سفير بكين لدى الرياض: حريصون على سلامة مضيق هرمز

رئيس الوزراء الصيني يبدأ زيارة رسمية للسعودية

لي تشينغ وين
TT

يزور وين جياباو رئيس الوزراء الصيني السعودية يوم السبت المقبل الرابع عشر من يناير (كانون الثاني) الحالي وتستمر الزيارة ليومين، وتعتبر الأولى لمسؤول صيني رفيع منذ سنوات، وسيقابل خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والأمير نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، إضافة إلى شخصيات أخرى في المملكة.

وتعتبر الرياض أول محطة في جولة رئيس الوزراء الصيني إلى منطقة الشرق الأوسط، في الوقت الذي أشار فيه لي تشينغ وين السفير الصيني لدى السعودية إلى أن العلاقة بين الرياض وبكين تتطور على نحو سريع وشامل خلال 21 عاما مضت على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حيث تتكثف الزيارات المتبادلة على المستوى الرفيع وتتعمق الثقة السياسية المتبادلة بين الجانبين باستمرار. وتأتي زيارة رئيس الوزراء الصيني للسعودية في الوقت الذي فرضت فيه واشنطن عقوبات على مشتري النفط الإيراني، كما تتزامن مع ما تشهده منطقة الخليج من توتر عسكري على خلفية المناورات العسكرية التي تقوم بها إيران في مضيق هرمز الذي تمر من خلاله ما نسبته 40 في المائة من النفط إلى السوق العالمية في خطوة اعتبرتها دول الخليج والمجتمع الدولي استفزازية.

وسبق أن أعلن وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا أن مضيق هرمز خط أحمر وأن الولايات المتحدة لن تدع إيران تقدم على خطوة كإغلاق المضيق، وجاءت بريطانيا لترسل إحدى أكبر وأغلى المدمرات البحرية لديها إلى مياه الخليج. في إشارة عسكرية لجدية الموقف الدولي من أي خطوة تقدم عليها طهران تسهم في إغلاق المضيق.وسيلتقي وين جياباو رئيس الوزراء الصيني كبار المسؤولين في المملكة لبحث ملفات وقضايا تتمحور حول التعاون في مجال الطاقة والنفط حيث تستورد الصين ما يقارب مليون برميل يوميا من المملكة، كما سيناقش الجانبان ما تمر به المنطقة؛ بدءا من الملف النووي الإيراني وصولا إلى سوريا التي كانت الصين قد اعترضت على قرار في مجلس الأمن يدين النظام الحاكم فيها لاستخدامه العنف في قمع المظاهرات الشعبية المطالبة بالإصلاحات السياسية.

وتشهد المملكة حركة دبلوماسية مكثفة على خلفية التوترات الإقليمية؛ حيث زار وزير الخارجية الياباني كونشيروا جيمبا الرياض لبحث ضمانات إمداد بلاده بالنفط حيث تلقى تطمينات من المملكة بهذا الخصوص، كما يقوم نائب رئيس الوزراء التركي للشؤون الاقتصادية علي بابا جان بزيارة إلى المملكة، إضافة إلى عدد من المسؤولين الآخرين.

وأشار لي تشينغ وين السفير الصيني لدى السعودية أن المباحثات والاتفاقيات ستشمل إقامة مشاريع بتروكيماوية في الصين وفي المملكة، إضافة إلى اتفاقيات حول التعاون الثقافي، ومن المتوقع أن تكون هناك فرصة للقاء رئيس الوزراء ورجال الأعمال السعوديين على هامش الزيارة.

وقال إن العام الماضي شهدت فيه المنطقة تغيرات عدة، في بعض الدول العربية، وعلى ضوء ذلك سيتم تبادل الآراء حول هذه القضايا، وأضاف: «نحن على ثقة أنه سيكون هناك نطاق واسع للنقاط المشتركة بين البلدين لحسن معالجة تلك القضايا باعتبار دور البلدين في المجتمع الدولي، حيث نقدر دور السعودية في هذا المجال، وسيبحث عن النقاط المشتركة وتبادل الآراء».

