السلطات التركية والقبرصية تكتشف مواد عسكرية وأسلحة في طريقها لسوريا

تركيا تصادر 5 شاحنات إيرانية.. وقبرص تحتجز سفينة محملة بـ60 طنا من الذخائر

TT

كشف مسؤول في وزارة الخارجية التركية، أمس، عن أن «مسؤولي الجمارك في تركيا صادروا 4 شاحنات مسجلة في إيران للاشتباه بأنها تحمل مواد عسكرية إلى سوريا». وأكد المسؤول أنه «جرى توقيف الشاحنات في معبر كيليس الحدودي بين إيران وتركيا في وقت متأخر من ليل الثلاثاء (أول من أمس)، وذلك تم عقب تلقي بلاغ بأنها تحمل مواد عسكرية»، مشيرا إلى أنه «تم تفريغ الشاحنات وإرسال المواد المذكورة إلى العاصمة أنقرة لفحصها». غير أنه لم يكشف عن هذه المواد، وما إذا كان تم تصنيفها على أنها للاستخدامات العسكرية. كما أعلنت وكالة أنباء «الأناضول» في وقت لاحق أن «الجمارك التركية صادرت (أمس) شاحنة إيرانية خامسة بعدما صادرت 4 شاحنات ليل الثلاثاء يشتبه بأنها تحمل مواد عسكرية إلى سوريا».

ويأتي هذا الإجراء التركي تنفيذا لقرار الحكومة بفرض عقوبات واسعة النطاق على سوريا، ردا على إجراءات القمع من قبل قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد ضد المتظاهرين التي أسفرت عن مقتل أكثر من 6 آلاف شخص، وتشمل هذه العقوبات حظر إمداد سوريا بمواد تستخدم عسكريا وإنهاء التعاملات مع البنك المركزي السوري وتعليق اتفاقيات الائتمان.

إلى ذلك، نقلت الإذاعة القبرصية عن الناطق باسم الحكومة ستيفانوس ستيفانو أن «سفينة تحمل 60 طنا من الذخيرة كانت متجهة إلى مدينة اللاذقية السورية، ورست في ميناء قبرص أمس (الثلاثاء) بسبب ارتفاع مستوى الأمواج، وسيسمح لها بمغادرة قبرص بعد تقديم تطمينات لحكومة نيقوسيا بأنها ستغير وجهتها». وإذ رفض الناطق باسم الحكومة القبرصية التعليق على حمولة السفينة التي ذكرت إحدى الصحف أنها أبحرت من سان بطرسبورغ قبل نحو شهر، لم يحدد أسباب تغيير السفينة مسارها أو وجهتها الجديدة، وقال «إن السلطات ستكون في وضع يسمح بالكشف عن مزيد من المعلومات في وقت لاحق». أما صحيفة «بوليتيس» القبرصية، فقالت «إن السفينة تحمل ذخائر من أعيرة مختلفة وإن الجهة التي ستستقبلها هي وزارة الدفاع السورية». فيما أفادت صحيفة «سيمريني» بأن «التقارير الأولية تشير إلى أن السفينة كانت تحمل 35 طنا من المتفجرات والأسلحة والذخائر».

ومن جانبه علق الخبير العسكري الاستراتيجي اللبناني إلياس حنا على ضبط هذه الشحنات من الأسلحة، فرأى أن «هناك لغزا من وراء هذه الأسلحة ومصادرتها». وسأل في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «ما المغزى من إرسال هذه الأسلحة من إيران إلى سوريا عبر تركيا في ذروة الأزمة بين دمشق وأنقرة؟، وهل يمكن إرسال هذه الكميات عبر الأراضي التركية من دون إخطار السلطات التركية بها؟ وهل هذه الأسلحة مرسلة إلى حزب الله في لبنان، أم إلى غزة في فلسطين عبر سوريا؟ وماذا يفعل حزب الله بهذه الأسلحة وأين يضعها وهو يقول إن لديه أكثر من 45 ألف صاروخ؟». وقال «في اعتقادي فإن الدولة السورية ليست بحاجة اليوم إلى هذه الأسلحة وإلى الذخائر والمتفجرات، لأنها دولة تصنع ذخائر ومتفجرات». ولم يستبعد حنا أن «تكون هذه الأسلحة مجرد رسائل أو عمليات تمويه بحيث يسلط الضوء عليها في هذا المكان، في وقت يعمل على أمور أخرى في مكان آخر».

أما الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية العميد المتقاعد أمين حطيط (القريب جدا من النظام السوري)، فذكر بأن «العلاقة العسكرية بين إيران وسوريا ليست سرية، لأن هناك تحالفا استراتيجيا سياسيا وعسكريا غير مقنع بينهما، يستوجب تبادل الخبرات والدعم والمؤازرة». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «تزويد إيران لسوريا ببعض التقنيات والأسلحة ليس مسألة جديدة، فإيران ملتزمة أدبيا وتحالفيا وهي مستمرة بتمكين سوريا من زيادة قدراتها التسليحية والعسكرية، وتركيا تعلم ذلك وكانت ترى الأسلحة التي ترسل إما برا وإما جوا من إيران إلى سوريا وهذا ليس اكتشافا جديدا». وقال الخبير الاستراتيجي اللبناني «الجديد في الأمر أن تركيا التزمت العداء تجاه سوريا حيال حلف الأطلسي والمنظومة العربية والدولية وتشارك في التخطيط للإطاحة بالنظام السوري، لكن تركيا ترى نفسها مغلولة اليدين لأنها لا تستطيع إرسال جيشها إلى سوريا لأن ذلك يرتب حربا بينها وبين إيران، وهي تلقت رسائل بأن أي دخول عسكري تركي لبضعة أمتار إلى سوريا، سيؤدي إلى دخول الجيش الإيراني عشرات الكيلومترات إلى الأراضي التركية، وإطلاق صاروخ من تركيا نحو سوريا سيؤدي إلى إطلاق آلاف الصواريخ الإيرانية على الأراضي التركية». ولفت إلى أن «العقوبات الاقتصادية التي فرضتها أنقرة (على سوريا) كبدتها خسائر فادحة وبنتيجتها سيدفع (رئيس الوزراء التركي رجب طيب) أردوغان ثمنا سياسيا باهظا». ولفت إلى أن «انسداد أفق التدخل العسكري جعل تركيا أمام أمرين: الأول انخراطها بالعمل الأمني الخفي ضد سوريا عبر إيواء المنشقين والفارين من الجيش السوري والتعاون مع المسلحين، والثاني إعلامي سياسي مثل إيواء مجلس إسطنبول (المجلس الوطني السوري) ومده بالدعم المادي، رغم أنها (تركيا) لا تجرؤ على الاعتراف به حتى الآن»، مشددا على أن «سوريا لم تعد متضررة من قطع العلاقات مع تركيا لأنها استعاضت عن المعبر البري التركي بالمعبر العراقي، ما جعل أنقرة في عزلة وليس دمشق».