اللاذقية ثاني مدن الانتفاضة السورية تفتقد الحياة الاجتماعية والاقتصادية

معارض لـ «الشرق الأوسط» : النظام أوصل المدينة إلى احتقان مذهبي

TT

لا تزال مدينة اللاذقية الساحلية تحت مجهر النظام السوري، وتخضع لحصار أمني محكم ورقابة مشددة، وذلك لأسباب عدة، أولها أنها ثاني مدينة سوريا تنتفض ضد النظام بعد درعا، وثانيا لكون أبنائها هم طليعة من تجرأ على تحطيم تماثيل الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد ونجله الرئيس بشار الأسد، وثالثا بسبب الاختلاط السني العلوي لأبنائها، والاحتقان المذهبي التي الذي ولد من رحم الانتفاضة الشعبية على مدى الأشهر العشرة من عمرها.

وقد أعادت حادثة الاعتداء على وفد المراقبين العرب في اللاذقية قبل يومين هذه المدينة إلى دائرة الضوء، لتبدو أنها تعيش وضعا اجتماعيا واقتصاديا مذريا بفعل الحصار المفروض عليها. ويروي عضو «المجلس الوطني السوري» خالد كمال (ابن اللاذقية) أبرز محطات الثورة في اللاذقية منذ بداياتها وحتى الآن. فيقول لـ«الشرق الأوسط»: «نحن كنا أول من بدأ الثورة بعد درعا، حيث أطلقنا المظاهرات ومعنا بدأت حمص وبانياس، وللأسف على أثر تنظيم عدة مظاهرات داخل المدينة نزل العلويون من الجبل واشتبكوا منعا بالحجارة وما لبثوا أن فتحوا النار على المتظاهرين، مما أدى إلى وقوع مجزرة أودت بحياة سبعة أشخاص، وهذه المجزرة ارتكبها محمد شاليش، قريب الرئيس بشار الأسد، وكان معه حافظ الأسد نجل منذر الأسد، وكان أول شهيد في اللاذقية محمد بيازيد الذي أطلق عليه رصاص القناصة عندما كان يحاول إسقاط تمثال حافظ الأسد في المدينة».

ولفت كمال إلى أن «المجزرة الثانية حصلت في 30 آذار (مارس) 2010 بالتزامن مع إلقاء الرئيس بشار الأسد أول خطاب له بعد انطلاقة الثورة، وسقط فيها 17 شهيدا، تبعها عدة مجازر ارتكبتها قوات الأمن ضد المعتصمين في ساحة العلبي، وقدر عدد شهدائها بـ40، واستمر التوتر داخل المدينة إلى أن انتقلت المظاهرات إلى منطقة الرمل الجنوبي التي تحوي مخيم اللاجئين الفلسطينيين»، مشيرا إلى أن «قوات الأمن والشبيحة حاصرت منطقة الرمل وعزلتها عن المدينة، إلى أن حل شهر رمضان المبارك عندما اقتحمت القوات الأمنية والعسكرية المنطقة وجرى قصفها بالطائرات وعبر البوارج الحربية من البحر وبواسطة مدفعية الدبابات، وذلك على مدى ثلاثة أيام متتالية، وأدى إلى سقوط نحو 150 شهيدا، ولا تزال منطقة الرمل محاصرة بنحو 15 حاجزا أمنيا».

وأعلن كمال أن «حصار حي الرمل الجنوبي لم يثن مدينة اللاذقية عن الاستمرار في المظاهرات الطيارة التي تنطلق من المدارس والمساجد، وترافقت مع حملات الاعتقالات، واستفزاز الشباب واغتصاب النساء أمام أعين إخوتهم وأزواجهم المعتقلين داخل فرع الأمن السياسي من أجل إرغام هؤلاء على الاعتراف بالاتهامات المنسوبة إليهم».

وأوضح عضو المجلس الوطني، أن «الأحداث اليومية في اللاذقية لم تتوقف إلى أن وقعت حادثة الاعتداء على وفد المراقبين العرب قبل يومين بإطلاق النار عليهم من قبل الأمن والشبيحة، والتي أدت إلى إصابة عدد منهم بينهم ضابطان كويتيان بحالة خطرة، وبدلا من أن يسعفوا المصابين بدأوا يرقصون ويغنون بالقرب منهم، ثم كتبوا بدم المراقبين على سيارتهم (نحن الشبيحة رجالك يا بشار)، و(بشار الأسد إلى الأبد)». ووصف وضع اللاذقية الحالي بالمأساوي، خصوصا أن نحو نصف أهالي المدينة مهجر إلى تركيا والقسم الآخر لجأ إلى المناطق المجاورة، مما جعل الحياة الاقتصادية والاجتماعية شبه معدومة، لافتا إلى أن «هذا الوضع لا ينطق على المناطق الواقعة في محيط اللاذقية التي يقنطها العلويون، والتي تعيش حياة طبيعية»، معتبرا أن «أخطر ما في الأمر أن النظام أوصل المدينة ومحيطها إلى حالة من التعبئة المذهبية غير المسبوقة، فهو في الوقت الذي يضطهد المدينة التي يشكل سكانها من السنة ما نسبته 70 إلى 80 في المائة، تراه يلجأ إلى تسليح سكان الجبل من أبناء الطائفة العلوية الذين يهددوننا يوميا بالقتل والانتقام، ونحن نخشى هذه التهديدات وارتكاب المزيد من المجازر».

وأكد كمال أن «الحقد والكراهية ليست عند كل أبناء الطائفة العلوية، بل تنحصر بأقرباء الرئيس بشار الأسد والشبيحة والمستفيدين من النظام، وهناك قسم كبير من العلويين هم ضد هذا النظام، لكنهم لا يبدون رأيهم خوفا من أن يكون عقابهم أشد قسوة من عقابنا».

وكان الجيش السوري اقتحم في شهر أغسطس (آب) الماضي، مخيم الرمل للاجئين الفلسطينيين في مدينة اللاذقية، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى، وإلى نزوح آلاف الفلسطينيين، مما دفع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إلى الاحتجاج، وإعلانها أن أكثر من خمسة آلاف لاجئ فلسطيني فروا من مخيم الرمل في هذه المدينة إثر القصف الشديد الذي تعرضت له اللاذقية.