دمشق تتحول ليلا إلى مدينة أشباح

بعد التفجيرات الأخيرة.. الخوف يمنع سكان العاصمة من الخروج

TT

تحولت شوارع العاصمة السورية دمشق ليلا إلى مدينة أشباح، بعد انتشار موجة من الخوف من أن تكون التفجيرات التي وقعت في الآونة الأخيرة وأسقطت قتلى نذيرا لمزيد من العنف. وهذا ما ترك شوارع المدينة الصاخبة ومقاهيها المزدحمة خالية وجعل سكانها يسارعون بالعودة إلى منازلهم. وقال صاحب متجر للملابس في شارع الحمرا بوسط دمشق «الناس توقفوا عن الشراء، ويمكن أن تمر أيام بلا زبون واحد.. بعد التفجيرين نغلق مبكرا.. فنحن لا نعلم متى سيستهدفون هذا الشارع». وبعد حلول الظلام تصبح شوارع وسط المدينة مهجورة وتغلق المتاجر وتختفي سيارات الأجرة. المقاهي الشهيرة مثل «هافانا» و«الروضة» حيث كان الزبائن يصطفون انتظارا لخلو مقعد باتت الآن خالية. ويغادر الموظفون أعمالهم مبكرا ويشعر أولياء الأمور بالقلق بشأن إرسال أبنائهم للمدارس. ويقول الكثير من السكان فيما بينهم إن المشاعر المناهضة للأسد في تزايد يذكيها الغضب من ارتفاع الأسعار والشعور المتنامي بعدم الاستقرار.

وقال سوري يعيش وسط العاصمة «على الرغم من الهدوء على السطح فإن الخوف منتشر في دمشق، تستطيع أن تشعر بالخوف والتوتر في وجوه الناس». وأضاف «تبدو المدينة كمدينة أشباح اعتبارا من السابعة مساء لا يخرج إلا القليل وهناك وجود أمني كبير، الوضع قاتم». وهزت 3 انفجارات العاصمة في الأسابيع الثلاثة الماضية مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى. وقال سكان إنهم يخشون من تفاقم العنف، وشكك البعض في ما قالته الحكومة عن أن جماعات مسلحة هي المسؤولة، حسب «رويترز».

وقال أحد سكان دمشق ويدعى عادل «أنا خائف الآن أكثر من قبل، لا أدري متى أو أين سيقع التفجير القادم». وأضاف «قد يقع تفجير في أي مكان الآن.. الناس لا يتزاورون كما اعتادوا ولا يتركون منازلهم إلا للضرورة». وقال غسان الذي يملك متجرا في دمشق إن الناس في حيه يعتقدون أن التفجيرين الأخيرين، وكانا وقعا يوم الجمعة، هما محاولة من السلطات لإثناء المحتجين المناهضين للأسد عن الخروج إلى الشوارع بعد صلاة الجمعة. وأضاف «يريدون ترويعنا». وبدأت آثار العقوبات الاقتصادية التي فرضها المجتمع الدولي تظهر وارتفعت أسعار الأغذية وسلع أخرى. ويحجم الناس عن الخروج إلا لشراء السلع الأساسية. وقالت نسرين التي تصطحب ابنتها إلى المدرسة يوميا منذ وقع التفجيران الأخيران «لم أعد أنعم براحة البال، بعد الانفجار الثاني لا أستطيع تناول الطعام أو النوم». وأضافت «نشعر أننا مستهدفون جميعا.. سواء من يدعمون الأسد أو من يعارضونه أو من لا ينحازون لأي من الطرفين».

ويحذر محللون من أن تصاعد أعمال العنف قد يدفع سوريا إلى حرب أهلية طائفية تضع الأغلبية السنية في مواجهة الأقلية العلوية التي ينتمي لها الأسد والتي تتكون منها النخبة الحاكمة.

ويشعر سكان العاصمة بالانقسام الطائفي بالفعل، وهذا ما أكدته أم عادل التي قالت «أعيش في مبنى يعيش فيه مسيحيون وعلويون وشيعة. توقفنا عن احتساء قهوة الصباح معا». واستدركت «لا نكره بعضنا البعض لكنني أعلم أن جارتي العلوية تخاف مني وتتجاهلني الآن. وأنا بدوري لا أحاول التحدث معها».

وعلى النقيض من مدن سورية أخرى لم تشهد دمشق حتى وقت قريب سوى بضعة احتجاجات ضد حكم الرئيس بشار الأسد. لكن التفجيرين الكبيرين اللذين وقعا في الأسبوعين الأخيرين وأسفرا عن سقوط 70 قتيلا على الأقل غيرّا الأوضاع في المدينة. وفي 23 ديسمبر (كانون الأول) قتل 44 شخصا على الأقل، فيما قالت السلطات إنهما تفجيران انتحاريان استهدفا مباني تابعة لأجهزة الأمن. وفي الأسبوع الماضي قتل انتحاري 26 شخصا في هجوم بتقاطع مزدحم في دمشق.