تونس: إقالة المدير العام لوحدات التدخل تتحول إلى احتجاجات مساندة وأخرى مضادة

حركة النهضة تطالب بتطهير «الداخلية» من عناصر الفساد.. وقوات الأمن تريد بقاءه

TT

قبل يومين من مرور سنة على قيام الثورة في تونس، عادت الاحتجاجات من جديد إلى شارع بورقيبة، وتحولت بسرعة إلى صراع بين وحدات التدخل المطالبة بتثبيت المنصف العجيمي، المدير العام لها في الخطة الحالية، وبين منتسبين إلى حركة النهضة يطالبون بالمحافظة على الشرعية وتطهير وزارة الداخلية من عناصر الفساد ومحاسبة المتهمين بقتل الشهداء.

وخلف خبر إقالة العجيمي احتجاجات من قبل قوات الأمن على القرار الذي اتخذه علي العريض، وزير الداخلية في حكومة الجبالي. ونظم المئات من عناصر الأمن وقفة احتجاجية أمام وزارة الداخلية التونسية، وسط أنباء عن انسحاب وحدات التدخل من كامل البلاد وتوجهها نحو الثكنات في العاصمة التونسية. وشهدت الإدارة العامة لقوات الأمن الداخلي احتجاجا شارك فيه 2000 عون أمن على خلفية هذا القرار. وأصدر المكتب التنفيذي لنقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل بيانا ندد من خلاله بما سماه الإقالة المفاجئة. وصرح عبد الرزاق حمزة، الكاتب العام لنقابة قوات الأمن الداخلي بصفاقس، بأن «قرار الإعفاء ليس له مبرر، وإن كان يراد به المحاسبة فإن المحاسبة يجب أن تطال من أعطى الأوامر بإطلاق النار وقتل شهداء الثورة».

ورددت المجموعات المساندة لقرار وزارة الداخلية شعارات عديدة من بينها «نحن معك يا وزير من أجل تطهير الوزارة من الفاسدين»، و«أمن يحمي الشعب.. وشعب يحمي الأمن»، و«نعم لإصلاح المنظومة الأمنية». في حين أن الوقفة الاحتجاجية لقوات الأمن لم تدم طويلا، وسرعان ما انسحبوا مفضلين عدم مواجهة المجموعات المساندة لقرار وزير الداخلية الجديد.

وفي مدينة تالة (وسط غربي تونس) ذكر شهود عيان أن بعض أمهات الشهداء قد عبرن عن فرحتهن بإقالة العجيمي، حيث يعتبرنه المتهم الرئيسي في قضية قتل شهداء تالة والقصرين، وقمع انتفاضة الحوض المنجمي في عام 2008. كما شكرن وزير الداخلية على القرار الذي أعاد إليهن اعتبارهن من العجيمي الذي أهانهن وتحداهن في المحكمة العسكرية في الكاف، في انتظار القصاص منه لدماء الشهداء.

ويواجه العقيد المنصف العجيمي تهمة المشاركة في القتل العمد طبق الفصول 32 و201 و202 من القانون الجنائي التونسي، وذلك في ما يعرف بعد الثورة بـ«قضية شهداء تالة والقصرين». وهو لا يزال حرا خلافا لوضعية متهمين آخرين مثل علي السرياطي المدير العام للأمن الرئاسي، وجلال بودريقة المدير العام السابق لوحدات التدخل. وترى أطراف سياسية أن تنحية العجيمي عن إدارة وحدات التدخل والتي لم تحسم وزارة الداخلية أمرها، ستفتح الأبواب أمام محاسبة بقية قتلة الشهداء أثناء الثورة، وهي قد تجلب رؤوسا أخرى إلى المحاكمة.

وقد نظرت المحكمة العسكرية الدائمة بالكاف (160 كم شمال غربي تونس) في الملف من خلال عقدها ثلاث جلسات في انتظار جلسة رابعة مقررة ليوم 16 يناير (كانون الثاني) الحالي. وتغيب العقيد العجيمي عن الجلستين الأولى والثانية (28 نوفمبر/ تشرين الثاني، و12 ديسمبر/ كانون الأول)، مما أثار حفيظة أهالي الشهداء ورأوا في الأمر تحديا لهيبة المحكمة.

وحضر العجيمي جلسة 28 ديسمبر في حالة سراح، وصرح بأنه توجه إلى مدينة تالة يوم 10 يناير 2011 لتعويض العميد يوسف عبد العزيز، وأشرف على العمليات الأمنية بتالة وذلك بتعليمات من المدير العام السابق لوحدات التدخل جلال بودريقة بعد «مجزرة 8 يناير». وألقى العجيمي بمسؤولية سقوط الشهيد الوحيد في الفترة التي أشرف فيها على مواجهات أحداث تالة (أيام 10 و11 و12 يناير 2011) على البشير بالطيبي المقدم بوحدات التدخل.

ويتهم أهالي الشهداء والجرحى العجيمي بالضلوع في إطلاق الرصاص الحي على أبنائهم، لكن حكومات ما بعد الثورة قررت ترقيته بعد الثورة مديرا عاما لوحدات التدخل بعد أن كان مديرا جهويا لحفظ النظام بصفاقس (350 كلم جنوب العاصمة).