مقترح بمنح الهنود حق عزل ممثليهم بالبرلمان قبل إكمال عهدتهم

الحكومة تبحث فكرة «فريق آنا هازاري».. وسط انقسام الأحزاب السياسية

مقترح يدعو لعزل النائب بموجب جمع 50% من تواقيع ناخبي المنطقة التي يمثلها
TT

في الوقت الذي تستعد فيه الهند لمشهد سياسي ساخن، مع انتخابات تشريعية مرتقبة في 5 ولايات خلال الأسابيع القليلة القادمة، تحول مقترح «حق رفض المرشح»، لعضوية مجلس البرلمان إلى مطلب شعبي. ورغم عدم حصول مطلب حق الناخبين في عزل نائب «البرلمان» أو عضو «الجمعية التشريعية» قبل انتهاء فترة الـ5 سنوات (6 سنوات في حالة جامو وكشمير)، على دعم كبير من الأحزاب الموجودة في السلطة والمعارضة، فإن الحكومة طرحت القضية على كل الأحزاب لتؤكد أن مثل هذا القانون لا يمكن سنه من قبل البرلمان دون موافقة المشهد السياسي كافة.

ويدعو المقترح المطروح إلى السماح للناخبين بعزل ممثليهم المنتخبين إذا لم يرضوا عن أدائهم، ويمكن تنفيذه من خلال توقيع 50% من الناخبين على عريضة، وتكون الخطوة التالية إقامة استفتاء على مصير النائب. ويتضمن المقترح مطلبا ثانيا يتمثل في منح الناخبين حق رفض كل المرشحين المتنافسين، وذلك عبر إشارة خاصة على آلات التصويت تقول «رفضهم».

ورغم إعجاب رئيس مفوضية الانتخابات إس واي قريشي بالفكرة، فإنه يعتقد أن فكرة «الحق في العزل» أكثر تعقيدا وأن نتائجه بحاجة إلى الدراسة قبل تنفيذه. وأشار إلى أن هناك مخاطر بإمكانية أن يؤدي الحق في عزل النائب إلى حالة من الفوضى، خاصة عندما يستخدم خصوم نائب ما هذا القانون للانتقام منه مما يؤدي إلى اضطراب سياسي.

لكن رئيس مفوضية الانتخابات كتب بشأن «حق الرفض» إلى وزارة القانون يطلب منها إضافة «خيار حق الرفض» في الانتخابات التي ستجرى في الولايات الـ5 خلال الأسابيع المقبلة. وطالبت المفوضية وزارة القانون بتعديل قواعد الاقتراع والسماح بإضافة زر في آلات التصويت التي تعطي الناخب خيار «لا أحد من القائمة السابقة».

وبحسب قواعد الانتخابات المعمول بها حاليا في الهند، لا يتوافر للناخب خيار «رفض كل المرشحين»، وسيسمح تحويل هذه إلى صيغة إلكترونية للناخب بأن يظل الناخب غير معروف. وهذا المطلب العام بدأ في اكتساب زخم خلال العامين الماضيين، حيث كشف عن تورط الكثير من الوزراء وكبار السياسيين المنتخبين في قضايا فساد وغسل أموال بملايين الدولارات، وارتكاب قضايا إجرامية واغتصاب أفقدت الهنود ثقتهم في السياسيين، ومن ثم دفعتهم للسعي إلى الحصول على حق عزل هؤلاء النواب في حال ثبت تورطهم في أفعال غير قانونية.

وقد طمأن رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ، الناشط آنا هازاري، الذي قاد حملة ضد الفساد، بأن الحكومة تفكر في المضي قدما في مقترح «حق الرفض». وقد عقد وزير القانون الهندي سلمان خورشيد، مع اللجنة العليا للانتخابات، 6 مشاورات واسعة حول الإصلاح الانتخابي، على أن يجري تقديم نتائج تلك المشاورات إلى الأحزاب ثم يدعو رئيس الوزراء إلى اجتماع الأحزاب بشأن الإصلاح الانتخابي.

وأكد خورشيد أن الحكومة تتفق مع مفوضية الانتخابات على استبعاد أصحاب السجلات الإجرامية من الترشح للانتخابات وسيتحدد خلال الاجتماع الذي سيضم كافة الأحزاب تقرير ما إذا كان سيتم استبعاد من صدرت ضدهم لوائح اتهام جنائية كما أوصت مفوضية الانتخابات. وقال: «نواجه جماعات ضغط قوية تطالبنا بتقديم حق الرفض، لكن حزب المؤتمر (الحاكم) يجد الخطوة أكثر عملية من الناحية النسبية».

