالات الاقتصاد والسياسات المالية والتجارة ومجموعة دول العشرين». ورد غيثنر «الصين والولايات المتحدة تشتركان في مصالح كثيرة ومهمة، ويتزايد تعاوننا في القضايا الاقتصادية العالمية». وأعلن الجانبان عن عقد قمة ثنائية في واشنطن في مارس (آذار) القادم.

وتعتمد الصين على استيراد 11 في المائة من إمداداتها النفطية المستوردة من إيران. وتعد إيران ثالث أكبر مورد للنفط إلى الصين. وترغب الصين في إجراء توسع هائل في المشروعات الاقتصادية والعسكرية، وتتعطش إلى مزيد من الطاقة. وقد أعلنت وزارة الخارجية الصينية عن زيارة لرئيس الوزراء الصيني وين جياباو لكل من المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة لبحث التوترات الإيرانية، وتأثير ذلك على إمدادات النفط والأسعار العالمية، كما يشارك رئيس الوزراء الصيني في مؤتمر بإمارة أبوظبي حول الطاقة المستقبلية.

وحاول غيثنر خلال اجتماعاته تقديم حلول وبدائل للنفط الإيراني. وأشار مصدر مسؤول من الوفد المرافق لوزير الخزانة الأميركي لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الجانب الصيني كان معترضا أن تملي الولايات المتحدة على بكين من أين تشتري النفط، وتحت أي ظروف. وأوضح أن الصين تحاول أن تحقق توازنات في مصالحها مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي من جانب، ومع إيران من جانب آخر، مع رغبتها أن ينظر إليها باعتبارها شريكا مع الولايات المتحدة وليس تابعا لها.

وتتضمن أجندة وزير الخزانة الأميركية بحث إجراءات لحث الصين على تقديم ضمانات لتحقيق تنافس عادل للشركات الأميركية والعمال الأميركيين داخل الصين، ودعوة الصين إلى زيادة قيمة عملتها الوطنية (اليوان) ووضع ضوابط بحيث لا تكون العملة مقومة بأقل من قيمتها مما يعطي المصدر الصيني مزايا غير عادلة في مقابل المصدر الأميركي. كما يبحث غيثنر الطرق لتضييق الفائض في الميزان التجاري الصيني من الولايات المتحدة الذي يميل لصالح الصين، ويصل إلى 17.4 مليار دولار (وفقا للبيانات الأميركية حتى آخر ديسمبر/ كانون الأول 2011). وذكرت صحيفة «وول ستريت» أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يخطط لتشكيل قوة عمل حكومية لمراقبة مدى التزام الصين بقواعد التجارة العالمية، والقيام برصد الانتهاكات التجارية من جانب الصين.

وقال نائب وزير التجارة السابق فرانك رفين «إن من مصلحة الصين منع إيران من الدخول في أزمة دولية أو ما يؤدي إلى انهيار النظام الإيراني، كما أن الولايات المتحدة لا ترغب في وقف تدفق النفط الإيراني تماما مما يدفع إلى ارتفاع أسعار النفط بدرجة كبيرة، وتحاول الولايات المتحدة إعطاء الصين المرونة اللازمة بحيث تواصل استيراد النفط من إيران ولكن بسعر منخفض، وتحاول الصين الظهور بمظهر الدولة المتعاونة مع المجتمع الدولي، لكنها تحقق مصالحها في الحصول على النفط بأسعار أرخص».

ويعقد غيثنر اليوم الأربعاء اجتماعا مع رئيس الوزراء الصيني وين جياباو ونائب الرئيس شي جين بينغ، ونائب رئيس الوزراء لي كيكيانغ، قبل أن يتوجه إلى العاصمة اليابانية طوكيو يوم الخميس لعقد محادثات مع رئيس الوزراء الياباني يوشيهيكو نودا، ووزير المالية جون ازومي، حول الإمدادات البديلة للنفط الإيراني.

ويحاول وزير الخزانة الأميركي تهدئة المخاوف اليابانية من النتائج المترتبة على العقوبات الدولية على إيران. وتعتمد اليابان اعتمادا كبيرا على منطقة الشرق الأوسط في توفير احتياجاتها من النفط، ويشكل النفط الإيراني ما يقرب من 9 في المائة من الاحتياجات اليابانية للطاقة.

وتأتي زيارة غيثنر الآسيوية بعد يوم من إعلان وكالة الطاقة الذرية أن إيران بدأت في تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 20 في المائة في مصنع جديد في مخبأ محصن في أحد الجبال.