الجنزوري لـ «الشرق الأوسط»: لم أرفض لقاء هنية وأرحب به مستقبلا

رئيس الحكومة المقال يعلن فور عودته إلى غزة عن جولة خارجية جديدة

هنية يلقي كلمة في تجمع لأنصار حزب النهضة في تونس (رويترز)
TT

وسط جدل حول قبوله لقاء رئيس الوزراء الفلسطيني المقال إسماعيل هنية، ومن ثم الإعلان عن عدم استعداده لإجراء مثل هذا اللقاء وما تبعه من هجوم عنيف عليه من قبل الإخوان المسلمين، خرج الدكتور كمال الجنزوري رئيس الحكومة المصرية عن صمته، ونفى جملة وتفصيلا ما ذكر عن رفضه هو ووزير خارجيته مقابلة هنية أثناء زيارته لمصر قبل يومين. وقال الدكتور الجنزوري في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «لم أرفض مقابلته، لكن تزامن وجود رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية في القاهرة مع وجودي خارجها».

ورحب الجنزوري بهنية في القاهرة. وأكد أنه «تم استقباله رسميا في مصر.. جميع الجهات الرسمية بالقاهرة استقبلته، وفي مقدمتهم الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر». وفي سؤال حول إمكانية استقبال هنية في زيارات أخرى لمصر، قال إنه «لو زار القاهرة خلال الفترة المقبلة لا يوجد مانع من لقائه».

وكانت مصادر فلسطينية مقربة من هنية قد ذكرت أن ظروف الجنزوري وانشغاله بمتابعة الوضع في مصر، وكذلك انشغال وزير خارجيته محمد كامل عمرو باجتماعات الجامعة العربية وجولته في دول حوض النيل، حالت دون مقابلتهما هنية. وقالت مصادر فلسطينية أخرى إن الجنزوري خضع لضغوط مارستها عليه السلطة الفلسطينية.

وقالت المصادر المقربة من هنية لـ«الشرق الأوسط» إنه «التقى بعدد من المسؤولين في مصر وكان يأمل أن يلتقي مسؤولين في الحكومة، لكن الظروف كانت لا تسمح». وأضافت أن «زيارة هنية لمصر وتركيا والسودان وتونس، جاءت عنوانا لكسر الحصار السياسي على غزة، وأنها إحدى ثمرات الربيع العربي والثورات في المنطقة، وتؤكد الحركة أن هذه الزيارة ستمثل نقطة تحول في العلاقة مع الأطراف والشعوب في المنطقة»، وأوضحت المصادر أن «حركة حماس تعبر عن تقديرها الكبير للاستقبال الحافل الذي استقبل به إسماعيل هنية في البلاد الأربعة التي زارها». وقالت المصادر إن «مصر تعاملت مع هنية باعتباره من قيادات حماس، وليس رئيسا للحكومة، لأنها منذ اللحظة الأولى التي حدث فيها الانقسام، اعترفت بحكومة الرئيس محمود عباس (أبو مازن) في رام الله، وبالتالي لن تغير موقفها حتى يتم الاتفاق على حكومة واحدة».

إلى ذلك أعلن هنية فور عودته مساء أول من أمس إلى غزة أنه بصدد القيام بجولة عربية وإسلامية جديدة، دون تحديد الدول التي ستشملها الجولة الجديدة. لكن مصادر فلسطينية رجحت أن تشمل الجولة الجديدة عددا من دول الخليج، بالإضافة إلى أقطار إسلامية.

ومثلت جولة هنية الأخيرة التي زار خلالها مصر والسودان وتركيا وتونس مصدرا آخر للتوتر بين حركتي فتح وحماس، سيما في ظل حرص كل من تركيا وتونس والسودان على استقبال هنية بشكل رسمي، وهو ما أثار حفيظة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، إبلاغه الحكومة التونسية بعدم تمكنه من حضور الاحتفالات التي ستجريها الدولة التونسية في الذكرى الأولى لانتصار ثورتها على الرئيس زين العابدين بن علي في 15 يناير (كانون الثاني) 2011.

وذكرت مصادر فلسطينية أن أبو مازن اتصل بالرئيس التونسي منصف المرزوقي وأبلغه اعتراضه على زيارة هنية، حيث رد عليه الأخير بأن هنية هو رئيس وزراء شرعي حائز ثقة المجلس التشريعي.

ومما زاد الأمور تعقيدا حقيقة أن الدول التي استقبلت هنية لم تشرك السفارات الفلسطينية فيها في ترتيبات الزيارة. وقالت المصادر الفلسطينية الأخرى أن السلطة تحركت بسرعة لدى الحكومة المصرية, ونجحت ضغوطها حسب المصادر في ثني الجنزوري عن لقاء هنية، وهو ما أثار حفيظة جماعة الإخوان المسلمين، التي انتقدت سلوك الجنزوري وحكومته، معتبرة أن رفضه استقبال هنية يأتي «رضوخا لضغوط خارجية». ونقل موقع «الرسالة نت»، الإخباري المقرب من حركة حماس عن عضو مكتب الإرشاد للجماعة جمال حشمت قوله: «جماعة الإخوان لديها موقف رافض لأداء الحكومة على المستوى الداخلي والخارجي وخصوصا القضية الفلسطينية، وأعتقد أن الحكومة أضعف من اتخاذ قرار باستقبال هنية». وأضاف حشمت: «نعول على البرلمان القادم حتى يحاسب الحكومة على السياسات الخارجية والداخلية وخصوصا في التعامل مع القضية الفلسطينية ومعبر رفح والحكومة».

وكان عدد كبير من شباب «الإخوان المسلمين» المصريين قد دعوا عبر الشبكات الاجتماعية على الإنترنت لـ«النفير العام لاستقبال هنية عند وصوله من تونس إلى مطار القاهرة»، معتبرين أن الاستقبال الحاشد سيرد لهنية الاعتبار في أعقاب رفض حكومة الجنزوري استقباله بشكل رسمي. ورأت مصادر فلسطينية أن كل الشواهد تشير إلى أن الحكم الجديد في مصر لا يزال يتعامل مع حكومة هنية وحركة حماس وفق المعايير التي كان يتعامل وفقها نظام الرئيس السابق حسني مبارك، حيث يتم تفويض الأجهزة الأمنية المصرية، وعلى وجه الخصوص المخابرات العامة بالمسؤولية عن العلاقات مع حماس. وأشارت المصادر إلى أن الذي يؤكد طابع هذا التعاطي حقيقة أن اللواء مراد موافي، رئيس المخابرات المصرية هو المسؤول الرسمي المصري الوحيد الذي التقى بهنية.

على صعيد آخر، أكد هنية فور عودته إلى قطاع غزة أن المقاومة ضد الاحتلال لم تتوقف «وإنما هي في مرحلة دراسة وتخطيط لتعود قوية كما كانت، لأن الفلسطينيين يدركون أن مقدساتهم لن تعود إلا بالجهاد». وشدد على أن المقاومة «هي خيار الشعب الفلسطيني الوحيد لاستعادة المقدسات الإسلامية، وعلى رأسها المسجد الأقصى، وأن الجهاد خيارنا لاستعادة المقدسات في فلسطين».