رومني يفوز في نيوهامشير ويقترب من تمثيل الجمهوريين لمنافسة أوباما

خصومه ينتقدون ماضيه في الأعمال.. وتشتت خصومه يخدمه فيما تبقى من الانتخابات التمهيدية

رومني محاطا بزوجته آن وأبنائه بعد إعلان فوزه في مانشستر بولاية نيوهامشير الليلة قبل الماضية (أ.ب)
TT

حقق الجمهوري ميت رومني فوزا مدويا في الانتخابات التمهيدية في ولاية نيوهامشير، معززا بذلك حظوظه في تمثيل حزبه لمواجهة الرئيس الديمقراطي باراك أوباما في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وفاز رجل الأعمال السابق صاحب الملايين بـ 38 في المائة من الأصوات، متقدما على عميد المرشحين الجمهوريين رون بول المحافظ ذي وجهات النظر الخارجة عن الخط المألوف (24 في المائة) والمعتدل جون هانتسمان السفير السابق لباراك أوباما في الصين (17 في المائة). وكان رومني قد فاز أيضا في الانتخابات التمهيدية التي جرت في آيوا الأسبوع الماضي.

وبعد فوزه في نيوهامشير، أعلن الحاكم السابق لولاية ماساتشوستس: «هذا المساء كتبنا صفحة من التاريخ»، مغتنما الفرصة لشن حملة عنيفة على السياسة الاقتصادية للرئيس الذي يتهمه بالسعي «لتحويل أميركا إلى مجتمع من طالبي المساعدات على الطريقة الأوروبية». وشن رومني، الذي يعتبره قسم كبير من القاعدة الجمهورية معتدلا أكثر مما ينبغي، هجوما عنيفا على الرئيس أوباما الذي يطمح لمواجهته في انتخابات السادس من نوفمبر المقبل.

وقال على وقع هتافات أنصاره المجتمعين في مقر حملته في مانشستر «قبل أربع سنوات جاء باراك أوباما إلى نيوهامشير واعدا بمصالحة الناس وبإصلاح النظام السياسي في واشنطن وبإعادة النهوض ببلدنا، واليوم نحن أمام حصيلة مخيبة للآمال لرئيس فشل». وقال أيضا: «نعلم أن مستقبل هذا البلد أفضل من معدل بطالة 8 أو 9 في المائة. أفضل من ديون قدرها 15 تريليون دولار».

وتمكن رومني، الذي سبق أن ترشح عام 2008 في الانتخابات التمهيدية الجمهورية التي فاز فيها جون ماكين، من الفوز على الرغم من الهجمات اللاذعة التي استهدفته في الأيام الماضية، آخذة عليه أداءه على رأس شركة الاستثمار «باين كابيتال» التي حقق فيها ثروته، وقد اتهمه خصومه بإعادة هيكلة شركات مفلسة اشتراها مع تسريح أعداد من الموظفين قبل إعادة بيع أسهمها بأسعار مرتفعة.

وكانت المنافسة شديدة على المرتبة الثانية، غير أن رون بول، 76 عاما، الطبيب الانعزالي المرشح للمرة الثالثة تفوق على حاكم يوتاه السابق جون هانتسمان، 51 عاما، المعتدل الذي ألقى بكل ثقله في هذه الولاية وقرر البقاء في السباق بعد تحقيقه نتيجة مشرفة بحلوله في المرتبة الثالثة. وقال رون بول مخاطبا أنصاره «إننا حللنا بعده!».

وجاء المرشحون الثلاثة الآخرون وهم من المحافظين المتشددين، في المراتب الأخيرة بفارق شاسع عن منافسيهم الأوائل الثلاثة وهم الرئيس السابق لمجلس النواب نيوت غينغريتش وريك سانتوروم (10 في المائة لكل منهما) وأخيرا حاكم تكساس ريك بيري (1 في المائة).

وأعلن غينغريتش وسانتوروم مساء أول من أمس أنهما يعتزمان البقاء في السباق. ورأت الخبيرة السياسية إريكا كينغ من جامعة غراند فالي ستيت أن تشتت الأصوات بين خصوم رومني المحافظين المتشددين يصب لصالحه، موضحة «لا بد أن يكون معسكر رومني مسرورا لعدم وجود خصم بارز في المرتبة الثانية بعد عمليتي الاقتراع الأوليين».

غير أن ديفيد بوسيتيس، الخبير السياسي في المركز المشترك للدراسات السياسية والاقتصادية، أشار إلى أنه على الرغم من فوزه في أول ولايتين تختاران مرشحهما الجمهوري، فإن 75 في المائة من الجمهوريين لا يمنحون ميت رومني تأييدهم، وقال: «الجمهوريون غير متحمسين له، لكنهم غير متحمسين أيضا للمرشحين الآخرين».

وقالت حملة رومني أمس إنها جمعت 24 مليون دولار تبرعات في الربع الأخير من عام 2011، محققة بذلك قفزة كبيرة مقارنة بالربع الثالث، حيث جمعت 14 مليون دولار. وجمعت الحملة إلى الآن أكثر من 56 مليون دولار في موسم الانتخابات التمهيدية ولديها سيولة مالية قدرها 19 مليون دولار. ويعني هذا الأداء القوي في جمع التبرعات خلال هذه الفترة أن رومني يقف على أرض صلبة وهو يكافح لتحقيق فوز ثالث على التوالي في الانتخابات التمهيدية.