وزاد السفير الصيني في حديث للصحافيين للإعلان رسميا عن الزيارة المرتقبة، أن «الصين تدعو إلى الحفاظ على السلام وإيجاد الحل السياسي للمشكلات، والاعتراف بالوحدة والسيادة لأي وطن والمعارضة للتدخل الخارجي، والدعوة إلى حسن الجوار.. وهذه المبادئ التي تمارسها الصين على الدوام، وتجاه أي قضية معينة نبحث الموضوع مع كل الدول المعنية، ونسعى لحل المشكلات بعد الكثير من التحليل والتنسيق».

ولفت إلى أن الرئيس سيولي اهتماما لضمان سلامة وصول الإمدادات واستقرار الطاقة، وهو ما ينطبق على الجانب السعودي لأن الجانبين يمارسان السياسة المعتدلة نفسها لضمان الإمداد والاستهلاك، وقال: «أعتقد أنه في هذا المجال لدينا لغة مشتركة في تبادل الآراء في كيفية معالجة ورؤية تلك القضايا المعنية بالطاقة».

وعن إيران، أشار السفير الصيني لدى السعودية إلى وجهة نظر بلده حيال الملف الإيراني بأن بكين تدعو إلى معالجة قضية إيران في إطار مجلس الأمن، وتسعى إلى لغة مشتركة، حيث تدعو الصين إلى حل سياسي وسلمي حول إيران، وتعارض استخدام القوة أو التهديد بالقوة في هذه العملية، وتدعو إلى الحوار وحسن الجوار بين إيران والدول المجاورة. وتابع: «نحن نعارض العقوبات الأحادية، إضافة إلى أن الصين شاركت في مشاورات حول إيران في مجلس الأمن وصوتت بالتأييد حول العقوبات، أما العقوبات الوحيدة أو من طرف واحد، فنحن نعارضها».

وشدد على أهمية مضيق هرمز، وعلى سعي بلاده لتجنب حدوث أي مشكلة له، خاصة أنه يعتبر مسؤولية مشتركة، لكون الحفاظ على استقرار وسلامة المضيق لصالح الجميع والعكس لن يكون لصالح أحد، وأضاف: «كما ذكرت سابقا، نعارض العقوبات الأحادية وندعو إلى الحوار والحل السياسي وحسن الجوار وضمان سلامة المصالح المشتركة، ولأن الصين ليست الوحيدة التي تستورد البترول من هرمز، وهناك دول متعددة، وهذا هو ما أثار القلق الشديد من الدول المختلفة».

وأوضح أن البترول الذي يمر من مضيق هرمز يصل إلى 40 في المائة من البترول المصدر إلى العالم، وفي هذه الحالة ليست الصين وحدها تهتم بالوضع، وأنها تسعى إلى حل الموضوع سلميا، وأشار: «نلاحظ أن هناك بعض الدول تعمل بصوت مرتفع مع إيران، ولكن أفضل الحلول يكمن في الحوار بدلا من الضغط من طرف واحد».

وأكد أن بكين والرياض تسعيان إلى الوصول إلى تبادل تجاري يصل إلى 60 مليار دولار في 2015، وعلى أساس ذلك سيتم التركيز على تنويع التبادلات التجارية وليس فقط التعامل في البترول، مشيرا إلى أنه يوجد أكثر من 1000 طالب سعودي يدرسون في الصين، وعدد من الطلبة الصينيين يدرسون في المملكة في مختلف الجامعات.

ولفت إلى أن عدد التأشيرات التي تقدمها الصين للسعوديين نمت بنسبة 20%، وفي هذا العام قد تصل إلى 26 ألف تأشيرة والعدد نفسه من الصين إلى السعودية.