مصر على مائدة الأزهر

احتضن زعماءها وفرقاءها السياسيين تحت عباءة روح ميدان التحرير

د. أحمد الطيب شيخ الأزهر راعي اجتماع «استكمال أهداف الثورة المصرية واستعادة روحها» يتوسط د. كمال الجنزوري رئيس الوزراء والبابا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية أمس (أ.ف.ب)
TT

في لحظة استثنائية تضاف إلى سجله الوطني العريق، ولأول مرة منذ انتفاضة المصريين يوم الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني) الماضي، اجتمع تحت عباءة روح ميدان التحرير (مفجر الثورة) وعلى مائدة الأزهر الشريف ما يقرب من 60 شخصية من الزعماء والفرقاء السياسيين، تقدمهم الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء والبابا شنودة بابا الإسكندرية بطريك الكرازة المرقسية والدكتور محمد بديع مرشد جماعة الإخوان المسلمين وعمرو موسى، ومحمد سليم العوا، وحمدين صباحي، وعبد المنعم أبو الفتوح، أبرز المرشحين المحتملين لرئاسة مصر، والداعية السلفي محمد حسان، وكوكبة من شباب الثورة.

وفي حين أصدر المجتمعون بيانا، حول استكمال أهداف الثورة المصرية واستعادة روحها، مكونا من 12 نقطة، قال الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر راعي الاجتماع إن «ثورة 25 يناير أبهرت العالم بخصائصها غير المسبوقة وطابعها السلمي الخالص وحرصها على الإجماع الوطني بمصر لكل رجالها ونسائها، واستيعابها لأحدث أسلحة العصر في ثورة الاتصالات العالمية، لتنجز أول أهدافها الثورية وهي تخليص مصر من حقبة اتسمت بالفساد والضعف والقمع والظلم».

وقال الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق، عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، لـ«الشرق الأوسط» إن «لقاء الأمس يأتي في محاولة لردع الفتنة التي ينوي البعض إشعالها يوم ذكرى ثورة 25 يناير، وتم الإجماع خلال اللقاء على جميع الوثائق التي أصدرها الأزهر».

وأكد الأزهر في بيان صدر عنه عقب انتهاء اللقاء الذي جمع مختلف القوى الوطنية بمقر مشيخة الأزهر بالدراسة، تحت عنوان «اللقاء الوطني لاستعادة روح الثورة واستكمال منجزاتها»، تعاهد القوى الوطنية على استكمال أهداف الثورة، والتوافق الوطني على رعاية كل مكونات هذا الوطن دون أغلبية أو هيمنة أو إقصاء أو انحياز.

ولفت الأزهر إلى أهمية سرعة المحاكمات، بما لا يخل بحرمة الحق ومقتضى العدل وواجب النزاهة واستكمال الوفاء بحقوق أسر الشهداء والمصابين في العلاج والعمل والرعاية والتعويض. كما طالب الأزهر بالمضي قدما في البناء الديمقراطي لمؤسسات الدولة، وإتمام تسليم السلطة للمدنيين في موعده المحدد دون إبطاء، مع التشديد على ضرورة الالتزام بما أسفرت عنه الانتخابات البرلمانية الحرة النزيهة من نتائج، والتعاون بين شباب الثورة جميعا وممثلي الشعب المنتخبين في بناء مصر المستقبل، تحت مظلة الديمقراطية، وعلى أساس من الشرعية البرلمانية، والتوافق الوطني والقضاء على آثار السياسيات القمعية والفساد الشامل مع العمل الجاد على بناء اقتصاد مصري قوي، يستثمر كل إمكانات مصر ويحقق العدالة لجميع أبنائها، وعودة الجيش الوطني زخر الوطن وحامي انتفاضته الثورية إلى دوره في حراسة حدود مصر وأمنها القومي.

وأضاف البيان أن «مصر كلها تعود اليوم إلى هذا المكان الذي شهد ميلاد الثورة وشهد تضحيات الشباب الوطني المخلص الذين قدموا أرواحهم فداء ذلك الوطن مصر الحبيبة.. تعود إلى ميدان التحرير بوسط العاصمة المصرية القاهرة الذي دخل بحروفه كل لغات العالم وأثر بروحه الديمقراطية على الكثير من الشعوب العربية».

وتابع الدكتور الطيب قائلا «نجتمع اليوم من أجل مصر ونجلس معا لا فرق بين مسؤول كبير وصغير ولا بين مفكر أو عالم أو قائد سياسي أو زعيم حزبي أو شاب ثوري.. فكلنا مصريون نسعى لحماية مصر وإنقاذها وتحقيق أهداف ثورتها، وعلى الجميع أن يطلق عنان الأمل والرجاء والتفاؤل لكل فكر علمي عملي مبدع وسعي جاد مسؤول».

وأضاف الطيب: «لا ننسى أن نتذكر شهداءنا الأبرار الذين قضوا نحبهم على ثرى مصر الثورة وندعو لأهليهم وذويهم بالصبر والسلوان».

وأكد شيخ الأزهر أن «مصر تمر بمرحلة تحتاج فيها إلى تضافر الجهود واجتماع الكلمة وتوافق الإرادات، ورؤية ثاقبة تستشرف آمال المستقبل وأحلامه وتنأى باللحظة الراهنة عن بواعث الفرقة والشتات»، وطالب الطيب، المشاركين في الاجتماع بالاتفاق وجمع الرأي والكلمة، لمفاجأة العالم من جديد واستعادة روح الثورة وشهدائها في ميدان التحرير وسائر ميادين مصر كلها. وفيما طالب الداعية السلفي محمد حسان مسلمي العالم بضرورة العمل تحت ريادة الأزهر وليس المصريين وحدهم، قال الدكتور عمرو حمزاوي عضو البرلمان المصري، لـ«الشرق الأوسط» إن «لقاء أمس جاء لوضع خريطة طريق للتوافق بين جميع القوى السياسية قبل البدء في وضع الدستور ووقع الجميع على وثائق الأزهر»، مضيفا: أن «الأزهر أراد أن يطمئن المصريين أن الخير قادم وستحقق إنجازات الثورة».