وتختار الولايات الواحدة تلو الأخرى المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية في عملية تستمر عدة أشهر سواء في انتخابات تمهيدية أو مجالس ناخبين، وصولا إلى مؤتمر الحزب في الصيف الذي يتوج مرشحه لمواجهة أوباما.

وتجري انتخابات تمهيدية ديمقراطية الثلاثاء المقبل في نيوهامشير في إجراء صوري سيتوج بالتأكيد أوباما في غياب أي منافس آخر.

وبتحقيقه فوزين في الانتخابات التمهيدية، بات رومني أقوى من قبل على الرغم من الهجمات التي تعرض لها من خصومه الجمهوريين بخصوص تاريخه في الأعمال، وهو موضوع سيواجهه حتما في حملته. وقالت المحللة السياسية إريكا كينغ في جامعة غراند فالي في ميتشيغان، إن «أسوأ ما قد يحدث لمرشح هو مفاجأة في أكتوبر (تشرين الأول)» حيث لن يملك الكثير من الوقت ليرد على هجوم قبل انتخابات 6 نوفمبر.

وبعد فوزه في نيوهامشير اتجه رومني أمس إلى كارولينا الجنوبية، حيث كان مفترضا أن تستقبله حملة إعلانات تلفزيونية كثيفة تصوره كرجل أعمال قاس جمع الملايين عبر تسريح آلاف العمال. وإن كان الهجوم الذي نفذته مجموعة موالية لغينغريتش فشل في إبطاء تقدم رومني، إلا أنه يعكس استراتيجية حملة إعادة انتخاب الرئيس أوباما على خلفية نسبة بطالة مرتفعة.

وقال رومني في كلمته بعد فوزه في نيوهامشير إن أوباما «يريد أن يحاكم حرية إدارة الشركات. في الأيام الأخيرة رأينا عددا من الجمهوريين اليائسين ينضمون إليه. إنه خطأ فادح». واعتبر المحلل السياسي في جامعة ميدلبوري كولدج النخبوية مات ديكنسون أن هذا الكلام سيلقى أصداء أفضل بين الديمقراطيين والمستقلين من الجمهوريين الذين يؤمنون بإطلاق يد الرأسمالية كقوة خير، غير أن رومني يبدو أكثر صلابة بعد هذه الضربات القاسية في مرحلة مبكرة.

وقارن ديكنسون الهجمات التي تناولت سجل رومني في شركة «باين كابيتال» حيث جمع ثروة تقدر بنحو 200 مليون دولار، بمعاناة المرشح أوباما في أثناء حملته التمهيدية الديمقراطية عام 2008 حيال تصريحات نارية أدلى بها قس رعيته السابق جيريمايا رايت. وقال ديكنسون إن بروز هذا الجدل في مرحلة مبكرة «أتاح حل قضية رايت وأعطى أوباما الوقت والتجربة لتعلم كيفية الرد على هذه الهجمات». وقال كينغ: «هذا لا يعني أن الهجمات لن تؤذيه، لكن من الأفضل أن تحدث الآن لأن الناخبين سيسمعونها والإعلان سيكتب عنها. وسيسهل على رومني طرحها جانبا».

وذكر غينغريتش بنفسه في مقابلة مع «سي إن إن» أن رومني سيواجه خصما ديمقراطيا بلا رحمة إذا فاز بالترشيح الجمهوري. وقال: «أيا كان مرشحنا فيجدر به أن يكون صلبا ومجربا بما يكفي قبل أن نرشحه، فلا نريد تسمية أحد لنكتشف في سبتمبر (أيلول) أن لديه نقطة ضعف قاتلة، عندئذ لا يمكن فعل شيء».

ووافقه الرأي حاكم نيوهامشير السابق جون سنونو الحليف الوثيق لرومني، الذي ندد بالهجمات، واصفا مطلقيها بأنهم جمهوريون «اشتراكيون». وقال لتلفزيون «إم إس إن بي سي»: «ربما من مصلحة رومني أن يحدث ذلك الآن في الانتخابات التمهيدية مما يمنحه الوقت والفرصة لشحذ رسالته والتحدث عنها أكثر».

وقد تكون المشكلة الأكبر أمام رومني أن الصراع أظهر كم أنه غير مستعد لصد هجمات متوقعة بالكامل تتناول تاريخه الذي ينسب إليه فشله عام 1994 في الوصول إلى مجلس الشيوخ. ففي الأيام الأخيرة قام المرشح بعدد من الأخطاء وأدلى بتصريح حول رغبته في تعزيز المستهلكين بمواجهة شركات التأمين الصحي، فقال: «أحبذ قدرتي على طرد الناس الذين يقدمون إليّ الخدمات» في جملة فُصلت عن خلفيتها واستخدمت ضده. وقال ما معناه إن السياسة لعبة أثرياء، موصيا: «لا تتورطوا في السياسة إن كنتم مضطرين إلى الفوز في استحقاق لتسديد رهن». وفي مؤتمر صحافي عقد خصيصا لمعالجة المشكلة سخر رومني من أي اقتراح «بأنه عليّ أن أمضي حملتي برمتها وأنا حريص على أثر أي شيء أقوله على الناس».