وقال خورشيد عن عزل نائب برلماني في دائرة انتخابية بها أكثر من 1.5 مليون ناخب، إنه يتعين جمع توقيعات من 50 إلى 100 ألف شخص قبل المصادقة عليها. وأضاف أن الوزارة انتهت من إعداد مذكرة حول الموضوع. وتابع: «سنكون سعداء لبدء مناقشات سياسية بشأن هذه القضية».

بيد أن الأحزاب السياسية منقسمة حول هذه القضية. ففي تقارب نادر، رفضت عدة أحزاب سياسية ذات آيديولوجيات مختلفة وبعض خصومها السياسيين الأكثر تشددا خلال اجتماع سري عقد مؤخرا مطلب «رفض- عزل» المرشحين والنواب، فالكثير يواجه مخاطر سياسية في الولايات الـ5 التي تستعد لعمليات اقتراع.

ورغم تأييد 54% من الهنود الذين شملهم استطلاع للرأي أجري مؤخرا لحق عزل الممثل البرلماني، فإن السياسيين الهنود لا تتوافر لديهم الرغبة في تسليح الناخبين بسلاح رفض أو إقالة مرشح، وهو المطلب الذي أيده الناشط المناهض للفساد، آنا هازاري.

وقال المتحدث باسم حزب المؤتمر الهندي، رشيد علوي، إن «الحق في عزل نائب البرلمان ليس عمليا في الهند. فنحن بشكل ما نملك الحق في عزل، فكل 5 سنوات يمكننا عزل المرشح. الشعب الهندي ذكي وهو يطيح بالحكومات التي لا تعجبه ويرفض النواب الذين لا يلبون طموحاته. وهو يقوم بذلك بشكل منتظم». وأضاف: «لا يمكن إبقاء سيف الشك مسلطا على رقاب كل أعضاء البرلمان أو أعضاء الجمعية التشريعية. (القانون المطروح) سيعيقهم عن العمل، وسينخرطون في معارك مع خصومهم السياسيين الذين لن يسمحوا أن يعيشوا في سلام منذ اليوم الأول لانتخابهم».

وقد انضم زعيم حزب بهاراتيا جاناتا، إل كي أدفاني، إلى السياسيين المعارضين لحق عزل النواب المنتخبين الذي اقترحه «فريق آنا»، مشيرا إلى أن ذلك سيثير حالة من الفوضى في البلاد، كما أنه لا يبدو عملانيا في بلد كبير مثل الهند.

بيد أن حزب جاناتا دال، المؤيد للمقترح أكد على ضرورة التفكير بشكل جاد في القضية. وقد أعلن زعيم الحزب والوزير الأول في ولاية بيهار نيتيش كومار، عن دعمه لمطلب «فريق آنا» بالحق في عزل النواب المنتخبين. وقال: «نحن دائما ما ندعم مطلب الحق بالعزل. وينبغي طرق كل الطرق الممكنة دستوريا لإدخال تعديلات كهذه».

بيد أن آرفيند كيريوال، عضو «فريق آنا»، قال متحدثا لـ«الشرق الأوسط»: «إن مفوضية الانتخابات وافقت على ألا تشمل كل ماكينات الاقتراع الإلكترونية هذا الخيار في الولايات الـ5 التي ستجرى فيها الانتخابات».

ورغم اعتقاد قادة الأحزاب السياسية الهندية والخبراء الدستوريين باستحالة تطبيق ذلك، فإن هناك مثالا على أن الخيار المطروح موجود في دول ديمقراطية أخرى. فقد وقعت أول حالة عزل لمسؤول منتخب عام 1911 لعمدة سياتل بالولايات المتحدة، وقد وقعت حالات مشابهة لنواب منتخبين في 9 ولايات أميركية. وكان أرنولد شوارزنيغر، الممثل الأميركي الشهير، قد اختير حاكما لولاية كاليفورنيا في عام 2003 في انتخابات عزل خاصة، وحل مكان غاري ديفيس حاكم الولاية آنذاك. وجدير بالذكر أن بعض الولايات الهندية مثل بيهار والبنجاب وماديا باراديش تحظى بحق عزل النواب المنتخبين لكن على مستوى مجالس القرى فقط.ش